لوحة «زهور دوار الشمس» لفان غوخ ممنوعة من السفر

مدير متحف «فان غوخ»  في أمستردام أكسل روجر يعرض نتائج عملية الترميم التي أجريت على لوحة «زهور دوار الشمس» خلال مؤتمر صحافي بقسم الترميم في المتحف أمس (أ.ف.ب)
مدير متحف «فان غوخ» في أمستردام أكسل روجر يعرض نتائج عملية الترميم التي أجريت على لوحة «زهور دوار الشمس» خلال مؤتمر صحافي بقسم الترميم في المتحف أمس (أ.ف.ب)
TT

لوحة «زهور دوار الشمس» لفان غوخ ممنوعة من السفر

مدير متحف «فان غوخ»  في أمستردام أكسل روجر يعرض نتائج عملية الترميم التي أجريت على لوحة «زهور دوار الشمس» خلال مؤتمر صحافي بقسم الترميم في المتحف أمس (أ.ف.ب)
مدير متحف «فان غوخ» في أمستردام أكسل روجر يعرض نتائج عملية الترميم التي أجريت على لوحة «زهور دوار الشمس» خلال مؤتمر صحافي بقسم الترميم في المتحف أمس (أ.ف.ب)

لا يوجد سبب يدعو أي شخص إلى زيارة معرض فان غوخ سوى العشق التام لفن ذلك العبقري المجنون، فللفنان الهولندي فان غوخ قدرة على جذب البصر والحواس، وبث جرعات من المتعة في الناظر للوحاته عبر ضربات فرشاة سخية بالألوان والحركة والتموجات التي تعبر عن الفنان الممسك بالفرشاة ببلاغة تستعصي على الكلمات. وأن تقول لمحب لفن فان غوخ إن إحدى أهم لوحاته «زهور دوار الشمس» لن تغادر مسكنها الأصلي في متحف فان غوخ بأمستردام، فإن ذلك سيكون من الأنباء المؤسفة لمتذوق يعشق اللوحة ويتمنى رؤيتها في أي معرض عن فان غوخ خارج بلاده هولندا.
هذا ما نقلته أمس وكالات الأنباء، وأكدت قرار متحف فان غوخ بعدم إعارة اللوحة لأي معارض عالمية بسبب حالتها الواهنة. وكانت اللوحة قد خضعت لعملية فحص وبحث وترميم في معامل المتحف استمرت ستة أسابيع، وأسفرت البحوث عن حالة اللوحة التي لا تتحمل الانتقال والغربة عن بيتها في أمستردام بعد أن وصلت لعامها الـ130.
وذكر المتحف، أن اللوحة ستظل بالمتحف بأمستردام لنفع الأجيال القادمة، حسب ما قال مدير المتحف أكسل روجار لموقع «داتش نيوز»: «إحدى الملاحظات المهمة التي نتجت من فحص اللوحة هو أن طبقات اللون ثابتة، لكنها في حالة حساسة تجاه الذبذبات والتغيرات في درجة الرطوبة والحرارة». وأضاف: إن ذلك يعني تقليل حركة اللوحة على قدر الإمكان، وأن تعرض في مناخ مستقر «لتفادي أي مخاطر قد تطرأ، لقد قررنا أن لوحة (زهور دوار الشمس) لن تسافر مرة أخرى».
ورغم خيبة الأمل المنتظرة التي سيشعر بها محبو الفنون لمثل هذا الخبر، فإن علينا أن نتذكر أن اللوحة، وهي واحدة من سبع لوحات للموضوع نفسه رسمها فان غوخ، لم تتنقل كثيراً إلى معارض خارج المتحف، وأن عدد مرات إعارتها كانت ست مرات فقط على مدى 46 عاماً، وهي عمر المتحف، وكانت آخر مرة في عام 2014 عندما سافرت اللوحة إلى لندن لتعرض بجوار لوحة ثانية من سلسلة «دوار الشمس» في «ناشونال غاليري» بلندن.
غير أن الخبر المفرح هو أن اللوحة ستعرض في 22 من فبراير (شباط) المقبل بالمتحف في أمستردام لتأخذ مكانها بجانب شقيقاتها من السلسلة ذاتها في معرض بعنوان «فان غوخ وزهور دوار الشمس»، لكنها ستحظى بمعاملة خاصة، حيث ستوضع تحت إضاءة خافتة حفاظاً عليها. وسيقدم المعرض للجمهور أيضاً تفاصيل من الأبحاث التي أجريت على حالة اللوحة في مركز الترميم بالمتحف.
ومن نتائج عمليات الفحص التي قام بها خبراء الترميم بالمتحف وجد الفريق المزيد من التفاصيل حول نوعية المواد التي استخدمها فان غوخ مثل نوع قماش الكتان الذي رسم عليه كما أكدوا أنهم الآن أنهم على ثقة من أن فان غوخ اعتمد في رسم اللوحة (في يناير/كانون الثاني 1889) على لوحة سابقة من سلسلة «دوار الشمس» كان قد رسمها في العام السابق، وهي اللوحة التي تعرض حالياً بـ«ناشونال غاليري» بلندن.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.