قرية سند تمزج بين العمل الخيري والبهجة

ريعها للأطفال مرضى السرطان

الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية أثناء زيارته قرية سند
الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية أثناء زيارته قرية سند
TT

قرية سند تمزج بين العمل الخيري والبهجة

الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية أثناء زيارته قرية سند
الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية أثناء زيارته قرية سند

أطلقت جمعية دعم الأطفال المرضى بالسرطان (سند) في المنطقة الشرقية أول من أمس مشروع «قرية سند» الذي تسعى من خلاله إلى دعم الأطفال مرضى السرطان عبر تنظيم فعاليات ترفيهية يعود ريعها للمرضى.
وأوضحت نوف الدوسري المسؤولة الإدارية لجمعية سند بالمنطقة الشرقية لـ«الشرق الأوسط»، أن ريع قرية سند التي تتخذ من فناء الصالة الرياضية في الخبر مقرا لها، سيكون لصالح الأطفال مرضى السرطان، بما في ذلك قيمة إيجار الأركان وتذاكر الدخول وتذاكر الألعاب.
وأضافت أن نحو 50 جهة شاركت في أركان القرية من مقاه ومطاعم وعربات أطعمة وأركان مبيعات إلى جانب كرنفال الألعاب الذي ضم نحو 15 لعبة، وأركانا متنوعة للأطفال.
وقالت الدوسري: «نحرص على اختلاف الفعاليات التي ننظمها من وقت لآخر عمّا تقدمه بقية الجمعيات، إذ يهمنا خدمة الطفل المريض وتشمل خدماتنا أهالي المرضى كذلك، ومن هذا المنطلق نسعى دائما للابتكار، ولا نحب أن نثير مشاعر الحزن في الناس لكسب تبرعاتهم، بل نفضل الخروج بأفكار جديدة تُسعد الناس، وتدفعهم في الوقت نفسه لدعمنا والتبرع لنا وهم مبتهجون ومسرورون».
وتقدم جمعية سند خدمات اجتماعية وإيوائية للمحتاجين من مرضى السرطان وذويهم، كما تقدم برامج تعليمية وتثقيفية للمرضى وذويهم عن مرض السرطان الذي يصيب الأطفال وكيفية التعامل معه. لذا فهي تحرص على الداعمين وجهات التبرع، وهو ما ركزت عليه في قرية سند التي تضمنت كذلك جلسات شتوية جذبت الأسر عبر مجموعة خيام ومشبات للنار، تضفي على المكان طابع الدفء وتخفف على زوار القرية من قسوة برودة الشتاء، خصوصاً أن قرية سند تفتح أبوابها للزوار في الفترة المسائية فقط، من الرابعة عصراً حتى الحادية عشرة مساء.
يضاف لذلك مشاركة فريق دبابات هارلي في الشرقية بعروض مفتوحة للزوار، إلى جانب وجود مسرح يضم 3 فرق، بمعدل إقامة عرض كل ساعتين.
وأشارت الدوسري إلى أن أكثر من 100 متطوع ومتطوعة يشاركون في تنظيم الفعاليات بقرية سند، وهو ما يلفت زائر القرية الذي يجد الإرشادات والمساعدة من قبل المتطوعين في كل مكان. وتسعى جمعية دعم الأطفال المرضى بالسرطان «سند» إلى إيجاد بيئة داعمة للأطفال المرضى بالسرطان وتجنيد الموارد المساندة اللازمة لتحقيق الدعم لهم من خلال توظيف الموارد والخدمات المتميزة بكفاءة وفاعلية لتخفيف الآثار النفسية والاجتماعية على الأطفال وأسرهم.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».