إردوغان يهاجم صحافية تركية.. ويدعوها لالتزام بيتها

انتقاداته الجارحة تطال جميع منافسيه.. وآخر ضحاياه إحسان أوغلي

إردوغان يهاجم صحافية تركية.. ويدعوها لالتزام بيتها
TT

إردوغان يهاجم صحافية تركية.. ويدعوها لالتزام بيتها

إردوغان يهاجم صحافية تركية.. ويدعوها لالتزام بيتها

يسابق رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الوقت في تنقلاته بين المدن التركية سعيا لاجتذاب أصوات المؤيدين له في مسعاه لأن يكون أول رئيس تركي منتخب من قبل الشعب مباشرة في تاريخ الجمهورية التركية، لكن حدته في التعبير تجلب له المزيد من الانتقادات الدولية والمحلية.
وإردوغان المعروف بإجادته «لعبة الشعبية» يذهب بعيدا في تحقير منافسيه بطريقة كلامه الهجومية، والتي نالت الصحافية التركية أمبرين زمان نصيبها منه ليل أول من أمس عندما توجه إليها في إحدى لقاءاته الانتخابية، واصفا إياها بـ«الوقحة» وأمرها بـ«التزام مكانها» بعد أن وجهت إليه انتقادات قاسية على موقع «توتير» للتواصل الاجتماعي.
وفي تكتيكاته الانتخابية يتعمد إردوغان مهاجمة أشخاص معينين لإثارة الغبار قبل كل محطة انتخابية، وهو يتوجه إلى خصومه بالاسم، لتلي ذلك حملات من قبل مؤيديه على مواقع التواصل الاجتماعي. وغالبا ما تصل الأمور في الاتهامات الانتخابية إلى عتبة المحاكم التي تشهد دعاوى ودعاوى مضادة عند كل مفصل.
وقبل يومين من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التي يرجح فوزه فيها هاجم إردوغان بالاسم أمبرين زمان مراسلة مجلة «نيوزويك» الأميركية وصحيفة «طرف» التركية واتهمها بانتقاده خلال مناقشة تلفزيونية.
وقال رئيس الحكومة خلال لقاء عام في مالاتيا (شرق تركيا): «إنها ناشطة تتخذ هيئة الصحافية، إنها امرأة وقحة، الزمي مكانك». وأضاف محتدا: «لقد أعطوك قلما، وتكتبين مقالا افتتاحيا في صحيفة (..) وتهينين مجتمعا إسلاميا بنسبة 99 في المائة».
وردت عليه زمان في افتتاحيتها التي نشرتها الجمعة صحيفة «طرف»: «تهاجمون امرأة مسلمة لمجرد أنها تصفكم كما أنتم عليه لأن النساء مستهدفات، أليس كذلك؟».
وإردوغان معتاد على توجيه انتقادات علنية لوسائل الإعلام التركية وهو يتعرض لذلك لتنديد من المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة.
وسارعت إدارة مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية إلى الدفاع عن مراسلتها مشددة على أن عملها «جدير بالاحترام التام». وأعربت عن أسفها لأن «ممارسة مهنة الصحافة في تركيا ازدادت صعوبة تحت حكم إردوغان».
من جانبها، عدت دونيا مياتوفيتش، ممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أن سلوك إردوغان ينطوي على «ترهيب» و«تهديد لحرية الصحافة».
وكان إردوغان عمد خلال أحد لقاءاته الانتخابية إلى عرض فيلم للمرشح المنافس أكمل الدين إحسان أوغلي، متهما إياه بأنه لا يحسن إلقاء النشيد الوطني التركي.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»