السيستاني يدعو إلى إعادة إعمار المناطق المتضررة من «داعش»

استقبل الفريق الأممي لتوثيق جرائم التنظيم في العراق

رئيس فريق التحقيق الأممي بعد لقائه السيستاني في النجف أمس (أ.ف.ب)
رئيس فريق التحقيق الأممي بعد لقائه السيستاني في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

السيستاني يدعو إلى إعادة إعمار المناطق المتضررة من «داعش»

رئيس فريق التحقيق الأممي بعد لقائه السيستاني في النجف أمس (أ.ف.ب)
رئيس فريق التحقيق الأممي بعد لقائه السيستاني في النجف أمس (أ.ف.ب)

شدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، أمس، على ضرورة إعادة إعمار المناطق المتضررة التي احتلها تنظيم داعش بعد يونيو (حزيران) 2014، وتقع غالبيتها في محافظات نينوى، والأنبار، وصلاح الدين، وأجزاء واسعة من محافظتَي ديالى وكركوك.
وجاء تأكيد السيستاني بعد محادثات مع فريق الأمم المتحدة المكلّف التحقيق في جرائم «داعش» في العراق، الذي يترأسه المحامي البريطاني كريم خان، وترافقه الخبيرة القانونية نيكول الخوري. وطالب الفريق بـ«بذل مزيد من الاهتمام بالجرائم التي استهدفت الإيزيديين في سنجار، والمسيحيين في الموصل، والتركمان في تلعفر، ولا سيما جرائم سبي النساء وبيعهن واغتصابهن». ودعا المجتمع الدولي إلى مساعدة الحكومة في إعادة إعمار المناطق المتضررة، بحسب بيان نشره مكتبه.
ونقل البيان عن السيستاني، أنه «رحب بتشكيل هذا الفريق الأممي، وأكد أهمية توثيق جرائم (داعش)، كما تم توثيق جرائم النازيين، وضرورة محاسبة مرتكبيها وتعريف العالم بمدى خطورة هذه الفئة الإرهابية على الإنسانية عموماً». وشدد على «ضرورة الاهتمام بتطبيع الأوضاع في الأماكن التي تضررت بالحرب وإعادة النازحين إلى مناطقهم بعد إعمارها وتوفير الخدمات فيها، وهذا وإن كان واجب الحكومة العراقية، لكن على المجتمع الدولي مساعدتها في إنجازه».
وقال رئيس الفريق الأممي في مؤتمر صحافي: إن اللقاء «جاء لتوضيح عمل فريقنا، وكان إيجابياً». وأضاف: إن «السيستاني طالب بمعاملة معتقلي (داعش) بحسب الشريعة الإسلامية السمحاء والقانون»، لافتاً إلى أن فريقه شكّل «فريقاً مختصاً للجرائم ضد النساء، وستُحترم خصوصية المرأة وسرية قضيتها».
وكان مجلس الأمن الدولي شكّل في سبتمبر (أيلول) 2017، فريقاً للتحقيق في جرائم «داعش» وتوثيقها، وباشر الفريق عمله في العراق بعد نحو عام من تشكيله، من خلال جمع وحفظ الأدلة المتعلقة بارتكاب التنظيم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية محتملة.
ورحب عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق، علي البياتي، بلقاء المبعوث الأممي مع السيستاني، معتبراً أن «ضرورة ومهمة هدفها الحصول على دعم المرجع، باعتبار أن عمل فريق التحقيق الأممي لن يكون سهلاً وفي حاجة إلى دعم جميع الجهات العراقية».
وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط»: إن «مفوضية حقوق الإنسان العراقية أبدت استعدادها التام للتعاون مع الفريق الأممي منذ البداية، والفريق يتمتع بصلاحيات واسعة في جمع الأدلة وتوثيقها، ثم تأتي بعد ذلك عملية محاكمة عناصر (داعش) الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية في العراق».
واعتبر أن حاجة العراق إلى فريق كهذا «ماسة بسبب افتقار القوانين العراقية إلى مواد تتعلق بمحاسبة جرائم الحرب والإبادة الجماعية، فضلاً عن تورط أطراف دولية وإقليمية في ملف (داعش) ووجود معتقلين ومرتكبين لجرائم في العراق من مختلف الجنسيات العربية والعالمية».
ورأى أن «العمل على جرائم (داعش) ليس سهلاً وفي حاجة إلى تعاون الجميع. هناك موضوع المقابر الجماعية التي تزيد على 200 مقبرة، ومسألة فتحها وفق معايير دولية، والجزء الأهم في ذلك كله هو إنصاف الضحايا عبر محاكمة المجرمين، ثم تأتي بعد ذلك قضية تعويضهم».
وبالتزامن مع زيارة الوفد الأممي لتوثيق جرائم «داعش»، بحث وزير التخطيط العراقي، نوري صباح الدليمي، مع وفد من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)، أمس، ملف إعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة وإعمارها. ودعا إلى «تكاتف جميع الجهود الدولية من أجل زيادة الدعم المقدم للحكومة العراقية لتنفيذ مشروعات إعادة الاستقرار والإعمار، واستكمال ملف العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم المحررة». وأشار بيان للوزارة إلى أن الجانبين بحثا «ملفي إعادة الاستقرار والإعمار في المناطق المحررة، وفق محددات رؤية العراق للتنمية المستدامة 2030 التي قدمتها وزارة التخطيط».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.