تونس تحاكم 25 من قيادات تنظيم «أنصار الشريعة»

قدّموا أموالاً لعائلات ملاحقين في قضايا إرهاب

TT

تونس تحاكم 25 من قيادات تنظيم «أنصار الشريعة»

استنطقت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية 20 متهماً بالإرهاب من قيادات تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور والمصنف ضمن التنظيمات الإرهابية في تونس. ومن بين المتهمين شقيق سيف الله بن حسين المعروف باسم «أبو عياض التونسي» والإرهابية فاطمة الزواغي المكلفة بالجناح الإعلامي للتنظيم المحظور.
ووجهت المحكمة المختصة في النظر في القضايا الإرهابية إلى 25 متهماً (خمسة بحال إطلاق سراح و20 موقوفاً) تهمة تمويل عائلات تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور بعد الحصول على أموال من «أبو عياض» زعيم هذا التنظيم.
ولم ينكر المتهمون، خلال التحقيقات القضائية، حصولهم على أموال في مناسبات عدة بعضها بالعملة التونسية وبعضها الآخر باليورو، لكنهم نفوا عنهم تهمة تمويل عائلات وأفراد التنظيم الإرهابي وأكدوا أنهم حصلوا على أموال ولكن الغاية منها كانت إعانة ومساعدة العائلات الفقيرة والمحتاجة سواء من «أنصار الشريعة» أو غيرها.
وكشف حافظ بن حسين، شقيق زعيم تنظيم «أنصار الشريعة»، عن تلقيه الأموال في علب من الشوكولاتة والتمر وقوارير العطور، مؤكداً أن موظفة في أحد المصارف كانت تهاتفه وتقول له: «تعال إلى البنك عندك هدية» وأفاد بأنه يجهل مصدرها وكل ما يعرفه أنها موجهة إلى «العائلات الفقيرة»، على حد قوله. وأشار بن حسين إلى أن قيمة الأموال التي كان يحصل عليها في حدود 30 ألف دينار تونسي (نحو 10 آلاف دولار)، وإلى أنه كان يسلمها إلى الإرهابي أحمد العكرمي المسؤول عن جمع التبرعات في «أنصار الشريعة» لكنه لا يعلم ما كان يفعله بتلك الأموال.
وأكد العكرمي، من جهته، تسلّم أموال بالعملة الصعبة من شقيق «أبو عياض»، وذكر مبلغ 10 آلاف يورو ودفعة أخرى بـ5 آلاف يورو و7 آلاف دينار تونسي، وقد وزعها كلها على «العائلات الفقيرة والمحتاجة» من دون أن يكون على علم بأن «أبو عياض» هو الذي كان يرسل الأموال إليهم إثر فراره من تونس وتوجهه إلى ليبيا المجاورة.
وفي السياق ذاته، قال حسن بن بريك أحد الأصدقاء المقربين من «أبو عياض» إنه تسلّم أموالاً على دفعات من زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» من بينها 7 آلاف دينار تونسي سلّمها إلى عائلة الإرهابي سالم عاشور، كما مكّن أحد الأشخاص المنتمين إلى تيار إسلامي من مبلغ 6 آلاف دينار تونسي لفتح محل تجاري.
وباستجواب المتهمة فاطمة الزواغي المسؤولة عن الجناح الإعلامي في «أنصار الشريعة» عن علاقتها بالتنظيم وبقياداته الإرهابية وببقية التنظيمات الإرهابية على غرار كتيبة «عقبة بن نافع» الإرهابية التي يتحصن أفرادها في الجبال الغربية التونسية، أكدت أنها تعرفت على العنصر الإرهابي أكرم السحباني المنتمي إلى تلك الكتيبة وقد وعدها بالزواج وحثها على إنشاء صفحات إلكترونية لدعم التنظيم. لكنها نفت تواصلها مع عناصر إرهابية على غرار «أبو عياض» والإرهابي الجزائري خالد الشايب المعروف باسم «لقمان أبو صخر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم