أصيبت الرابطة الأدبية المعروفة PEN، وهي المنظمة العالمية التي تسهر على حقوق الكتاب وتدافع عن حرية التعبير في العالم، بانتكاسة عميقة مطلع هذا الأسبوع بسبب دعمها المطالب الكاتالونية بالاستقلال والانفصال عن إسبانيا، مما أثار موجة من الاستياء بين العديد من الكتاب بعد أن تبنت الهيئة المركزية للرابطة موقف الفرع الكاتالوني وطروحاته بشأن الأزمة الانفصالية بين كاتالونيا وإسبانيا.
لكن رد الفعل الأقسى جاء من الروائي وحامل جائزة نوبل للآداب ماريو فارغاس يوسا، الذي أعلن استقالته النهائية من الرابطة وأصدر بياناً شديد اللهجة ينتقد فيه «تزوير الحقائق وتشويه الواقع». ويُذكر أن فارغاس يوسا، المولود في بيرو ويعيش منذ سنوات في إسبانيا التي منحته جنسيتها، سبق له أن رأس الرابطة الدولية منذ عام 1977 إلى عام 1980 وكان، حتى استقالته، رئيساً فخرياً لها. وسبق لفارغاس يوسا أن فند مقالاً نُشر منذ أسبوعين على الموقع الشبكي لفرع الرابطة في الولايات المتحدة يشكك في حرية التعبير في إسبانيا.
وكانت الرابطة الدولية قد تبنت مطالب الفرع الكاتالوني بإطلاق سراح اثنين من الزعماء السياسيين الانفصاليين الكاتالونيين المعتقلين رهن المحاكمة قريباً بحجة أنهما كتاب. ورد فارغاس يوسا في بيان الاستقالة بقوله: «إن المعنيين لا علاقة لهما بالكتابة»، واعتبر أن مبادرة المدير التنفيذي للرابطة، الكاتالوني كارليس تورنير المعروف بتأييده للحركة الانفصالية، هي «عار على المنظمة التي تتبنى أكاذيب الفرع الكاتالوني الذي هو امتداد للحركة الانفصالية منذ سنوات، ويقود حملة دولية لتحريف الواقع السياسي والاجتماعي والفكري في كاتالونيا».
ومن بين الأصوات المعروفة التي احتجت على مبادرة الرابطة الكاتب المكسيكي أوميرو آريدجيس، الذي سبق له أيضاً أن رأس الرابطة، الذي رأى «أن المسألة طابعها سياسي وليست انتهاكاً لحرية التعبير أو قمعاً للكلمة». وأضاف: «إن الرابطة الدولية ليست معنية بهذه الأزمة»، مشيراً إلى أن الفرع المكسيكي كان من بين الفروع التي أيدت المبادرة، لكنه قال إن أحداً لم يستشره بهذا الشأن. وكان عدد من الكتاب في أميركا اللاتينية قد دافعوا عن مبادرة الرابطة لاعتبارهم أن ما يحصل في كاتالونيا ليس مسـألة محلية فحسب، بل هو «اعتداء على الحقوق المدنية من جانب الدولة الإسبانية».
وكانت رابطة الكتاب الإسبان قد انتقدت مبادرة الرابطة الدولية ودعتها إلى «استدراك الخطأ بتبني مواقف منحازة وغير موضوعية»، مشيرة إلى أن «إسبانيا ديمقراطية أوروبية راسخة تحظى باحترام الاتحاد الأوروبي وهي عضو في مجلس أوروبا»، وأن القضاء المحايد يحمي حرية التعبير ويوفر لها الحصانة في وجه التجاوزات الرسمية كما في كل البلدان الديمقراطية. واعتبرت الرابطة الإسبانية أن المبادرة المذكورة «تكشف عن جهل كبير بالواقع الإسباني، أو أنها تعكس إرادة صريحة لتبني مواقف الذين انتهكوا أحكام الدستور الإسباني»، وأنه لا يوجد في إسبانيا معتقل واحد بسبب آرائه السياسية أو الفكرية. ويواصل الزعيمان الانفصاليان اللذان تطالب الرابطة بإطلاق سراحهما التعبير عن آرائهما من السجن ويتحدثان إلى وسائل الإعلام بكل حرية.
وتجدر الإشارة إلى أن الرابطة العالمية للكتاب هي أقدم المنظمات الأدبية في العالم، تأسست في عام 1921 في لندن، مقرها الحالي، على يد جون غالسورثي الذي كان أول رئيس لها. وهي تنشط من أجل تعزيز أواصر الصداقة والتعاون الفكري بين الكتاب في كل أنحاء العالم. ومن بين الأدباء المشهورين الذين تولوا رئاستها البولندي جوزيف كونراد والآيرلندي برنارد شو والأميركي آرثر ميلر والإيطالي آلبرتو مورافيا والبيرواني فارغاس يوسا. ويرمز اسم الرابطة إلى عبارة PEN التي تعني ريشة بالإنجليزية وترمز إلى الفئات الأدبية الثلاث: الشعراء والكتاب والروائيين، Poets، Essaysts، Novelists.
وينضوي تحت الرابطة الدولية، التي تتخذ من العاصمة البريطانية مقراً لها، 145 فرعاً وطنياً في أكثر من مائة دولة، تعمل على تعزيز دور الأدب والكتابة من أجل التفاهم بين الثقافات والدفاع عن حرية التعبير للكتاب والصحافيين المهددين أو الملاحقين بسبب أفكارهم. وقد شكلت الرابطة في مطلع ستينات القرن الماضي لجنة خاصة بالدفاع عن الكتاب المعتقلين، تهتم بتقديم الدعم القانوني لهم ومتابعة قضاياهم لدى الجهات المختصة والمنظمات الدولية. وللرابطة صفة استشارية لدى منظمة اليونيسكو والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
ماريو فارغاس يوسا يستقيل من رابطة «القلم» الدولية
ماريو فارغاس يوسا يستقيل من رابطة «القلم» الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة