الأمم المتحدة: النمو الاقتصادي العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته

حذرت من تداعيات النزاعات التجارية والتغيّر المناخي

حذرت الأمم المتحدة من أن النمو العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته مشددة على أنه هش ويواجه مخاطر تلوح في الأفق (رويترز)
حذرت الأمم المتحدة من أن النمو العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته مشددة على أنه هش ويواجه مخاطر تلوح في الأفق (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: النمو الاقتصادي العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته

حذرت الأمم المتحدة من أن النمو العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته مشددة على أنه هش ويواجه مخاطر تلوح في الأفق (رويترز)
حذرت الأمم المتحدة من أن النمو العالمي «غير متساوٍ» وبلغ ذروته مشددة على أنه هش ويواجه مخاطر تلوح في الأفق (رويترز)

قالت الأمم المتحدة إنها تتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي 3 في المائة هذا العام وفي 2020، ما يقل قليلاً عن معدل نموه في 2018 البالغ 3.1 في المائة. لكن الأمم المتحدة ذكرت في تقرير توقعاتها الاقتصادية السنوية «الحالة الاقتصادية في العالم واحتمالاتها»، أن هناك حاجة لتحرك عاجل وملموس على صعيد السياسات لوضع العالم على المسار صوب تحقيق أهداف الأمم المتحدة في القضاء على الفقر بحلول 2030.
وتؤكد التوقعات أن الاقتصاد العالمي سيواصل نموه بوتيرة شبه ثابتة، لكن التقرير السنوي للأمم المتحدة يفيد بوجود مؤشرات إلى أن النمو قد وصل إلى ذروته. ويفيد التقرير الذي نشرته «إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية» بأن النمو الاقتصادي «غير متساوٍ، وغالباً ما يُفتقد في الدول الأكثر حاجة إليه».
وقال ريتشارد كوزول رايت، مدير شعبة العولمة واستراتيجيات التنمية لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد): «هناك كثير من الأضواء الصفراء التي تومض، وبعضها سيتحول على الأرجح إلى اللون الأحمر على مدى السنوات المقبلة، مع تداعيات لا يمكن التنبؤ بها... النمو هش، ولا تزال هناك ضبابية هائلة، والمخاطر تلوح في الأفق. لم نتخلص من تداعيات الأزمة المالية في 2008 - 2009. ما زلنا في وضع جديد غير معتاد».
وقال التقرير إن معدلات التوظيف ترتفع، لكن جودة الوظائف لا تزال منخفضة، وهناك حاجة إلى مستويات نمو اقتصادي أعلى كثيراً في أفريقيا لانتشال المواطنين من الفقر. ويعيش ما يربو على 700 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع، الذي جرى تحديده في عام 2011 عند 1.90 دولار في اليوم، من حيث تعادل القوة الشرائية، ونصفهم في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
وقال التقرير: «في أفريقيا، هناك حاجة لرفع النمو الاقتصادي إلى مستويات في خانة العشرات للوصول إلى معدلات خفض الفقر المستهدفة، أعلى بكثير من معدلات النمو المسجلة على مدى الخمسين عاماً الماضية».
وثمة مخاطر مرتبطة بتباطؤ النمو في ألمانيا والصين، والنظام المصرفي الإيطالي، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وحقيقة أن كاهل الاقتصاد العالمي ما زال مثقلاً بالديون بعد 10 سنوات على نشوب الأزمة المالية العالمية.
وحذّرت الأمم المتحدة من تداعيات النزاعات التجارية، والتغيّر المناخي، وتغليب المصالح الفردية في التصدي للمشكلات العالمية على النمو الاقتصادي العالمي.
وقال كبير الاقتصاديين في المنظّمة إليوت هاريس، إن النزاعات التجارية تظهر فقدان التأييد للمقاربات متعددة الأطراف، وتهدد إمكانات التصدي عالمياً لصدمات اقتصادية محتملة في المستقبل. وقال هاريس في مؤتمر صحافي: «ما نشهده هو ميل متزايد إلى الاهتمام بالذات أولاً بدلاً من التقيّد بإطار العمل التعاوني المشترك».
وسُجّل العام الماضي توتّر في العلاقات التجارية الأميركية - الصينية بعد أن زاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرسوم المفروضة على البضائع الصينية المستوردة إلى بلاده التي ألغت اتفاقيّة التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، وأقرت مكانها «الاتفاقية الاقتصادية الأميركية - المكسيكية - الكندية» بعد مفاوضات شاقة.
وفي موضوع المناخ، قال هاريس إن التحوّل إلى الاقتصادات المستدامة «لا يحدث بالسرعة اللازمة». وتابع أن التغيّر المناخي الذي اعتبر سابقاً تحدياً على المدى الطويل بات يشكّل حالياً «مخاطر على المدى القصير»، مشيراً إلى أن الظروف المناخية القصوى والكوارث البيئية قد ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصادات.
وتتوقع الأمم المتحدة تراجع النمو الأميركي من 2.5 في المائة في 2019 إلى 2 في المائة في 2020، مع تراجع زخم التحفيز الضريبي.
وتوقّع التقرير أن يحافظ الاتحاد الأوروبي على نمو ثابت نسبته 2 في المائة، لكنّه أشار إلى مخاطر حصول تباطؤ على خلفية تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). كذلك توقّع التقرير تراجع نمو الاقتصاد الصيني من 6.6 في المائة في 2018، إلى 6.3 في المائة في 2019، مقابل توقّعات بارتفاع طفيف للنمو في روسيا والبرازيل ونيجيريا.


مقالات ذات صلة

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

المشرق العربي أبو محمد الجولاني (أ.ب)

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.