«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

توقعات ببلوغه نحو 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
TT

«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)

أصبح الإسكان المشترك من الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية، وصار يجذب بعض الاستثمارات ذات الأهمية في الآونة الأخيرة. ووفقاً لدراسة أعدتها مؤسسة «ريدسير» الاستشارية، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار. ورغم ذلك، فإن شركة «كوهو» للإسكان المشترك الناشئة في نيودلهي تتوقع لهذه السوق النمو حتى تغطي 10 مليارات دولار.

ما هو الإسكان المشترك؟
تتعد أنماط الإسكان المشترك على النحو المعروف في المجتمع الهندي. ولكن في الآونة الأخيرة، صار معروفاً بأنه شكل من أشكال الإسكان المؤثث تحت إدارة الشركات العقارية التي توفر خدمات المساحات المعيشية المشتركة، وفق مجموعة معينة من المرافق ووسائل الإعاشة الأساسية. ويمكن للمساحات المعيشية أن تنضوي ضمن مجموعة من المباني السكنية، مثل الفيلات أو الشقق، ولكنها ترتكز جميعها على مساحات الإعاشة المشتركة مثل المطبخ، والصالة، ومساحة العمل، مع غرف النوم الخاصة أو المشتركة كذلك، ودورات المياه الداخلية.
وفي المعتاد، يغطي الإيجار الشهري خدمات تدبير شؤون المنزل، واستخدام الأجهزة الكهربائية، والاتصال بالإنترنت فائق السرعة، واللقاءات الأهلية، وخدمات الأمن، واشتراكات المرافق، ووجبة غذائية واحدة في اليوم على الأقل.
كما توفر بعض مساحات الإسكان المشترك أيضاً المناطق المزودة بالأجهزة الرياضية، وطاولات البلياردو، والمكتبات، واستخدام صالات الألعاب الرياضية، والمسابح. وفي العادة ما تكون القيمة الإيجارية التي يسددها العميل هي القيمة الأعلى مقارنة بخدمات الإسكان أو الإعاشة غير الخاضعة لتنظيم الشركات المختصة.
يقول مدثر زيدي، المدير التنفيذي لإقليم الشمال بشركة «نايت فرانك»، «إن القطاع المنظم يوفر المرافق المتعددة مثل خدمات الغسيل، والتنظيف، والصيانة، فإن الإعاشة والإقامة تبلغ قيمتها نحو 20 في المائة من قيمة الإيجار».
وفي الهند، استحدث مفهوم الإسكان المشترك اعتباراً من عام 2015. ووفقاً لدراسة أجرتها بوابة «ماجيك بريكس» العقارية، فإن قطاع الإسكان المشترك قد حقق نمواً كبيراً خلال السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية. ومن بين أبرز اللاعبين العقاريين العاملين في هذا القطاع الناشئ في البلاد هناك شركات: «نيست أواي، وأويو ليفينغ، وزيفي هومز، وستاي أدوب، وسيمبلي غيست، وبلاشيو، ويور أون رووم، ورينت ماي ستاي، وكوهو، وكوليف، وستانزا ليفينغ، وكويكر، وزولو».
وقال إنوج بوري الرئيس التنفيذي لشركة «أناروك» للاستشارات العقارية، «يتجاوز مفهوم الإسكان المشترك الاتفاق المجرد على مشاركة المبيت والإفطار. فإن هذه المساحات الممنوحة توفر قدراً من الراحة وأسلوباً جديداً للغاية من الحياة للعاملين المحترفين من الشباب».
ومع ذلك، تعتبر خيارات الإسكان المشترك متاحة في المدن الهندية الرئيسية مثل بنغالورو، ومومباي، ودلهي، وغورغاون، وشيناني، وبيون، وغيرها. كما أن الطلب على الإسكان المشترك أصبح ينتقل على نحو تدريجي إلى مدن الصف الثاني الهندية.

أسباب نجاح تجربة الإسكان المشترك؟
وفقاً لتقرير مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان الإيجاري في الهند أن تبلغ 20 مليار دولار، إذ تبلغ القيمة الإجمالية للمساحات الحضرية القابلة للإيجار المشترك نحو 13.5 مليار دولار. كما أن الهند تعتبر موطناً لأكبر عدد من الشباب في العالم، وواحد من كل ثلاثة منهم هو من المهاجرين.
ويمكن للمستأجرين سداد القيم الإيجارية عبر الإنترنت، وطلب الحصول على خدمات الصيانة والإصلاح من خلال تطبيقات الشركات العقارية الناشئة العاملة في هذا المجال. ولمواكبة المرونة الفائقة التي يتسم بها أسلوب الحياة في الألفية الحالية، سمحت الشركات العقارية الناشئة للمستأجرين بتحديد قوائم الوجبات الغذائية الأسبوعية كذلك.
انتقل راجا شيماسوخا إلى مدينة غورغاون الهندية مؤخراً، وعندما قاده بحثه على الإنترنت إلى موقع شركة «زولوستاي» العقارية التي توفر مساحات الإسكان الإيجاري المشترك للشباب انتابه ذهول ومفاجأة سارة للغاية.
وقال راجا عن تجربته تلك: «عندما دخلت المنزل للمرة الأولى ظننت أنه فندق. وكان المكان يوحي بجولة ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت مع إدخال بيانات بيومترية عن المدخل. ولم تكن غرفته مؤثثة بالكامل ومتصلة بشبكة الإنترنت فحسب، وإنما شمل الاتفاق أيضاً الاتصال المجاني بالإنترنت، وخدمات الإرسال المباشر، وتدبير شؤون المنزل، مع التغيير الأسبوعي لأغطية الأسرة، وفريق الإصلاح والصيانة الذي يمكن استدعاؤه عبر التطبيق الإلكتروني. كما تتاح هناك ماكينة القهوة والشاي المجانية في غرفة المؤن».
وأحرزت شركة «زولوستاي» للإسكان المشترك نمواً مطرداً بنسبة 800 في المائة؛ من 2000 سرير إلى 16 ألف سرير، ضمن 157 عقاراً خاضعاً لإدارة الشركة خلال العامين الماضيين، وتستهدف الشركة الوصول إلى 50 ألف سرير بحلول منتصف العام الحالي.
يقول نيخيل سيكري المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية، «لم يعد شراء المنازل هو الهدف الأساسي لشباب الألفية الحالية كما كانت الحال قديماً»، وهو يقدر لسوق الإسكان المشترك الهندي أن تصل إلى 40 أو 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وفي واقع الأمر، وخلال الاثني عشر شهراً الماضية، تضاعفت عائدات شركة «كويكر» العقارية الهندية ثلاث مرات، وفقاً لتصريحات كوو أتول تيواري مدير الشركة، الذي أضاف: «في السنة المالية 2017 - 2018، كان إجمالي أعمال الشركة يحقق إيرادات بمعدل تشغيل سنوي يبلغ 50 مليون دولار، حيث بلغت نسبة الإشغالات العقارية نحو 35 في المائة. ومنح شباب الألفية الجديدة لفكرة الإسكان المشترك زخماً كبيراً، ونتيجة لذلك تمكنت شركة (كويكر هومز) من خلال الاستحواذ على شركة (غرابهاوس) من تطوير المنصة العقارية من 800 مستأجر إلى أكثر من 800 ألف مستأجر في غضون عامين فقط. وبصرف النظر عن الأفراد، فإننا نشهد أيضا تزايداً في الطلب من المؤسسات التعليمية والشركات لتوفير خدمات الإعاشة لموظفيهم في مدن دلهي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد».
ويعد نموذج الأعمال لشركات الإسكان المشترك الناشئة بسيطاً للغاية. إذ يمكن للشركة العقارية المعنية الاستحواذ على عقار بطريق الإيجار الفرعي (من الباطن)، وإدارته لتوفير خدمات الإعاشة للطلاب على سبيل المثال. ويمكن للشركة أيضاً بناء العقار وتشغيله بالكامل، أو يمكنها الاستحواذ عليه بأسلوب الإيجار طويل الأجل ومشاركة القيم الإيجارية المتحصل عليها مع المالك الأصلي للعقار. وفي غالب الأحيان، تستحوذ الشركة على المبنى المقصود بأكمله، ثم تعيد تأهيل وتأثيث المساحات الداخلية بالكامل بهدف إنشاء المساحات الخاصة والعامة لخدمة المستأجرين.
يقول أماريندرا ساهو، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «نيست أواي تكنولوجيز» لتأجير المنازل، «تهدف مساحات الإعاشة المشتركة إلى طرح الحلول لمشكلة تدفق الناس إلى المدن من أجل العمل، وتغطي الشركة سلسلة كاملة من احتياجات الإسكان من خلال تقديم منتجات ذات قيم إيجارية مختلفة بناء على مقدرة تحمل التكاليف والوضع الراهن لكل عميل. وتوجد عقارات الشركة في أماكن ملائمة أقرب ما تكون إلى أماكن العمل أو الدراسة للمستأجرين».
وفي الآونة الراهنة، هناك حافظة إيجار عقارية لدى شركة «نيست أواي تكنولوجيز» تقدر بنحو 16.8 مليون قدم مربع في مدن: بنغالورو، ودلهي، وغورغاون، وبيون، وحيدر آباد، وغازي آباد، ومومباي. وتحصل الشركة أكثر من 4 ملايين دولار من الإيجارات الشهرية.
وأشارت دراسة شركة «نايت فرانك» العقارية الهندية بشأن الإسكان المشترك إلى أن 72 في المائة من جيل الألفية (بين 18 على 23 عاماً) قد منحوا الإسكان المشترك أفضل التقييمات، وأعربت نسبة 55 في المائة ممن شملتهم الدراسة أنهم على استعداد للاستفادة من هذه الخدمات مراراً وتكراراً. وأجريت الدراسة المذكورة في المدن الهندية الكبرى مثل مومباي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد، وحصلت الدراسة على استجابات موسعة من شريحة كبيرة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً.
وراجع ديراج موهان، البالغ من العمر 23 عاماً، مختلف الخيارات المتاحة في مدينة غورغاون قبل أن يختار الاستفادة من خدمات شركة «كوهو»، وقال عن تجربته تلك: «لا داعي للقلق بشأن الطعام، فإن جميع الأجهزة الكهربائية تعمل بشكل جيد. وهناك ديكورات داخلية جميلة، ومرونة فائقة في التعامل. وعندما كان رفيق غرفتي السابق غير مرتاح بشأن مكيف الهواء ليلاً، تم ترتيب تغيير الغرفة له فوراً، ومن دون أي متاعب تذكر».
تتنوع الثقافات كثيراً داخل مساحات المعيشة المشتركة. ويقول أثيكونتي وبوكارنا، مؤسسي شركة «سيمبلي غيست» للخدمات العقارية، «لدينا مجموعة واسعة ومتنوعة من المستأجرين: من العزاب، والأمهات، ومتوسطي العمر، والأزواج. ويمكن للمقيمين لدينا الاعتماد على شبكة الطهاة في الشركة، ولقد ارتبطنا خدمياً مع شبكة توصيل الوجبات للمنازل، ويمكن لهم طلب أي وجبة في أي وقت والاستفادة من نظام تقاسم النفقات المدمج ومشاركة النفقات مع شركاء آخرين مقيمين في العقار نفسه».

الأثر العقاري والاستثمارات الضخمة
في حين أن الكثير من شركات الإسكان المشترك الناشئة تتفاوض مباشرة مع أصحاب المنازل من أجل إدارة ممتلكاتهم العقارية، هناك أيضاً بعض الشركات لديها ارتباطات أخرى مع شركات التطوير العقاري الكبيرة. يقول نيخيل سيكري المدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية: «على الصعيد العالمي، توفر العقارات الإسكانية عائدات جيدة للغاية للشركات، ويجري استغلال نحو 60 في المائة من إجمالي الأصول في ترتيب الفرص الإيجارية تحت أنظمة مالية مختلفة ومتنوعة».
وبلغ متوسط العائد النموذجي للعقارات السكنية 1.5 إلى 3 نقاط مئوية، وتوفر مساحات الإسكان المشترك أعلى العائدات في هذا المجال وصولاً إلى نسبة 8 إلى 12 في المائة لصالح ملاك الأصول العقارية المستأجرة. وتمهد حقيقة كهذه الطريق لفئة الأصول الجديدة في الاستثمارات العقارية. ومن المثير للاهتمام، أنه يمكن لمساحات الإسكان المشترك أن تعمل على تخفيض متوسط تكلفة المعيشة السنوية للمستهلكين بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة في ظل الاستفادة المثلى من العقارات ووفورات الحجم الاقتصادي. وجذبت العائدات المزيد من الاهتمام لدى المطورين العقاريين وكبار المستثمرين. وبعد انهيار صناعة الفنادق ذات الميزانية المحدودة، ترغب ثاني أكبر شركة ناشئة في الهند في الاستفادة القصوى من قطاع الإسكان المشترك.
وقالت شركة «أويو» للضيافة، التي حصلت على مليار دولار من «سوفت بنك» الياباني وغيره من المستثمرين الشهر الماضي إثر تقييمها الذي بلغ 5 مليارات دولار، إنها تعتزم تقديم مساحات إسكانية بنظام الإدارة الكاملة. وسوف تطلق الشركة على النظام الجديد اسم «أويو إيفينغ»، وسوف يستهدف بالأساس فئة الموظفين المحترفين والطلاب. وأعلنت شركة «زولو» لحلول الإسكان المشترك أنها أصبحت أكبر العلامات التجارية الهندية في ذلك القطاع في البلاد، مع 10 آلاف سرير «لايف» و50 ألف سرير «عادي» تحت الطلب لخدمات العام المقبل. وحققت شركة «زولو»، التي تقدم مساحات الإسكان المشترك للموظفين المحترفين والطلاب، 30 مليون دولار من جولة التمويل التي أشرفت عليها شركة «نيكزس فينتشر وشركاه» وشركة «آي دي إف سي» الاستشارية.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»