«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

توقعات ببلوغه نحو 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
TT

«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)

أصبح الإسكان المشترك من الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية، وصار يجذب بعض الاستثمارات ذات الأهمية في الآونة الأخيرة. ووفقاً لدراسة أعدتها مؤسسة «ريدسير» الاستشارية، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار. ورغم ذلك، فإن شركة «كوهو» للإسكان المشترك الناشئة في نيودلهي تتوقع لهذه السوق النمو حتى تغطي 10 مليارات دولار.

ما هو الإسكان المشترك؟
تتعد أنماط الإسكان المشترك على النحو المعروف في المجتمع الهندي. ولكن في الآونة الأخيرة، صار معروفاً بأنه شكل من أشكال الإسكان المؤثث تحت إدارة الشركات العقارية التي توفر خدمات المساحات المعيشية المشتركة، وفق مجموعة معينة من المرافق ووسائل الإعاشة الأساسية. ويمكن للمساحات المعيشية أن تنضوي ضمن مجموعة من المباني السكنية، مثل الفيلات أو الشقق، ولكنها ترتكز جميعها على مساحات الإعاشة المشتركة مثل المطبخ، والصالة، ومساحة العمل، مع غرف النوم الخاصة أو المشتركة كذلك، ودورات المياه الداخلية.
وفي المعتاد، يغطي الإيجار الشهري خدمات تدبير شؤون المنزل، واستخدام الأجهزة الكهربائية، والاتصال بالإنترنت فائق السرعة، واللقاءات الأهلية، وخدمات الأمن، واشتراكات المرافق، ووجبة غذائية واحدة في اليوم على الأقل.
كما توفر بعض مساحات الإسكان المشترك أيضاً المناطق المزودة بالأجهزة الرياضية، وطاولات البلياردو، والمكتبات، واستخدام صالات الألعاب الرياضية، والمسابح. وفي العادة ما تكون القيمة الإيجارية التي يسددها العميل هي القيمة الأعلى مقارنة بخدمات الإسكان أو الإعاشة غير الخاضعة لتنظيم الشركات المختصة.
يقول مدثر زيدي، المدير التنفيذي لإقليم الشمال بشركة «نايت فرانك»، «إن القطاع المنظم يوفر المرافق المتعددة مثل خدمات الغسيل، والتنظيف، والصيانة، فإن الإعاشة والإقامة تبلغ قيمتها نحو 20 في المائة من قيمة الإيجار».
وفي الهند، استحدث مفهوم الإسكان المشترك اعتباراً من عام 2015. ووفقاً لدراسة أجرتها بوابة «ماجيك بريكس» العقارية، فإن قطاع الإسكان المشترك قد حقق نمواً كبيراً خلال السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية. ومن بين أبرز اللاعبين العقاريين العاملين في هذا القطاع الناشئ في البلاد هناك شركات: «نيست أواي، وأويو ليفينغ، وزيفي هومز، وستاي أدوب، وسيمبلي غيست، وبلاشيو، ويور أون رووم، ورينت ماي ستاي، وكوهو، وكوليف، وستانزا ليفينغ، وكويكر، وزولو».
وقال إنوج بوري الرئيس التنفيذي لشركة «أناروك» للاستشارات العقارية، «يتجاوز مفهوم الإسكان المشترك الاتفاق المجرد على مشاركة المبيت والإفطار. فإن هذه المساحات الممنوحة توفر قدراً من الراحة وأسلوباً جديداً للغاية من الحياة للعاملين المحترفين من الشباب».
ومع ذلك، تعتبر خيارات الإسكان المشترك متاحة في المدن الهندية الرئيسية مثل بنغالورو، ومومباي، ودلهي، وغورغاون، وشيناني، وبيون، وغيرها. كما أن الطلب على الإسكان المشترك أصبح ينتقل على نحو تدريجي إلى مدن الصف الثاني الهندية.

أسباب نجاح تجربة الإسكان المشترك؟
وفقاً لتقرير مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان الإيجاري في الهند أن تبلغ 20 مليار دولار، إذ تبلغ القيمة الإجمالية للمساحات الحضرية القابلة للإيجار المشترك نحو 13.5 مليار دولار. كما أن الهند تعتبر موطناً لأكبر عدد من الشباب في العالم، وواحد من كل ثلاثة منهم هو من المهاجرين.
ويمكن للمستأجرين سداد القيم الإيجارية عبر الإنترنت، وطلب الحصول على خدمات الصيانة والإصلاح من خلال تطبيقات الشركات العقارية الناشئة العاملة في هذا المجال. ولمواكبة المرونة الفائقة التي يتسم بها أسلوب الحياة في الألفية الحالية، سمحت الشركات العقارية الناشئة للمستأجرين بتحديد قوائم الوجبات الغذائية الأسبوعية كذلك.
انتقل راجا شيماسوخا إلى مدينة غورغاون الهندية مؤخراً، وعندما قاده بحثه على الإنترنت إلى موقع شركة «زولوستاي» العقارية التي توفر مساحات الإسكان الإيجاري المشترك للشباب انتابه ذهول ومفاجأة سارة للغاية.
وقال راجا عن تجربته تلك: «عندما دخلت المنزل للمرة الأولى ظننت أنه فندق. وكان المكان يوحي بجولة ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت مع إدخال بيانات بيومترية عن المدخل. ولم تكن غرفته مؤثثة بالكامل ومتصلة بشبكة الإنترنت فحسب، وإنما شمل الاتفاق أيضاً الاتصال المجاني بالإنترنت، وخدمات الإرسال المباشر، وتدبير شؤون المنزل، مع التغيير الأسبوعي لأغطية الأسرة، وفريق الإصلاح والصيانة الذي يمكن استدعاؤه عبر التطبيق الإلكتروني. كما تتاح هناك ماكينة القهوة والشاي المجانية في غرفة المؤن».
وأحرزت شركة «زولوستاي» للإسكان المشترك نمواً مطرداً بنسبة 800 في المائة؛ من 2000 سرير إلى 16 ألف سرير، ضمن 157 عقاراً خاضعاً لإدارة الشركة خلال العامين الماضيين، وتستهدف الشركة الوصول إلى 50 ألف سرير بحلول منتصف العام الحالي.
يقول نيخيل سيكري المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية، «لم يعد شراء المنازل هو الهدف الأساسي لشباب الألفية الحالية كما كانت الحال قديماً»، وهو يقدر لسوق الإسكان المشترك الهندي أن تصل إلى 40 أو 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وفي واقع الأمر، وخلال الاثني عشر شهراً الماضية، تضاعفت عائدات شركة «كويكر» العقارية الهندية ثلاث مرات، وفقاً لتصريحات كوو أتول تيواري مدير الشركة، الذي أضاف: «في السنة المالية 2017 - 2018، كان إجمالي أعمال الشركة يحقق إيرادات بمعدل تشغيل سنوي يبلغ 50 مليون دولار، حيث بلغت نسبة الإشغالات العقارية نحو 35 في المائة. ومنح شباب الألفية الجديدة لفكرة الإسكان المشترك زخماً كبيراً، ونتيجة لذلك تمكنت شركة (كويكر هومز) من خلال الاستحواذ على شركة (غرابهاوس) من تطوير المنصة العقارية من 800 مستأجر إلى أكثر من 800 ألف مستأجر في غضون عامين فقط. وبصرف النظر عن الأفراد، فإننا نشهد أيضا تزايداً في الطلب من المؤسسات التعليمية والشركات لتوفير خدمات الإعاشة لموظفيهم في مدن دلهي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد».
ويعد نموذج الأعمال لشركات الإسكان المشترك الناشئة بسيطاً للغاية. إذ يمكن للشركة العقارية المعنية الاستحواذ على عقار بطريق الإيجار الفرعي (من الباطن)، وإدارته لتوفير خدمات الإعاشة للطلاب على سبيل المثال. ويمكن للشركة أيضاً بناء العقار وتشغيله بالكامل، أو يمكنها الاستحواذ عليه بأسلوب الإيجار طويل الأجل ومشاركة القيم الإيجارية المتحصل عليها مع المالك الأصلي للعقار. وفي غالب الأحيان، تستحوذ الشركة على المبنى المقصود بأكمله، ثم تعيد تأهيل وتأثيث المساحات الداخلية بالكامل بهدف إنشاء المساحات الخاصة والعامة لخدمة المستأجرين.
يقول أماريندرا ساهو، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «نيست أواي تكنولوجيز» لتأجير المنازل، «تهدف مساحات الإعاشة المشتركة إلى طرح الحلول لمشكلة تدفق الناس إلى المدن من أجل العمل، وتغطي الشركة سلسلة كاملة من احتياجات الإسكان من خلال تقديم منتجات ذات قيم إيجارية مختلفة بناء على مقدرة تحمل التكاليف والوضع الراهن لكل عميل. وتوجد عقارات الشركة في أماكن ملائمة أقرب ما تكون إلى أماكن العمل أو الدراسة للمستأجرين».
وفي الآونة الراهنة، هناك حافظة إيجار عقارية لدى شركة «نيست أواي تكنولوجيز» تقدر بنحو 16.8 مليون قدم مربع في مدن: بنغالورو، ودلهي، وغورغاون، وبيون، وحيدر آباد، وغازي آباد، ومومباي. وتحصل الشركة أكثر من 4 ملايين دولار من الإيجارات الشهرية.
وأشارت دراسة شركة «نايت فرانك» العقارية الهندية بشأن الإسكان المشترك إلى أن 72 في المائة من جيل الألفية (بين 18 على 23 عاماً) قد منحوا الإسكان المشترك أفضل التقييمات، وأعربت نسبة 55 في المائة ممن شملتهم الدراسة أنهم على استعداد للاستفادة من هذه الخدمات مراراً وتكراراً. وأجريت الدراسة المذكورة في المدن الهندية الكبرى مثل مومباي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد، وحصلت الدراسة على استجابات موسعة من شريحة كبيرة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً.
وراجع ديراج موهان، البالغ من العمر 23 عاماً، مختلف الخيارات المتاحة في مدينة غورغاون قبل أن يختار الاستفادة من خدمات شركة «كوهو»، وقال عن تجربته تلك: «لا داعي للقلق بشأن الطعام، فإن جميع الأجهزة الكهربائية تعمل بشكل جيد. وهناك ديكورات داخلية جميلة، ومرونة فائقة في التعامل. وعندما كان رفيق غرفتي السابق غير مرتاح بشأن مكيف الهواء ليلاً، تم ترتيب تغيير الغرفة له فوراً، ومن دون أي متاعب تذكر».
تتنوع الثقافات كثيراً داخل مساحات المعيشة المشتركة. ويقول أثيكونتي وبوكارنا، مؤسسي شركة «سيمبلي غيست» للخدمات العقارية، «لدينا مجموعة واسعة ومتنوعة من المستأجرين: من العزاب، والأمهات، ومتوسطي العمر، والأزواج. ويمكن للمقيمين لدينا الاعتماد على شبكة الطهاة في الشركة، ولقد ارتبطنا خدمياً مع شبكة توصيل الوجبات للمنازل، ويمكن لهم طلب أي وجبة في أي وقت والاستفادة من نظام تقاسم النفقات المدمج ومشاركة النفقات مع شركاء آخرين مقيمين في العقار نفسه».

الأثر العقاري والاستثمارات الضخمة
في حين أن الكثير من شركات الإسكان المشترك الناشئة تتفاوض مباشرة مع أصحاب المنازل من أجل إدارة ممتلكاتهم العقارية، هناك أيضاً بعض الشركات لديها ارتباطات أخرى مع شركات التطوير العقاري الكبيرة. يقول نيخيل سيكري المدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية: «على الصعيد العالمي، توفر العقارات الإسكانية عائدات جيدة للغاية للشركات، ويجري استغلال نحو 60 في المائة من إجمالي الأصول في ترتيب الفرص الإيجارية تحت أنظمة مالية مختلفة ومتنوعة».
وبلغ متوسط العائد النموذجي للعقارات السكنية 1.5 إلى 3 نقاط مئوية، وتوفر مساحات الإسكان المشترك أعلى العائدات في هذا المجال وصولاً إلى نسبة 8 إلى 12 في المائة لصالح ملاك الأصول العقارية المستأجرة. وتمهد حقيقة كهذه الطريق لفئة الأصول الجديدة في الاستثمارات العقارية. ومن المثير للاهتمام، أنه يمكن لمساحات الإسكان المشترك أن تعمل على تخفيض متوسط تكلفة المعيشة السنوية للمستهلكين بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة في ظل الاستفادة المثلى من العقارات ووفورات الحجم الاقتصادي. وجذبت العائدات المزيد من الاهتمام لدى المطورين العقاريين وكبار المستثمرين. وبعد انهيار صناعة الفنادق ذات الميزانية المحدودة، ترغب ثاني أكبر شركة ناشئة في الهند في الاستفادة القصوى من قطاع الإسكان المشترك.
وقالت شركة «أويو» للضيافة، التي حصلت على مليار دولار من «سوفت بنك» الياباني وغيره من المستثمرين الشهر الماضي إثر تقييمها الذي بلغ 5 مليارات دولار، إنها تعتزم تقديم مساحات إسكانية بنظام الإدارة الكاملة. وسوف تطلق الشركة على النظام الجديد اسم «أويو إيفينغ»، وسوف يستهدف بالأساس فئة الموظفين المحترفين والطلاب. وأعلنت شركة «زولو» لحلول الإسكان المشترك أنها أصبحت أكبر العلامات التجارية الهندية في ذلك القطاع في البلاد، مع 10 آلاف سرير «لايف» و50 ألف سرير «عادي» تحت الطلب لخدمات العام المقبل. وحققت شركة «زولو»، التي تقدم مساحات الإسكان المشترك للموظفين المحترفين والطلاب، 30 مليون دولار من جولة التمويل التي أشرفت عليها شركة «نيكزس فينتشر وشركاه» وشركة «آي دي إف سي» الاستشارية.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.