عون يقترح تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية

وزير المالية السعودي يجدد الاقتراح بدمج القمتين الاقتصادية والسياسية

وزير المالية السعودي محمد الجدعان والوفد المرافق له في القمة الاقتصادية أمس (أ.ب)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان والوفد المرافق له في القمة الاقتصادية أمس (أ.ب)
TT

عون يقترح تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية

وزير المالية السعودي محمد الجدعان والوفد المرافق له في القمة الاقتصادية أمس (أ.ب)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان والوفد المرافق له في القمة الاقتصادية أمس (أ.ب)

طرحت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت أمس، التحديات العربية في كل المجالات والتي انعكست أيضا في إعلان بيروت والقرارات التي صدرت عن القمة التي اختتمت أعمالها في بيروت أمس، بعد جلسات افتتاحية وختامية حضرها على مستوى الرؤساء والقادة العرب، رئيس الجهورية الموريتانية محمد ولد عبد العزيز، وأمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني الذي حضر الجلسة الافتتاحية فقط قبل أن يغادر بيروت، والرئيس ميشال عون.
وافتتح عون القمة الاقتصادية التي حملت عنوان «الازدهار من عوامل السلام».
وأكّد في خطابه أمام الوفود العربية أن «زلزال حروب متنقلة ضرب منطقتنا»، لافتاً إلى: «لسنا نجتمع اليوم لمناقشة أسباب الحروب والمتسببين بها إنما لمعالجة نتائجها المدمرة على الاقتصاد في بلداننا». ودعا رئيس الجمهورية المجتمع الدولي لبذل كل الجهود وتوفير الشروط لعودة آمنة للنازحين السوريين خصوصاً للمناطق المستقرة التي يمكن الوصول إليها، مشدداً على ضرورة عدم ربط ذلك بالتوصل لحل سياسي. ولفت إلى «أننا عملنا على اقتراح مشروع بيان ختامي يصدر عن القمّة حول أزمة النازحين واللاجئين نظراً لانعكاسات هذه الأزمة الخطيرة على اقتصاد دولنا ولما تشكّله من مخاطر وجودية على النسيج الاجتماعي القائم في المنطقة». وأعلن عون تقدّمه بمبادرة ترمي إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية ووضع آليات فعالة وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية، يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها.
وتمنى الرئيس أن تكون هذه القمة مناسبة لجمع كل العرب فلا تكون هناك مقاعد شاغرة، مؤكداً أن كل الجهود بُذلت من «أجل إزالة الأسباب التي أدت إلى هذا الشغور إلا أن العراقيل كانت أقوى ونأسف لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذر لغيابهم».
ووجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وللمملكة العربية السعودية على رئاسة الدورة السابقة للقمة، والإدارة المُقتدرة والحكيمة لأعمالها. وأعرب عن شعوره بالحزن لعدم مشاركة وفد ليبيا في القمة العربية الاقتصادية وللظروف التي أوصلت الأمور إلى هذه النقطة، آملاً أن تتم معالجة هذا الأمر. وأوضح أبو الغيط خلال افتتاح القمة الاقتصادية أن أكثر من نصف سكان العالم العربي ما زالوا غير متصلين بالإنترنت، لافتاً إلى أن «النمو الذي نطمح إليه أداته الإنسان ولا يتحقق إلا بالاستثمار بالإنسان». وأمل الأمين العام للجامعة العربية إظهار أكبر قدر من التعاضد لدعم المجتمعات التي تضغط عليها الأزمات الإنسانية ومن بينها لبنان والأردن.
بدوره أكد محمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية السعودي رئيس الدورة الثالثة للقمة السابقة، أن انعقاد القمة العربية التنموية في بيروت، يأتي في وقت تواجه الأمة الكثير من التحديات، وانشغالها في قضايا تستنفذ مواردها بدلا من أن تستثمر كل دولة عربية مواردها في العيش الكريم.
وإذ شدد الوزير السعودي في كلمته على ضرورة توحيد الجهود في مواجهة زعزعة الاستقرار، وتبني سياسات تدعم العمل العربي المشترك وتعزز الروابط العربية، أكد على أهمية تعزيز التجارة العربية البينية وإزالة ما يواجهها من عقبات والعمل على تعزيز دور القطاع الخاص العربي والاستثمارات العربية.
وقال إن المملكة ستعيد طرح مقترحها السابق بدمج القمة العربية الاقتصادية في القمة العربية الدورية العادية، ودراسة هذا المقترح مرة أخرى، بحيث تكون المواضيع التنموية بندا مستقلا على جدول أعمال القمة العربية العادية.
وأضاف أن سبب طرح المملكة لهذا المقترح مرة أخرى، يعود إلى أن آلية الانعقاد الدوري للقمة التنموية تعقد كل 4 سنوات، وهذا لا يتناسب مع التطورات المتسارعة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، وهذا لا يتسق مع تلك التطورات. وأضاف أن القمة العربية التنموية من الصعب عقدها بمفردها بشكل سنوي،
ولهذا تقترح المملكة دراسة مقترحها بدمج القمة التنموية مع القمة العربية العادية لتكون القضايا التنموية والاقتصادية بندا دائما ومستقلا على أجندة القمة العربية السنوية.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله «نراهن على قرارات القمة الاقتصادية لضخ الاستثمارات العربية في فلسطين، وندعو لمزيد من الدعم لمدينة القدس لدعم صمود أهلها ومؤسساتها».
ودعا رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز للإسراع في تحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية يرتكز على القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام، مشدداً على ضرورة تحقيق السلام أيضا في اليمن وسوريا.
أما نائب الرئيس السوداني بكري حسن صالح، فأكد على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات داعياً للتعالي عن الخلافات وإنهاء مظاهر العزلة والقطيعة.
بدوره، رأى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز أن الأمل كبير بهذه الدورة من القمة الاقتصادية أن تتكلل بالنجاح، متمنياً إيجاد الأطر الكفيلة لزيادة التعاون بين القطاع الخاص في البلاد.
وأشار رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح، إلى أنه لا يمكن تصور التنمية من دون أمن، معتبراً أن تحقيق هذا الأمر يتطلب توجيه استراتيجيات التنمية نحو الإنسان العربي ومساعدة الشباب لتجنيبهم السقوط في براثن التطرف والإرهاب.
وأعلن وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد مبادرة أمير الكويت لإنشاء صندوق للاستثمار في المجالات التكنولوجية برأسمال قدره 200 مليون دولار أميركي بمشاركة القطاع الخاص، على أن تسهم الكويت بمبلغ 50 مليون دولار منه. إلى ذلك أعلن الوفد القطري المساهمة بمبلغ 50 مليون دولار لإنشاء هذا الصندوق.
وشدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن ملف الطاقة هو من أولويات هذه القمة، معلنا استعداد مصر لنقل خبرتها في مجال الكهرباء.
ودعا وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي إلى تركيز الجهود المشتركة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية باعتبارها المدخل الأساسي لمناعة المجتمعات.
وأمل وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن «تجسد هذه القمة آمال أمتنا في التنمية والازدهار ومواجهة التحديات والعمل على فتح مجالات جديدة للعمل المشترك في مجالات التنمية المستدامة».
من جهته، لفت وزير خارجية العراق محمد علي الحكيم، إلى أن سياسة العراق اليوم تقوم على مد يد التعاون وجذب الاستثمارات الأجنبية. أما وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد الميتمي، فقال: «نعلّق آمالنا على مساندة الأشقاء العرب لتجاوز الكارثة اليمنية ونحن في الحكومة اليمنية عازمون بإصرار على إنهاء معاناة الشعب اليمني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».