حذر مؤتمر ديني في القاهرة، أمس، من عمليات تشويه المفاهيم الدينية ونشر الأفكار المتطرفة. وطالب بالانتقال من مناهج الحفظ والتلقين للفهم والتدبر، وتحقيق تكامل بين مختلف المؤسسات لإنتاج خطاب ديني مستنير يجمع بين التراث والمعاصرة ويراعي فقه الواقع، فضلاً عن التأكيد على مشروعية الدولة الوطنية وترسيخ مفهوم المواطنة، وبيان أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان.
وانطلق بأحد فنادق القاهرة أمس، المؤتمر الدولي الـ29 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف، الذي يعقد على مدار يومين بعنوان «بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها»، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور 150 مشاركاً من أكثر من 40 دولة، منهم 13 وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة إلى مفتين ورؤساء مجالس ومنظمات إسلامية وعلماء ومفكرين وأساتذة جامعات من دول عدة.
وافتتح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، نائباً عن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أعمال المؤتمر. وقال جمعة خلال كلمته إن «هذا اللقاء للتأكيد على المفاهيم التي يجب أن تصحح، ولمناقشة مفهوم التجديد»، مؤكداً ضرورة الانتقال من مناهج الحفظ والتلقين إلى مناهج الفهم والتدبر والتفكير وإعمال العقل، في كل مناحي الحياة، وفهم أن ما ورد عن العلماء ليس سوى اجتهادات قابلة للتغيير، مشيراً إلى أنه تم العمل لمدة 5 سنوات على تأصيل هذه المفاهيم من خلال المؤتمرات واللقاءات، بالإضافة إلى إصدار 90 كتاباً حول هذه القضايا، في محاولة لشرحها بكل الطرق.
ويضم المؤتمر عدداً من المحاور المهمة، التي تدور حولها ورش العمل، وهي: الخطاب الديني، والتعليم، والإعلام، والأسرة، والمؤسسات الوطنية، ومشروعية الدولة الوطنية، وبناء الدولة الوطنية، بالإضافة إلى محور بناء شخصية الأئمة والوعاظ وأثره في استقرار الدول والمجتمعات.
وأكد الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر، في كلمة نيابة عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن «التعليم هو الركيزة الأساسية لبناء الشخصية الوطنية السوية وحماية هويتها من الاختراق أو الذوبان في الثقافات الوافدة أو المغلوطة، وسط ما نحياه الآن من أمواج العولمة العاتية وفي ظل هذا الفضاء الإلكتروني المستباح بلا رادع من ضمير، ما يؤكد ضرورة التعليم ليكون نظاماً آخر أكثر فاعلية وتأثيراً، بحيث يقوم على الفهم والاستيعاب ويُنمي ملكات الإبداع والابتكار والبحث العلمي، وليس نظاماً يعتمد على الحفظ والتلقين»، مضيفاً: «علينا أن نغرس في نفوس أولادنا منذ نعومة أظافرهم قيمة الولاء للوطن وفقه المواطنة وثقافة الحوار، وشرعية الاختلاف وآدابه، وقبول الرأي والرأي الآخر، بما يُسهم في تنشئتهم على التعددية الفكرية بعيداً عن الانغلاق في مسار أحادي، يعتقد صحته ويرى ما دونه خطأ».
من جهته، قال الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية، إن «التحديات التي تواجهنا اليوم، سواء كانت حكومات أو شعوباً، كثيرة ومتنوعة»، مضيفاً أن «السهام الموجهة لدعاة الخير والسلام في العالم متتابعة وليس هذا بغريب، لأن الصراع بين الحق والباطل مستمر إلى قيام الساعة». وأوضح خلال فعاليات المؤتمر أمس أن «من تلك التحديات التي تواجهنا تحدي بناء الشخصية الوطنية التي تجمع بين المحافظة على الهوية الأصلية والوطنية، مع مواكبة المعاصرة والمدنية، والمشاركة الفاعلة بإيجابية في بناء دولنا والمحافظة على أمنها واستقرارها، والعمل الجاد على ما يسهم في تنميتها وتقدمها وازدهارها، وهي معادلة ليست باليسيرة في جانبها العملي». وأشار إلى أن «حب الوطن لم يعترض عليه الإسلام، بل رغب فيه».
بينما أكد الشيخ محمد سعد الكعبي، رئيس هيئة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات: «نحن نسعى لتجديد الخطاب الديني وتفنيد الأفكار المتطرفة المغلوطة التي تبثها الجماعات الإرهابية»، مضيفاً أن «التعاون الديني والمؤسسات الدينية هو هدف المؤتمر الوطني الذي يقوم على بناء الشخصية الوطنية، وهو سلاح جديد لمواجهة تنظيم الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تقوم بالأفعال الإجرامية ولا تؤمن بالدولة ولا الوطن».
مشاركون من 40 دولة يرسمون ملامح مواجهة التطرف في القاهرة
مشاركون من 40 دولة يرسمون ملامح مواجهة التطرف في القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة