تحضيرات مصرية ـ فرنسية لزيارة ماكرون للقاهرة

يبحث مع السيسي ملفات إقليمية وثنائية

تحضيرات مصرية ـ فرنسية لزيارة ماكرون للقاهرة
TT

تحضيرات مصرية ـ فرنسية لزيارة ماكرون للقاهرة

تحضيرات مصرية ـ فرنسية لزيارة ماكرون للقاهرة

يصل وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير، إلى القاهرة، اليوم (الأحد)، للإعداد لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة لمصر نهاية الشهر الجاري. وقالت السفارة الفرنسية في القاهرة، في بيان صحافي أمس، إن «جدول لومير في القاهرة سيتضمن لقاءات مع عدد من المسؤولين المصريين، من بينهم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية»، موضحة أن «لومير سيركز خلال لقاءاته على بحث سبل تدعيم وتنويع التعاون الاقتصادي القائم بين البلدين».
ومن المقرر أن يلتقي لومير مع عدد من مديري الشركات الفرنسية العاملة في مصر. وتأتي زيارة لومير لمصر، في أعقاب زيارة وفد رفيع المستوى يضم 14 فرداً من الرئاسة الفرنسية للقاهرة يوم الأربعاء الماضي، للترتيب لزيارة ماكرون، المقرر أن تتم -وفقاً لتصريحات مصادر رسمية- في الفترة من 27 إلى 29 يناير (كانون الثاني) الجاري، حيث سيعقد لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال السفير الفرنسي بالقاهرة ستيفان روماتييه، في تصريحات صحافية على هامش منتدى الصحة الفرنسي المصري، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن «القاهرة وباريس تستعدان لزيارة ماكرون، والتي تتركز على الملفات الاقتصادية، وتعزيز التعاون عبر ضخ المزيد من الاستثمارات الفرنسية إضافةً إلى الملفات الإقليمية والدولية».
من جهته قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الملفات الإقليمية ستحظى بالجانب الأكبر من مباحثات ماكرون في القاهرة»، موضحاً أن «الملفات الثنائية المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري والاقتصادي تتم عبر الهيئات الاقتصادية المشتركة والوزارات المعنية»، مشيراً إلى أن «التعاون العسكري بين الجانبين واضح من خلال اعتماد مصر سياسة تنويع مصادر التسليح، وشرائها أسلحة من فرنسا، كما أن التعاون الاقتصادي واضح وسيحتل جزءاً من الزيارة عبر الوفد الاقتصادي المرافق للرئيس ماكرون واتفاقيات الشراكة التي سيتم توقيعها». وتعد صفقات التسليح بين الجانبين أحد أبرز ملامح التعاون بين الجانبين، حيث اشترت مصر عام 2015 عدداً من طائرات الرافال الفرنسية، وخلال معرض «إيديكس» العسكري الأول بمصر الشهر الماضي، وقّعت مصر عقوداً مع عدد من الشركات الفرنسية، من بينها شركة «سيلينغر» الفرنسية لتصنيع القوارب المطاطية التي وقَّعت عقوداً مع البحرية المصرية، ووقعت الشركتان الفرنسيتان «داسو» و«رافال» صفقات لاستمرار توريد قطع غيار سلاح الجو لمصر.
وكانت غرفة التجارة الفرنسية في القاهرة قد أوضحت، في بيان صحافي، قبل أيام أن «ماكرون سيزور القاهرة يوم 28 يناير الجاري، حيث سيلتقي الرئيس السيسي»، مشيرة إلى أن «الوفد المرافق لكاميرون سيضم عدداً من رجال الأعمال الفرنسيين وشركات الطاقة والبنية التحتية والكهرباء، حيث سيتم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي المشتركة»، كما ستنظم غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالقاهرة منتدى استثمارياً لرجال أعمال البلدين.
وقال فهمي إن «هناك عدداً من الملفات الإقليمية على أجندة ماكرون خلال زيارته للقاهرة وعلى رأسها الملف السوري»، مشيراً إلى أن «فرنسا تسعى للحفاظ على استراتيجية الوجود في هذا الملف، ولا ترغب في ترك الساحة لأي طرف، وتتمسك بالاستمرار في المشهد السوري»، موضحاً أن «اختبار مصر لتأكيد وجودها في هذا الملف نابع من اتجاه المجتمع الدولي لملء الفراغ العربي عبر مصر والإمارات وعبر القوى العربية المشتركة».
وأضاف أن «الملف الثاني على جدول أعمال ماكرون هو الملف الليبي، وهناك تطابق وجهات النطر بين القاهرة وباريس في هذا الملف، خصوصاً بعد دور مصر في مؤتمر باليرمو الأخير». وتابع أن «القضية الفلسطينية سيكون لها مكان على أجندة المباحثات، حيث تسعى فرنسا لتنظيم مؤتمر (باريس 2) لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، والذي تأجل تنفيذه بسبب مظاهرات (السترات الصفراء) في فرنسا»، مشيراً إلى أن «فرنسا ستحاول القيام بدور في هذه القضية خصوصاً إذا لم يجد التصور الأميركي للحل مكاناً له على الأرض».
وأوضح فهمي أن «رئاسة مصر المرتقبة للاتحاد الأفريقي ستكون بالتأكيد أحد الموضوعات على أجندة المباحثات خصوصاً أن فرنسا وألمانيا ترأسان الاتحاد الأوروبي حالياً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم