تحرك في البرلمان العراقي ضد اثنين من وزراء عبد المهدي

وزير الكهرباء يواجه مزاعم «فساد» و«تمييز طائفي»... و«الاتصالات» شبهة «البعث»

وزيرة التربية (شيماء الحيالي)
وزيرة التربية (شيماء الحيالي)
TT

تحرك في البرلمان العراقي ضد اثنين من وزراء عبد المهدي

وزيرة التربية (شيماء الحيالي)
وزيرة التربية (شيماء الحيالي)

في حين بدأ العد التنازلي لنهاية مهلة الـ100 يوم التي منحت لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي بشأن تحديد ملامح تنفيذ برنامج حكومته، فتح عدد من أعضاء البرلمان النار على الحكومة (الناقصة) بسبب خلوها من وزراء الدفاع والداخلية والعدل، فيما لا تزال وزيرة التربية (شيماء الحيالي) معلقة بين الإقالة وترديد القسم.
البرلمان العراقي الذي يواصل منذ استئناف عطلة بداية السنة جلساته تراوح جدول أعماله في جاسة أمس بين مناقشة فقرات الموازنة لعام 2019 وقراءة بعض مشاريع القوانين قبل نهاية الفصل التشريعي الأول، فيما خلا الجدول تماماً من أي إشارة تتعلق بإكمال الكابينة الحكومية.
عبد المهدي، من جهته، رمى الكرة تماماً في ملعب الكتل السياسية، بشأن عدم توصلها إلى توافقات بخصوص مرشحي باقي الوزارات، فيما يواصل عقد مؤتمره الصحافي الأسبوعي بعد جلسة مجلس الوزراء، وتقتصر إجاباته عن أسئلة الصحافيين، في العادة، على السياسة الخارجية، وموقف العراق من العقوبات الأميركية على إيران، أو القواعد الأميركية، فضلاً عن تركيزه على تحسين الأوضاع الأمنية، ورفع المزيد من الحواجز الكونكريتية داخل العاصمة بغداد، بالإضافة إلى جولاته في ساعات الصباح الأولى لبعض المناطق والشوارع والأسواق.
وفي حين لم تكتمل حكومة عبد المهدي، بدأ برلمانيون يتحركون ضد اثنين من وزرائه، هما وزير الكهرباء لؤي الخطيب، والاتصالات نعيم الربيعي. الخطيب اتهم من قبل عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الكربولي بما سماه «الإقصاء الطائفي»، فضلاً عن وجود خروقات في إدارته للوزارة. ويبرر الكربولي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، هجومه المستمر للأسبوع الثاني على الوزير بأن الأخير «مارس سياسة التمييز الطائفي بمجرد وصوله إلى الوزارة، وذلك من خلال استبعاد موظفين ينتمون إلى الطائفة السنية، ليحل محلهم موظفون آخرون»، مبيناً أن «مثل هذا التمييز دون وجه حق يعطي رسالة خاطئة باتجاهين: الأول هو ما قيل عن ضرورة أن يكون الوزراء التكنوقراط خارج مسارات التصفيات الطائفية أو العرقية، والثاني هو أن إدارة الوزارة يجب أن تستند إلى أساس الكفاءة، أولاً وأخيراً». كما اتهم الكربولي بتعيين مدير شركة وقريبه، وهما لا تربطهما علاقة بعمل إنتاج الطاقة. وفي تغريدة له على «تويتر»، قال الكربولي إنه «في سابقة غريبة، وزارة الكهرباء تستحصل موافقة الأمانة العامة لمجلس الوزراء على دوام شخصيتين من عائلة واحدة للعمل في ديوان الوزارة بصفة تطوعية»، مبيناً أنه «بعد التحري، تبين أن الأول هو المدير التنفيذي لمجموعة (حبوش كروب)، والثاني ابن عمه، وهي شركة وساطات واستثمار مالي، ولا علاقة لها بإنتاج الكهرباء».
إلى ذلك، أعلن يوسف الكلابي، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي، عن قيامه بجمع تواقيع بهدف إقالة وزير الاتصالات نعيم ثجيل الربيعي لشموله بإجراءات المساءلة والعدالة، وهو ما يعني انتماءه لحزب البعث المحظور. وقال الكلابي في تغريدة له على «تويتر»: «يحاول وزير الاتصالات نعيم الربيعي التأثير على القضاء من خلال أشخاص تعهدوا له بأنهم سيجلبون له قراراً من الهيئة التمييزية الخاصة بقرارات المساءلة والعدالة»، مؤكداً: «سنفضحهم بقوة، ولن نخشى في الحق لومة لائم».
إلى ذلك، أكد حسن توران، عضو البرلمان نائب رئيس الجبهة التركمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تتحملها الكتل السياسية التي تضع العراقيل أمام رئيس الوزراء، وهو ما يؤدي في النهاية إلى إرباك عمل الحكومة لأننا نظام برلماني، ورئيس الوزراء يحتاج دعم الكتل له لكي يتمكن من تنفيذ ما وعد به».
وأضاف توران أن «الكتل السياسية غير قادرة على حسم خلافاتها فيما بينها، وهو ما ينعكس بالضرورة على الأداء الحكومي، والسبب في ذلك أنها تقدم مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية العامة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.