تونس: اتحاد العمال يدعو إلى إضراب عام في القطاع العام الشهر المقبل

موظفو التعليم يستعدون لتحركات أمام مقر الحكومة

TT

تونس: اتحاد العمال يدعو إلى إضراب عام في القطاع العام الشهر المقبل

أعلن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال)، عقب انتهاء أشغال الهيئة الإدارية الوطنية، التي عقدت بالعاصمة التونسية أمس، أنه تقرر تنفيذ إضراب عام جديد في الوظيفة العمومية (القطاع العام) يومي 20 و21 فبراير (شباط) المقبل، وهو الإضراب العام الثاني المزمع تنفيذه بعد إضراب يوم الخميس الماضي، والذي جاء نتيجة خلافات حادة مع الحكومة حول مقدار الزيادة في الأجور، ومواعيد صرف تلك الزيادة خلال سنتي 2019 و2020.
وفي تفسيره لأسباب الإعلان عن الإضراب العام الجديد، قال الطبوبي إن الحكومة «مطالبة بتقديم الأرقام الصحيحة، التي تعكس واقع التونسيين اليوم، والفقر المدقع الذي ضرب الفئات الاجتماعية الهشة، حيث نجد مليونا و800 عائلة دون ماء صالح للشرب، و300 ألف تونسي دون إنارة كهربائية، و150 ألف عائلة تعيش تحت وطأة الفقر، و650 ألف مواطن عاطل عن العمل... ولذلك ستتواصل جلسات النقاش مع الطرف الحكومي إلى أن توافق الحكومة على جميع المطالب العمالية، المرتبطة بكلفة المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية دون شروط».
وأضاف الطبوبي موضحا أن الإضراب الجديد يهدف إلى «تعديل الخيارات الوطنية لخدمة مصلحة الشعب... وهو يأتي في اتجاه تعديل البوصلة بالنسبة للخيارات الوطنية، التي تخدم مصلحة شعبنا، أمام انسداد التفاوض مع الحكومة، فيما يرتبط بإيجاد الحلول الملائمة لأزمة الزيادات». مشددا على أن «المطالبة بالزيادات تأتي لتعديل المقدرة الشرائية»، على وجه الخصوص، وردا على الإخلال باتفاقات سابقة ترتبط بمراجعة القانون المنظم للقطاع العام.
وينذر قرار الاتحاد، الذي جرى اتخاذه أمس، بأزمة متصاعدة مع الحكومة، التي أعلنت في وقت سابق عدم قدرتها على تلبية الزيادات الجديدة بسبب أزمة المالية العمومية، والوضع الاقتصادي الصعب. علما بأن الحكومة سبق لها أن عرضت مقترحات للزيادة. لكن الاتحاد قال إنها لا تلبي الحد الأدنى من المطالب المالية، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أعلن عن استئناف المفاوضات مع النقابات خلال الأسبوع المقبل، بغية إيجاد حل يرضي الحكومة والأطراف النقابية. غير أن ذلك لم يغير شيئا من تصميم القيادات النقابية على مواصلة تحدي الحكومة، وشن المزيد من الخطوات التصعيدية، التي تجد دعما واضحا من بعض أحزاب المعارضة.
وتتهم عدة أحزاب سياسية، خاصة المنتمية للائتلاف الحاكم، اتحاد الشغل بالحياد عن مهمته النقابية، وانخراطه الواضح في الحياة السياسية، بدليل رفع بعض المتظاهرين خلال الإضراب العام الأخير شعار إسقاط الحكومة واستعادة السيادة الوطنية، بدل حصر مهامه في الأمور المرتبطة بالعمال والطبقة الشغيلة.
وفي إطار الخطوات التصعيدية الإضافية، التي سيتخذها اتحاد الشغل ضد حكومة الشاهد، أكد الطبوبي أن الاتحاد سيرفع شكوى قضائية غدا الاثنين ضد الحكومة، احتجاجا على قرار أصدرته عشية الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام، يقضي بتسخير بعض العمال للاشتغال يوم الإضراب العام قصد تأمين الحد الأدنى من الخدمات. لكن الاتحاد اعتبر أن هذه الخطوة «غير قانونية». علما بأن إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، أوضح أن اتخاذ هذا القرار «جاء للحفاظ على المصلحة العامة، وضمان الحد الأدنى من الخدمات، وليس لإفشال الإضراب، كما روجت قيادات نقابية لذلك».
في السياق ذاته، ينتظر أن تعقد الجامعة العامة للتعليم الأساسي، التابعة لاتحاد الشغل، بدورها، اجتماعا إداريا بداية الأسبوع المقبل لمناقشة أزمة التعليم العمومي، ورفض وزارة التربية تمكين الأساتذة من منحة خصوصية، وتمتيعهم بالتقاعد في سن الخامسة والخمسين. وبهذا الخصوص أكد لسعد اليعقوبي، رئيس هذه الجامعة، أن الطرف النقابي قد يلجأ لخطوات تصعيدية احتجاجية ضد الحكومة، ممثلة في وزارة التربية، ومن بينها تنظيم وقفات احتجاجية، واعتصامات بمندوبيات التربية على مستوى الجهات.
على صعيد متصل، منعت أجهزة الأمن مجموعة من المعلمين العرضيين (غير منتدبين بصفة نهائية) من الاعتصام بساحة القصبة أمام مقر الحكومة، بعد مسيرة على الأقدام دامت خمسة في اتجاه العاصمة، وقامت بنزع الخيام التي كانوا سينصبونها بالمكان للمطالبة بالتوظيف الرسمي ضمن إطارات وزارة التربية. وفي هذا الشأن، قالت علجية بوزيان، منسقة المسيرة الاحتجاجية، إن المجموعة التي توجهت إلى القصبة «تضم نوابا من صفاقس وبنزرت وتونس والمهدية، وجندوبة وباجة، وقد قدموا مشيا على الأقدام للمطالبة بحقهم في تسوية وضعهم المهني».
ومن المنتظر أن تصل مسيرات جديدة لمعلمين عرضيين مشيا على الأقدام من مناطق سيدي بوزيد والقيروان والقصرين، وهو ما سيزيد الضغط على الطرف الحكومي المحاصر بمطالب نقابية من كل الجهات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».