خبراء: السودان مطالب بإصلاحات «لانتشال البلاد من المنحدر»

TT

خبراء: السودان مطالب بإصلاحات «لانتشال البلاد من المنحدر»

قال خبراء اقتصاديون إنه يجب على السودان تنفيذ إصلاحات جذرية، أو طلب إنقاذ مالي من دول صديقة، لانتشال البلاد من المنحدر، الذي ساعد في إطلاق احتجاجات واسعة تهز البلاد حالياً.
وتواجه الحكومة عجزاً كبيراً في الميزانية بسبب تكلفة دعم الوقود والخبز، ومنتجات أخرى. ولتغطية هذا العجز، عمدت إلى توسيع المعروض النقدي، لكن هذا ساهم في انخفاض قيمة العملة، مما تسبب في هبوط كبير في قيمة الجنيه السوداني. وقد أثارت محاولات لرفع أسعار الخبز والوقود بهدف تقليص تكلفة الدعم احتجاجات ستدخل قريباً شهرها الثاني، وهو ما يمثل أطول تحدٍ يواجه الرئيس عمر البشير.
وقال مصرفي سوداني، طلب عدم نشر اسمه، لوكالة «رويترز» للأنباء إن «الاضطرابات في الوقت الحالي... لا تعدو أن تكون انعكاساً لتراكم الفقر، وبقاء الرواتب كما هي، واستمرار ارتفاع الأسعار».
وكانت الحكومة قد أعلنت عن برنامج تقشف طارئ، مدته 15 شهراً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنها ما زالت تقدم دعماً كبيراً للسلع الأساسية. أما بالنسبة للخبز، فتدفع الحكومة لتجار القطاع الخاص 680 جنيهاً دعماً لكل جوال (سعة 150 كلغ) من الدقيق الذي يستوردونه. وقد حدثت الزيادة السابقة في سعره في يناير (كانون الثاني) 2018، عندما تم رفع سعر الرغيف من نصف جنيه، وهو ما أطلق وقتها جولة احتجاجات محدودة.
وبالنسبة لأزمة نقص أوراق النقد، فقد أوضح 3 مصرفيين في الخرطوم أن ذلك راجع إلى عدة أسباب، من بينها تعطل ماكينة طباعة الأوراق النقدية الوحيدة في البلاد في أوائل 2018، مما ترك البنك المركزي يسارع إلى طلب أوراق نقدية من الخارج. وهذا الوضع جعل العملاء يقفون في طوابير لساعات أمام البنوك. وفي هذا السياق، قال مصرفي إن فضائح علنية في بنكين منفصلين فاقمت المشكلة، مما تسبب في تدافع محدود على سحب الودائع من البنوك في النصف الثاني من 2018، بينما قال مصرفي آخر إن ارتفاع التضخم أدى إلى قيام العملاء بإفراغ
حساباتهم، والبحث عن استثمار آخر. وقد أظهرت بيانات رسمية أن التضخم ارتفع إلى نحو 70 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وفي العادة، تلجأ الدول التي تقع في مثل هذا المأزق الخطير إلى صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم، في الوقت الذي تنفذ فيه الخطوات المؤلمة التي يطالب بها لتصويب أوضاعها المالية، لكن واشنطن تدرج السودان كدولة راعية للإرهاب، وتعهدت باستخدام حق النقض ضد أي طلب للمساعدة تقدمه الخرطوم إلى صندوق النقد، لحين امتثالها لسلسلة من المطالب السياسية والإنسانية والأمنية.
وعلى مدى سنوات، تراكم على السودان أيضاً عبء دين خارجي معرقل، يزيد على 50 مليار دولار، معظمه مستحقات متأخرة، بما في ذلك 1.3 مليار دولار مستحقة لصندوق النقد، وفقاً لتقرير صادر عن الصندوق في نوفمبر 2017.
وفي هذا السياق، قال مصرفي ثالث: «ما لم يحصلوا (الحكومة) على نوع من التمويل الخارجي، سيكون إلغاء الدعم بمثابة انتحار (للحكومة)... هم بحاجة إلى برنامج إصلاح جذري».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.