تونس: الحكومة تبحث عن حلول عاجلة... ونقابة العمال تهدد بإضراب جديد

مخاوف من انضمام القطاع الخاص للاحتجاجات المقبلة

TT

تونس: الحكومة تبحث عن حلول عاجلة... ونقابة العمال تهدد بإضراب جديد

بعد نجاح الإضراب العام، الذي عَرَفه قطاع الوظيفة العمومية والقطاع العام، والذي دعا إليه اتحاد الشغل (نقابة العمال) أول من أمس، لا تزال الحكومة التونسية ونقابات العمال تبحثان العودة سريعاً إلى طاولة المفاوضات، والحسم بشكل نهائي وسريع في ملف الزيادات في أجور عمال الوظيفة العمومية، بهدف تفادي الأزمة الاجتماعية الحادة التي تعيشها البلاد، كما يُنتظر أن يعقد اتحاد الشغل هيئة إدارية تعمل على بلورة موقف نقابي جديد، في حال عدم الاستجابة للمطالب العمالية خلال المفاوضات المقبلة.
ولا تستبعد مصادر نقابية أن تقدم الحكومة اقتراحات جديدة لتجاوز الأزمة، وقطع الطريق أمام أطراف سياسية تحاول الاستفادة من إمكانية شن إضراب عام جديد، وتراهن على إضعاف حكومة يوسف الشاهد قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
ودعت نقابة العمال الحكومة مجدداً إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، وتلبية مطالبها المالية من ناحية. كما لوحت عبر تصريحات متطابقة لقياداتها النقابية بالتصعيد، والعودة إلى الاحتجاجات، وتنفيذ إضرابات عمالية جديدة، من ناحية ثانية.
وفي هذا السياق، أكد نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال في تصريح إعلامي، أن الهيئة الإدارية المزمع انعقادها، اليوم (السبت)، ستتخذ قرارات تصعيدية في حجم انتظارات العمال، مبرزاً أن المطالب «تُنتزع ولا تُهدى»، على حد قوله، وهو ما يوحي بصعوبة التكهن بمسار المفاوضات بين الطرفين في حال قبولهما بالعودة مجدداً إلى طاولة الحوار.
في المقابل، قال محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، إن جميع الأطراف الحكومية والنقابية تفكر في مرحلة ما بعد الإضراب العام، الذي نُفّذ، أول من أمس، معتبراً أن التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف «يظل هو الهدف الأساسي من العودة إلى طاولة الحوار».
وأوضح الطرابلسي، الذي كان قيادياً سابقاً في اتحاد الشغل، أن توقيع اتفاق بين الطرف الحكومي والطرف النقابي كان وشيكاً «خلال جلسة التفاوض التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي»، وأن العرض الذي قدمته الحكومة «لم يكن مرفوضاً رفضاً مطلقاً من قبل اتحاد الشغل». لكنها اعتبرته غير كافٍ، وهذا ما يعني أن التفاوض بين الطرفين «يمكن أن يفضي إلى حل يبدو أنه سيكون قريباً جداً»، على حد تعبيره.
وأضاف الطرابلسي أن الاستجابة الكاملة لمطالب النقابات «تتطلب تضحية من جميع الأطراف وليس الحكومة وحدها»، مؤكداً تواصل المشاورات بين الطرفين لتقريب وجهات النظر قبل انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية التي سيعقدها اتحاد الشغل اليوم، والتي هدد من خلالها بالعودة إلى الإضراب. لكن هذه المرة قد يستمر ليومين، أو ربما قد يدعو إلى إضراب عام يشارك فيه القطاع الخاص، إلى جانب القطاع الحكومي، حسب مصادر نقابية.
في غضون ذلك، أوضح نور الدين البحيري قيادي حركة النهضة المنضمة إلى الائتلاف الحاكم الحالي، برئاسة يوسف الشاهد، أن حزبه بذل جهداً لإقناع الحكومة بالاستجابة لمطالب الموظفين والمتقاعدين، وأشاد بتفاعل الحكومة مع المطالب النقابية، واعتبره «إيجابياً»، وقال إن ما عرضته على اتحاد الشغل من زيادة في الأجور «كان مهمّاً».
وشدد البحيري على أن تفادي الإضراب بعد المقترحات التي تقدمت بها الحكومة، كان ممكناً. لكنه دعا في المقابل إلى ضرورة خوض معركة الانتقال الاجتماعي والاقتصادي ودفع التنمية، ومكافحة الفساد، معتبراً أن الشروع في حوار اجتماعي واسع «يمكن أن يجنّب البلاد الأزمات الاجتماعية المحتملة».
وكان المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» قد أوضح أن المقترحات التي قدمتها الحكومة في آخر جلسات التفاوض مع النقابات «يمكن البناء عليها وتطويرها، بما يجنب البلاد التوتّرات الاجتماعية، ويلبّي انتظارات قطاع الموظفين». وعبرت عن أملها في أن تعود المفاوضات بين الاتحاد والحكومة في أقرب وقت، واستعادة الثقة بين الطرفين.
من جهة أخرى، قدم المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، الذي يرأسه ناجي جلول، القيادي في حزب النداء، مجموعة من الحلول، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وعدم قدرة الحكومة على تلبية مطالب العمال، وقسّم تلك الحلول إلى حلول عاجلة، أهمها دعم دور هياكل الرقابة الاقتصادية والتحكم في مسالك التوزيع، فضلاً عن إعادة هيكلة أسواق البيع بالجملة للضغط على نسبة التضخم، والحدّ من ارتفاع الأسعار. أما الحلول الآجلة فتتمثل، حسبه، في الرفع من مستويات الإنتاج، والتحفيز على الإنتاجية وربط الزيادة في الأجور بالإنتاجية المحققة، مع التحكم في السوق الموازية، عبر إيجاد آليات تشجع على استعمال البطاقات البنكية في المعاملات المالية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.