«حماس» تخطط لإعادة فتح معبر رفح... والقاهرة لا تعقب

موظف في غزة يتفحص قارب صيد مصرياً حطمته عاصفة ضربت البحر المتوسط أمس (أ.ب)
موظف في غزة يتفحص قارب صيد مصرياً حطمته عاصفة ضربت البحر المتوسط أمس (أ.ب)
TT

«حماس» تخطط لإعادة فتح معبر رفح... والقاهرة لا تعقب

موظف في غزة يتفحص قارب صيد مصرياً حطمته عاصفة ضربت البحر المتوسط أمس (أ.ب)
موظف في غزة يتفحص قارب صيد مصرياً حطمته عاصفة ضربت البحر المتوسط أمس (أ.ب)

قال مسؤولون في حركة حماس بأن الحركة تسعى إلى ترتيبات مع مصر من أجل إعادة فتح معبر رفح الذي أغلقته القاهرة، بعد سحب السلطة الفلسطينية عناصرها عن المعبر قبل أقل من أسبوعين.
وكانت السلطة الفلسطينية أمرت موظفيها بداية الشهر الحالي بالانسحاب من معبر رفح الحدودي مع مصر، ردا على «تقويض حماس عملياتها واحتجاز بعض موظفيها».
ومنذ تسلمت السلطة معبر رفح بعد اتفاق 2017 في القاهرة، دأبت مصر على فتح المعبر بشكل منتظم، لكن انسحاب السلطة أدى إلى إغلاقه.
وقال القيادي في حماس محمود الزهار: «إغلاق المعبر ليس سياسيا، والجانب المصري أكد أنه سيتعامل مع الوضع الجديد في المعبر بعد انسحاب موظفي سلطة رام الله منه».
وأرسلت حماس موظفيها لتشغيل المعبر ووضعت خطة لذلك. وأكد الزهار أن قيادة المعبر الجديدة التي شكلتها حركة حماس تقوم بترتيباتها لتسلمه. وأضاف في تصريحات نقلتها مواقع محسوبة على حركة حماس، «أن مصر لم تعترض على القيادة الجديدة لمعبر رفح بعد انسحاب موظفي سلطة رام الله، وتقوم بتطوير معبر رفح ويضم معبرا تجاريا وقد رأيت توسعة المعبر وتطور البناء فيه».
ولم تعقب مصر على مصير معبر رفح منذ غادرته السلطة، ولم يتسن التأكد من خطط مصرية لإبقائه مغلقا أو إعادة فتحه كما تقول حماس.
وسترسل الحركة وفدا إلى مصر خصيصا لمناقشة هذا الأمر. وقال طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، بأن «وفداً من الحركة سيزور العاصمة المصرية القاهرة قريباً». ولم يفصح النونو عن موعد زيارة الوفد للقاهرة، لكنه أشار إلى أن حركته تلقت وعوداً من وفد المخابرات المصرية الذي زار غزة مؤخراً بفتح معبر رفح في الاتجاهين قريباً.
وأكّد النونو أن الوفد الأمني المصري أبلغ الفصائل خلال لقائه بها، أن العمل على معبر رفح سيستمر، وأنّه لا وجود لقرار مصري بإغلاقه. وينافي ذلك توقعات السلطة بعدم تعامل مصر مع حماس كجهة شرعية في غزة.
وتسببت اتفاقات رعتها مصر بين إسرائيل وحماس في غزة، بتوترات بين السلطة والقاهرة.
ورفضت السلطة إعطاء حماس أي دور شرعي في غزة، وقالت بأن إسرائيل تحاول تقوية الحركة في القطاع من أجل تحويل الانقسام إلى انفصال. ويدرس الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخاذ سلسلة من الإجراءات القاسية ضد حركة حماس في قطاع غزة، سعيا لتقويض سلطتها هناك أو إجبارها على تسليم القطاع. وجاء انسحاب السلطة من معبر رفح في سياق الضغط على حماس.
وقال عبد الله أبو سمهدانة محافظ المنطقة الوسطى في غزة، وأحد قادة حركة فتح: «إن موظفي المعبر كانوا يعملون في ظروف قاسية ولا يملكون أي صلاحيات، وأن السلطة قبلت بالاستمرار في ذلك سعياً لتخفيف معاناة المواطنين، لأن التوقعات حينها كانت بأن الحكومة في طريقها لتسلم زمام الأمور في القطاع كاملة، وهو ما دفع بالسلطة للمضي قدماً في إبقاء موظفيها على المعبر قبل أن تتفاقم الأمور».
ونفى أبو سمهدانة وجود أي نية للسلطة إعلان غزة إقليما متمردا، مؤكدا أن غزة كانت وستبقى جزءا أصيلا من الدولة الفلسطينية. لكنه قال «إن غزة أمام مفترق طرق، فإما العودة إلى أحضان السلطة الوطنية وهو ما يتم السعي إليه بكل قوة لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، أو الطريق الثاني باتجاه دويلة في غزة قد تتوسع في سيناء واقتصار الحل فيها على البعد الإنساني من خلال إغراقها بالمساعدات لتحسين أوضاع الناس».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.