شبح الركود يحوم حول الاقتصاد الأميركي

مؤسسات كبرى تحذر من مخاطر الإغلاق الحكومي الأطول تاريخياً

حاجز أمني أمام مبنى «الكابيتول» الأميركي خلال اليوم الأول لإغلاق جزئي للحكومة الفيدرالية (رويترز)
حاجز أمني أمام مبنى «الكابيتول» الأميركي خلال اليوم الأول لإغلاق جزئي للحكومة الفيدرالية (رويترز)
TT

شبح الركود يحوم حول الاقتصاد الأميركي

حاجز أمني أمام مبنى «الكابيتول» الأميركي خلال اليوم الأول لإغلاق جزئي للحكومة الفيدرالية (رويترز)
حاجز أمني أمام مبنى «الكابيتول» الأميركي خلال اليوم الأول لإغلاق جزئي للحكومة الفيدرالية (رويترز)

حذر عدد من المؤسسات وبنوك الاستثمار العالمية من خطوة استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة على نمو الاقتصاد الأميركي، خاصة في ظل المصاعب التي يواجهها الاقتصاد العالمي، على غرار الحرب التجارية والتراجعات الاقتصادية التي تشهدها الاقتصادات الكبرى.
وقال جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان» إن استمرار الإغلاق الحكومي بالولايات المتحدة قد يمحو النمو في أكبر اقتصاد في العالم. وأضاف خلال مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين بعد نتائج أعمال الربع الرابع، أن التوقعات تشير إلى أن استمرار الإغلاق الحكومي قد يخفض النمو إلى الصفر في الربع الأول من عام 2019.
وكان «جي بي مورغان» قد أعلن تحقيقه زيادة 67 في المائة في أرباح الربع الأخير من العام الماضي، لكنها فشلت في الوفاء بتقديرات المحللين. وتابع ديمون: «علينا فقط التعامل مع ذلك، فهي قضية سياسية أكثر من أي شيء آخر». ويدخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يومه الـ28 اليوم، ليصبح الأطول في التاريخ مع استمرار الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والديمقراطيين حول تمويل بناء الجدار العازل مع المكسيك.
وأوضح ديمون أنه في حين أن الإحصاءات الأساسية عن الاقتصاد على مستوى العالم ليست سيئة، فإن البنك سيكون مستعداً لمواجهة التراجع في النمو بنهاية المطاف. مشيراً إلى أنه لا يزال هناك نمو، رغم الإشارات المبكرة لحدوث تباطؤ في الصين واليابان والولايات المتحدة، مضيفاً أن المستهلكين في حالة جيدة وينفقون المال. وتابع قائلاً: «في نهاية المطاف ستكون هناك معوقات قد تدفع الاقتصاد إلى الركود، ولا نعرف متى سيكون ذلك».
وفي السياق ذاته، حذر تورستن سلوك، كبير خبراء الاقتصاد الدولي في مجموعة «دويتشه بنك» المصرفية الألمانية العملاقة من احتمالات دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود خلال العام الحالي بسبب الحرب التجارية مع الصين والإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الاتحادية الأميركية.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن هذا التحذير يأتي في ظل ظهور مؤشرات على أن أكبر اقتصاد في العالم يتباطأ حالياً، حيث تراجعت خلال الأسابيع الأخيرة مؤشرات ثقة المستهلكين ونشاط قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، مضيفة أن خبراء الاقتصاد يرون خلال الشهر الحالي وجود احتمالات ركود الاقتصاد الأميركي عند أعلى مستوى لها منذ ست سنوات.
يأتي ذلك فيما يستمر الإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الاتحادية الأميركية مع غياب أي مؤشرات على إمكانية نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس لتمرير موازنة العام المالي الحالي وإنهاء أزمة الإغلاق.
وقال سلوك في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ إنه «إذا استمر الإغلاق الحكومي، فقد يؤدي ذلك إلى ركود الاقتصاد»، مضيفاً: «يمكن اعتبار ذلك ركوداً فنياً، وقد تلقينا الكثير من الأسئلة حول حجم تقديرنا لهذا الخطر».
ويتفق المحللون الاقتصاديون بشكل عام على أن الإغلاق الحكومي المستمر منذ 4 أسابيع، والذي قال ترمب إنه قد يستمر شهوراً أو سنوات، سيقلص معدل نمو الاقتصاد الأميركي الربع السنوي بما يتراوح بين 0.1 و0.2 نقطة مئوية لكل أسبوع أو أسبوعين من الإغلاق.
ولا تقتصر المخاوف على النظرة البعيدة المدى، إذ إن الإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة لم يقتصر على عدم توفر الخدمات الأساسية للمواطنين وإيقاف مرتبات آلاف الموظفين الفيدراليين فقط، بل إنه يكلف الاقتصاد الأميركي خسائر فادحة أيضاً.
وفقاً لتقديرات «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز»، فإن الأمر سيستغرق أسبوعين فقط لتكلفة الاقتصاد أكثر من 6 مليارات دولار، متجاوزاً 5.7 مليار دولار، وهو المبلغ الذي طالب به الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لتمويل الجدار الحدودي المقترح. وفقد الاقتصاد الأميركي، حتى يوم الجمعة الماضي 3.6 مليار دولار.
وفي حين تختلف التقديرات، وفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، فإن عمليات الإغلاق عموماً تتسبب في تكلفة الحكومة وليس توفير المال، بحسب موقع «يو إس إيه توداي» الأميركي.
وتأتي التكاليف بأشكال عديدة، أبرزها الأموال التي يتم إنفاقها مقابل العمل الذي لم يتم إنجازه، والإيرادات المفقودة التي يجب تعويضها من مصادر أخرى، والمصاريف المرتبطة بالتخطيط وتنفيذ الإغلاق، والعقوبات التي تدفعها الحكومة لعدم دفع الدفعات في الوقت المناسب للبائعين والدول، بسبب غلق المؤسسات الحكومية.
وقالت بيت آن بوفينو، كبيرة الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز»، في مذكرة حديثة، إن «هذا الإغلاق تصل تكلفته إلى نحو 1.2 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في هذا الربع من كل أسبوع في هذا الغلق الجزئي».
ورغم أنه قد يبدو هذا الرقم زهيداً بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم، لكنه يعني الكثير بالنسبة للعمال والموظفين. مع عدم دفع الرواتب لنحو 800 ألف موظف وتأخير محتمل في استرداد الضرائب، يمكن أن يكون الأثر الاقتصادي للإغلاق الحكومي الجزئي على الأقل ملياري دولار في الأسبوع، وفقاً لمحللي التجزئة في «ويلز فارغو».
وقد توصلت الشركة إلى هذه الأرقام من خلال النظر في التكاليف المتعلقة بالإيقاف، بما في ذلك فقدان الإنتاجية من قبل العمال الذي يعتبرون في إجازات وتخفيض مبيعات المقاولين إلى الحكومة. وبحسب «يو إس إيه توداي»، فإنه من بين 800 ألف موظف فيدرالي تأثروا بالإغلاق الجزئي، تم إدراج نحو 380 ألف في إجازة غير مدفوعة الأجر. وفي حين أن المبلغ غير واضح، فمن المرجح فرض ديون على الحكومة الفيدرالية بسبب فرض غرامات على الفوائد على المدفوعات المتأخرة للمقاولين وللدول إذا لم يتم توزيع المدفوعات في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

الاقتصاد سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر بمخزونات النفط الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

تراجعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة الثلاثاء متأثرة بانخفاض أسهم التكنولوجيا وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المتفائلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

ارتفعت فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس أن الشركات لا تزال تبحث عن عمال رغم تباطؤ سوق العمل بشكل عام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث في فعالية نهاية العام الماضي (أرشيفية - أب)

ترمب: لا صحة حول حصول تغييرات في خطط التعريفات الجمركية

نفى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم الاثنين تقريراً صحافياً ذكر أنّ مساعديه يدرسون خططاً لفرض رسوم جمركية لن تشمل سوى الواردات الأساسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الدولار القوي يضغط على العملات الرئيسية وسط ارتفاع العوائد الأميركية

شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)
شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)
TT

الدولار القوي يضغط على العملات الرئيسية وسط ارتفاع العوائد الأميركية

شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)
شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)

ظل الدولار قوياً، يوم الأربعاء، مع هبوط الين إلى مستويات لم يشهدها منذ نحو ستة أشهر، مدفوعاً ببيانات أميركية قوية دفعت العوائد إلى الارتفاع، وقللت التوقعات الخاصة بخفض أسعار الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. فقد بلغ الين 158.42 مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ فترة طويلة، قبل أن يتداول عند 158.19.

وفي ظل اقتراب سعر الصرف من مستوى 160، الذي استدعى تدخلاً لبيع الدولار، في وقت سابق من العام الماضي، حذَّر وزير المالية الياباني، كاتسونوبو كاتو، من المضاربات التي قد تؤدي إلى بيع الين. وأوضح بارت واكاباياشي، مدير فرع طوكيو في «ستيت ستريت»، أن هذه المستويات تُعد مستوى مقاومة مهماً، مضيفاً: «مع الأرقام الأميركية القوية، يزداد احتمال رفع أسعار الفائدة، مما يعزز الدولار ويغير التوقعات المتعلقة بتوقيت خفض الفائدة»، وفق «رويترز».

وفي سوق العملات، انخفض اليورو بنسبة 0.5 في المائة، وبلغ نحو 1.0351 دولار، كما تراجع الجنيه الإسترليني إلى 1.2478 دولار، بينما بلغ اليوان الصيني أدنى مستوى له في ستة أشهر عند 7.3319 مقابل الدولار.

وتستمر الأسواق في الترقب، قبل صدور بيانات الوظائف الأميركية، يوم الجمعة، وكذلك قبل التنصيب المرتقب للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في 20 يناير (كانون الثاني)، الذي يُتوقع أن يعلن سلسلة من السياسات والأوامر التنفيذية.

وأظهرت بيانات، الثلاثاء، ارتفاع فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وانخفاض عمليات تسريح العمال، مع تسارع نشاط قطاع الخدمات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما أثار مخاوف من تضخم محتمل. وأدى ذلك إلى ارتفاع العوائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، لتصل إلى 4.699 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ ثمانية أشهر. كما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاماً بمقدار 7.4 نقطة أساس.

وفي أسواق السندات، يتوقع المتداولون انخفاضاً محدوداً بأسعار الفائدة، هذا العام، مع تقدير 37 نقطة أساس فقط من التيسير، وفقاً للعقود الآجلة للأسعار.

في المقابل، واصل الدولار الأميركي التفوق على العملات الأخرى، مع هبوط العملات الأسترالية والنيوزيلندية إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات. فقد انخفض الدولار النيوزيلندي إلى 0.5634 دولار أميركي، مستقراً قرب أدنى مستوى له في عامين، بينما تراجع الدولار الأسترالي إلى 0.6228 دولار أميركي، متأثراً بازدياد احتمالات خفض أسعار الفائدة في أستراليا، في ظل بيانات التضخم الأخيرة.