المركزي التركي يثبت الفائدة ويتمسك بالسياسات المتشددة بسبب التضخم

تراجع ديون القطاع الخاص خلال العام الماضي

أعلن البنك المركزي التركي أمس الإبقاء على سياساته المتشددة  حتى تحقيق تحسن ملحوظ في معدل التضخم (رويترز)
أعلن البنك المركزي التركي أمس الإبقاء على سياساته المتشددة حتى تحقيق تحسن ملحوظ في معدل التضخم (رويترز)
TT

المركزي التركي يثبت الفائدة ويتمسك بالسياسات المتشددة بسبب التضخم

أعلن البنك المركزي التركي أمس الإبقاء على سياساته المتشددة  حتى تحقيق تحسن ملحوظ في معدل التضخم (رويترز)
أعلن البنك المركزي التركي أمس الإبقاء على سياساته المتشددة حتى تحقيق تحسن ملحوظ في معدل التضخم (رويترز)

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء «الريبو» لأجل أسبوع عند مستوى 24 في المائة، للمرة الثالثة على التوالي. وأعلن البنك في بيان عقب الاجتماع الأول للجنة السياسة النقدية أمس (الأربعاء) الإبقاء على سياساته المتشددة حتى تحقيق تحسن ملحوظ في معدل التضخم، الذي استقر عند مستوى مرتفع في نهاية العام 2018 بلغ 20.3 في المائة، فيما يتوقع البنك استمرار التحسن في توازن الحساب الجاري.
وقال البنك في البيان الصادر عقب الاجتماع الأول من 8 اجتماعات ستعقدها لجنته للسياسة النقدية خلال العام الجاري، إن البيانات الصادرة مؤخراً تشير إلى أن اتجاه إعادة التوازن في الاقتصاد أصبح أكثر وضوحاً، وإن الطلب الخارجي يحتفظ بقوته بينما يستمر التباطؤ في النشاط الاقتصادي داخليا، ويرجع ذلك جزئياً إلى السياسة المالية المتشددة.
وأشار البنك إلى أن التطورات في أسعار الواردات وظروف الطلب المحلي أدت إلى بعض التحسن في توقعات التضخم، لكنه حذر من أن المخاطر على استقرار الأسعار لا تزال سائدة، وأنه سيواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة له لتحقيق هدف استقرار الأسعار.
وأضاف أن توقعات التضخم وسلوك التسعير والتأثير المتأخر لقرارات السياسة النقدية الأخيرة ومساهمة السياسة المالية في عملية إعادة التوازن والعوامل الأخرى التي تؤثر على التضخم ستتم مراقبتها عن كثب، وإذا لزم الأمر سيجري تطبيق المزيد من التشديد النقدي.
وعقدت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي التركي 9 اجتماعات في عام 2018، منها اجتماعات استثنائية بسبب التدهور الذي لحق بالليرة التركية التي فقدت 47 في المائة من قيمتها في أغسطس (آب) الماضي بسبب التوتر الحاد مع واشنطن على خلفية قضية القس الأميركي أندرو برانسون والمخاوف من تأثير الرئيس رجب طيب إردوغان على القرار الاقتصادي، وهو ما زاد من الأعباء على التضخم، بالإضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية. واضطر البنك إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي أكثر من مرة حتى وصل إلى 24 في المائة.
كانت بيانات وزارة التجارة والجمارك التركية حول صادرات البلاد في العام 2018 كشفت عن أبطأ وتيرة نمو للصادرات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في 4 أشهر. وبعث هذا الإعلان مخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي بما يهدد الجهود الرامية لتحسين العجز التجاري الذي بلغ 55 مليار دولار في نهاية العام. وأظهرت البيانات أن صادرات تركيا ارتفعت بنحو 0.4 في المائة خلال ديسمبر مقارنة بالفترة نفسها عام 2017. لتصل إلى 13.9 مليار دولار. كما تراجعت الواردات بنحو 28.2 في المائة لتصل إلى 16.57 مليار دولار. وأظهرت البيانات تراجع عجز الميزان التجاري بنحو 71.1 في المائة في ديسمبر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليسجل 2.67 مليار دولار.
وعلى مستوى العام 2018 سجلت الصادرات التركية أعلى مستوى على الإطلاق حيث ارتفعت بنحو 7.1 في المائة لتصل إلى 168.1 مليار دولار مقارنة مع الرقم القياسي السابق المسجل في العام 2017 عند 157.6 مليار دولار، فيما تراجعت الواردات بنحو 4.6 في المائة في 2018، مقارنة بالعام السابق له لتسجل 223.1 مليار دولار.
وعلى الجانب الآخر، سجل التضخم أعلى معدلاته منذ 15 عاما في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليصل إلى 25.24 في المائة، قبل أن يتراجع في نهاية العام إلى 20.30 في المائة، مدفوعاً بانهيار سعر صرف الليرة والارتفاع الحاد والمتواصل في أسعار المواد الغذائية.
وأجمعت مؤسسات التصنيف الدولية، وكذلك صندوق النقد والبنك الدوليان على أن الاقتصاد التركي سيواجه عاماً صعباً في 2019 سيستمر فيه الانكماش وقد يتراجع النمو إلى حدود 1.5 في المائة.
وعقب قرار البنك المركزي أمس بتثبيت سعر الفائدة، تحسن سعر صرف الليرة التركية نسبيا ليرتفع إلى 5.38 مقابل الدولار، بعد أن كان 5.45 ليرة للدولار قبل إعلان القرار.
من ناحية أخرى، قال البنك المركزي إن الديون المستحقة على القطاع الخاص انخفضت في الفترة من ديسمبر 2017 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، موضحا أن الديون طويلة الأجل لهذا القطاع بلغت 213.3 مليار دولار في نوفمبر الماضي، بتراجع 8.8 مليار دولار عن نهاية عام 2017 وأن الديون قصيرة الأجل للقطاع انخفضت أيضا بمقدار 3.1 مليار دولار، لتصل إلى 15.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.