بكين تضخ 83 مليار دولار في نظامها المالي لمساندة الاقتصاد البطيء

مساعٍ حثيثة لتجنب أزمة سيولة

بكين تضخ 83 مليار دولار في نظامها المالي لمساندة الاقتصاد البطيء
TT

بكين تضخ 83 مليار دولار في نظامها المالي لمساندة الاقتصاد البطيء

بكين تضخ 83 مليار دولار في نظامها المالي لمساندة الاقتصاد البطيء

ضخ البنك المركزي الصيني أمس 83 مليار دولار في النظام المالي للبلاد، في مساعٍ لتجنب أزمة سيولة قد تفرض مزيداً من الضغوط على الاقتصاد الذي يشهد ضعفاً نسبياً.
وتعهد صناع السياسات في الصين بتطبيق حزمة من الإجراءات التنشيطية هذا العام لحماية الوظائف، في ظل نمو اقتصادي يعد الأقل وتيرة في الصعود منذ 28 عاماً.
ولكن الإجراءات التنشيطية المسجلة العام الماضي، من مشروعات السكك الحديدية إلى تخفيضات الضرائب كان أثرها محدوداً؛ حيث تعكس البيانات الصينية الأخيرة أن النشاط الاقتصادي في البلاد يتباطأ بأسرع من المتوقع. وقال ترينه نغوين، الاقتصادي في «ناتيكسيس» في هونغ كونغ، لـ«رويترز»، إن الأنباء الأخيرة، الخاصة بالأموال التي ضخها «المركزي» في النظام المالي، مؤشر على حاجة الاقتصاد للمساندة. ويعد المبلغ الذي تم ضخه أمس هو الأكبر، قياساً بمعدلات ضخ الأموال بصفة يومية.
وبعد بيانات التجارة السلبية عن شهر ديسمبر (كانون الأول) التي تم نشرها هذا الأسبوع، ومع تراجع نشاط المصانع، زاد الجدل حول إذا ما كانت البلاد تحتاج لإجراءات أسرع وأقوى، لمساندة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وبحسب البيانات الصينية، فقد انخفضت صادرات البلاد بأكبر قدر في عامين في ديسمبر الماضي، وانكمشت الواردات أيضاً.
وقال البنك المركزي الصيني أمس، إن الأموال التي تم ضخها تهدف لتوفير مظلة من التمويلات للنظام المالي، الذي يواجه قيوداً مع ارتفاع مدفوعات الضرائب في منتصف يناير (كانون الثاني)، والطلب على السيولة يرتفع مع اقتراب إجازة رأس السنة القمرية في بداية فبراير (شباط). وأشار البنك إلى أن سيولة النظام المصرفي تتراجع بشكل متسارع.
كما قال جو فانغمينغ، المسؤول في وزارة المالية الصينية، خلال أحد المنتديات في بكين، الأربعاء، إن الصين تستهدف التوسع في استخدام سندات الخزانة الصينية كأداة أساسية في أنشطة السوق المفتوحة لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، بحسب ما نقلته صحيفة «سيكيوريتيز تايمز» الاقتصادية.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن سندات الخزانة الصينية تستخدم حالياً في أنشطة السوق المفتوحة بين الضمانات الأساسية في التعاملات. في الوقت نفسه، فإن بنك الشعب الصيني يستخدم عمليات السوق المفتوحة من أجل التحكم في حجم السيولة النقدية لدى البنوك في النظام المصرفي الصيني. وجاءت الخطوة الأخيرة بعد أن خفض «المركزي» الاحتياطي الإلزامي للبنوك هذا الشهر، وهو ما سيحرر 116 مليار دولار في مجال القروض الجديدة للبنوك. وبدأ تفعيل تخفيض في الفائدة بـ50 نقطة أساس أول من أمس، وسيتم تخفيض العائدات بنفس القدر في 25 من الشهر الجاري.
وجاءت الخطوة أيضاً بعد يوم من إظهار بيانات المعروض النقدي ضعف نشاط الإقراض، رغم جهود الحكومة لتوصيل السيولة للشركات التي تحتاجها بشدة، بالتزامن مع تخفيض عائد الإقراض.
وفي الوقت الذي تعمل فيه السلطات على تشجيع البنوك على الإقراض للشركات التي تحتاج إلى التمويل، فإن البنوك تتعامل بشكل حذر لتجنب القروض السيئة، بعد قيام السلطات بعملية مكافحة لأنشطة الإقراض المرتفعة الخطورة.
ويكرر المسؤولون الصينيون تعهدات بشأن مساندة الاقتصاد، ولكنهم يؤكدون أيضاً أنهم لن يكرروا تجربة الماضي بشأن إطلاق الأنشطة التحفيزية بشكل قوي مبالغ فيه، والذي ساعد بالفعل على الصعود بالنمو الاقتصادي، ولكنه خلَّف وراءه تلاً من الديون.
وهناك توافق بين المراقبين في السوق، على أن صناع السياسات في الصين سيحافظون على سياسات معتدلة في مساندة الاقتصاد لفترة من الوقت.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».