فك التمويل العقاري للسودانيين ينعش جمعيات الإسكان الأهلية

مخاوف في سوق العقار من توجيه أموال القروض لأغراض أخرى

فك التمويل العقاري للسودانيين ينعش جمعيات الإسكان الأهلية
TT

فك التمويل العقاري للسودانيين ينعش جمعيات الإسكان الأهلية

فك التمويل العقاري للسودانيين ينعش جمعيات الإسكان الأهلية

في وقت قرر فيه السودان الخميس الماضي، فك التمويل العقاري للمواطنين والشركات؛ المحظور منذ 5 سنوات، بدأت جمعيات الإسكان التعاونية والمهنية، في اتخاذ تدابير تؤمن لأعضائها الاستفادة المباشرة من تلك القروض، وتجنيبها السماسرة وتجار العقارات.
وسمح القرار، الذي أصدره بنك السودان المركزي الأسبوع الماضي، ويشمل كذلك المغتربين بالخارج، للمصارف بإقراض المواطنين لمشروعات الإسكان، بعد دفع مقدم 25 في المائة من قيمة القرض وفق ضوابط منظمة. وسيكون القرض بصيغة المرابحة، ويبدأ تنفيذ الإجراء ابتداء من مطلع هذا العام، بجانب إجراء آخر وهو فتح تمويل السيارات للمغتربين وتمويل سيارات النقل لغير المغتربين.
كما سمح القرار للاتحادات المهنية والجمعيات التعاونية في مؤسسات الدولة، بالحصول على القروض العقارية من البنوك، بشرط الحصول على البطاقة القومية والعضوية من اتحاداتهم وجمعياتهم. ويسمح القرار بتمويل مشروعات الإسكان الشعبي والاقتصادي والفئوي التي يتم تشييدها تحت رعاية الصندوق عن طريق المحافظ المصرفية للتمويل. وأعلن الاتحاد الهندسي لولاية الخرطوم عبر الصحف مؤخرا، أنه حصل على فرص منازل جاهزة بعدد من المخططات بولاية الخرطوم، وسيتم التسجيل لها عبر منافذ الاتحاد بالصندوق القومي للإسكان. ويسمح القرار بتمويل مشروعات الإسكان الشعبي والاقتصادي والفئوي التي يتم تشييدها تحت رعاية الصندوق عن طريق المحافظ المصرفية للتمويل.
ووفقا لمصادر «الشرق الأوسط»، فإن بنك السودان سيعلن قبل نهاية الشهر الحالي، الضوابط التي سيتم بها منح التمويل العقاري للمستحق، والتي تضمن وصول التمويل إليه، دون استعانته بسمسار أو مكتب عقار.
وتسود مخاوف في سوق العقار بالسودان من توجيه أموال القرض العقاري، الذي سيحصل عليه المواطنون، لأغراض أخرى، وهو ما أفشل التمويل العقاري، الذي كان سائدا قبل عام 2004، حيث استخدمت أموال العقارات في استثمارات وأعمال أخرى خلافا لغرضها، دفعت بنك السودان لإيقافه.
وأضاف المصدر أن هناك مخاوف تسود لدى المواطنين بأن يدخل تجار العقارات واجهات للحصول على التمويل وبالتالي يستولون على الأموال المخصصة للتمويل العقاري باعتبارهم أصحاب المال والخبرة. وكشف المصدر أن صيغة المرابحة التي سيتم بها تقديم القرض العقاري في المشروع الجديد، تضع هامشا ربحيا يتراوح بين 12 و14 في المائة من قيمة القرض، أسوة بقرض التمويل الأصغر الذي تمنحه البنوك حاليا بما يصل إلى 100 ألف جنيه سوداني (نحو 2.2 ألف دولار).
وحول الضمانات التي تؤمن حصول المواطن على القرض مباشرة من البنك المعني، قال خبير الإسكان ومدير الإعلام في الصندوق القومي للإسكان عمر سعدان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك جمعيات تعاونية للإسكان تم الترخيص لها قبل عام، لكنها ستزاول نشاطها قريبا بعد القرار الأخير بفك التمويل العقاري في البنوك»، عادّاً إياه المخرج لفك أزمة توجيه القروض العقارية لغير مكانها. وأشار سعدان إلى أن هذه الجمعيات تم تأسيسها في أماكن العمل ومقار النقابات في ولاية الخرطوم وبعض الولايات، إضافة إلى عدد من الأحياء في مختلف مدن البلاد، ولها شخصية اعتبارية، وذلك بهدف السعي والحصول على تمويل وتسهيلات لتوفير السكن لأعضائها ولعامة المواطنين، وإعداد الدراسات المتعلقة بالسكن وتوفير مأوى مناسب.
وفي استطلاع أجرته «الشرق الأوسط» على انعكاس فتح التمويل العقاري على الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتخفيض أسعار العقارات الملتهبة في السودان، كشف خبراء عقاريون عن أن القرار سيحرك 120 صناعة محلية وقطاعا ذات علاقة بالبناء والتشييد والأراضي، مثل مواد البناء ومصانع الحديد والإسمنت، بجانب خدمات التسويق العقاري والمخططات السكنية، ومشروعات الصندوق القومي للإسكان، التي تعتمد على التمويل العقاري بنسبة 100 في المائة.
ويري المحلل الاقتصادي السوداني الدكتور هيثم فتحي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن توجيه البنك المركزي بفك التمويل العقاري ضمن حزمة السياسات الجديدة، التي تشمل فكا جزئيا للسيارات، خطوة مهمة جداً لتحريك سوق العمل السودانية. وأضاف أن تمويل القطاع العقاري يحرك قطاعات مختلفة؛ منها البناء والتشييد، وكل الأنشطة ذات الصلة بالقطاع، مضيفا أنها تنعكس على العقارات والإيجارات، مما يفرز مساحة لكل أسرة لتوفير السكن والمأوى وتأمين مستقبلها في ظل التضخم المرتفع.
ويشكل فتح التمويل العقاري للمغتربين الوارد ضمن قرار بنك السودان الأخير، أكبر نافذة للدولة للاستفادة من هذا المشروع في دعم احتياطاتها من النقد الأجنبي، من خلال جذب واستقطاب مدخرات وتحويلات المغتربين. كما تستفيد البنوك والمصارف من هذه التحويلات في تنشيط مواردها من النقد الأجنبي، فضلا عن السيطرة على سعر صرف العملات الأجنبية.
ووافق بنك السودان المركزي العام الماضي على فك التمويل العقاري للمغتربين السودانيين، المقدر عددهم بنحو 5 ملايين، على أن يبدأ العمل بالقرار الجديد، الذي ينفذ بواسطة جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج، مطلع العام الحالي، وفق ضوابط يتم الاتفاق عليها وإعلانها خلال الفترة المقبلة.
وعدّ عادل الباز، رئيس تحرير صحيفة «الأحداث نيوز» الإلكترونية، أن السكن لا يزال الهاجس الأساسي للمغتربين طيلة العقود الماضية، بل إن كثيرين هاجروا لأجل توفير سكن محترم لهم ولأسرهم، وقد أنفقت أجيال من السودانيين أعمارها في اللهث وراء بناء بيت. وبين الباز أن هذه الخطوة ستدفع مئات الآلاف من المغتربين، خصوصا الذين هاجروا خلال السنوات الخمس الأخيرة والمقدر عددهم بنحو 20 ألف مغترب، للاستفادة من القرار الجديد، بعد فترة توقف فيها التمويل البنكي للعقارات تقريبا، مما يعني أن ملايين الدولارات ستتدفق على الأسواق، إضافة إلى أنها ستساهم في إنعاش سوق مواد البناء والأسواق المرتبطة بها. وأضاف أن البنوك ستكون هي الرابح الأكبر من التمويل العقاري؛ إذ ستدخل في تمويل مضمون بالأرض رهناً، والمنزل نفسه، وهو نوع الاستثمار الذي تحبذه المصارف. ومن شأن بناء 3 آلاف منزل، تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، مما يؤدي لتخفيض نسب البطالة المتزايدة وإنعاش أسواق المواد الكهربائية والأثاث... وغيرها.


مقالات ذات صلة

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.