دائرة الأراضي في دبي تتوقع موجة عقارية صاعدة مع دخول العام الجديد

تداولات نهاية العام واهتمام المستثمرين العالميين يعطيان مؤشراً إيجابياً لسوق الإمارة

تكمن أهمية القطاع العقاري بدبي في دوره في تنويع موارد الدخل كونه يمثل عامل استقطاب للاستثمار (الشرق الأوسط)
تكمن أهمية القطاع العقاري بدبي في دوره في تنويع موارد الدخل كونه يمثل عامل استقطاب للاستثمار (الشرق الأوسط)
TT

دائرة الأراضي في دبي تتوقع موجة عقارية صاعدة مع دخول العام الجديد

تكمن أهمية القطاع العقاري بدبي في دوره في تنويع موارد الدخل كونه يمثل عامل استقطاب للاستثمار (الشرق الأوسط)
تكمن أهمية القطاع العقاري بدبي في دوره في تنويع موارد الدخل كونه يمثل عامل استقطاب للاستثمار (الشرق الأوسط)

على الرغم من الهدوء الذي يشوب سوق العقارات في مدينة دبي خلال هذه الفترة، فإنها شهدت تداولات نشطة مع نهاية العام، حيث رصدت دائرة الأراضي والأملاك في دبي نموا غير مسبوق في آخر عشرة أيام من العام 2018 سجلت فيها السوق العقارية بالإمارة الخليجية نشاطا عاليا في حجم التصرفات وصل حجمه بالأرقام إلى 2081 تصرفا بقيمة تجاوزت 19 مليار درهم (5.1 مليار دولار).
وأكد سلطان بن مجرن مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي أهمية هذه النتائج في القراءات التحليلية وأثرها الإيجابي المباشر في دعم مخرجات ونتائج العام 2018، بأكمله فضلا عن كونها مؤشرا إيجابيا لموجة صاعدة في القطاع العقاري يتوقع انطلاقتها مع بداية العام الجديد 2019.
وأضاف بن مجرن أن هذا النشاط يظهر مدى جاذبية القطاع العقاري في الإمارة وعلى وجه التحديد إقبال المشترين والمستثمرين للاستفادة من التشريعات والحوافز الاستثمارية التي أعلن عنها مؤخرا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لجعل دبي الخيار الأول على قائمة الوجهات الاستثمارية.
وأوضح أن الأرقام الجديدة المتمثلة في وصول عدد التصرفات إلى هذا المستوى القياسي في غضون فترة قصيرة نسبيا تعكس الثقة المتجددة إزاء السوق العقارية في دبي خاصة على ضوء الاستعدادات التي تجري على قدم وساق لإطلاق «إكسبو 2020»، وتنبع قرارات المستثمرين من رصدهم للتطورات المتلاحقة على صعيد التشريعات الحكومية التي تضمن لهم حقوقهم والبيئة الحافزة التي ترسخها الحكومة للاستثمار في هذا القطاع وضمان عوائد مجزية على المدى البعيد.
وأفاد بن مجرن في تقرير صدر مؤخراً «بأنه خلال الفترة من 17 وحتى 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أظهرت التصرفات التي تشمل المبايعات والرهون وفئات أخرى ارتفاعا ملحوظا وصل إلى 2081 تصرفا تجاوزت قيمتها حاجز 19 مليار درهم (5.1 مليار دولار) ويبدو ملاحظا أن تلك التصرفات العالية كانت تسجل بشكل يومي أكثر من مليار درهم (272 مليون دولار) خلال الفترة المذكورة وبلغت ذروتها يوم 24 ديسمبر الماضي عندما بلغ حجمها 3.6 مليار درهم (979 مليون دولار) تقريبا.
وبين أنه على مستوى المناطق في الإمارة سجلت الحبية الثالثة تميزا باستحواذها على المرتبة الأولى في تصرفات البيع للأراضي بعد أن استقبلت 25 تصرف بيع وصلت قيمتها الإجمالية إلى 69 مليون درهم (18.7 مليون دولار) وعلى صعيد مبيعات المباني تفوقت منطقة «وادي الصفا 5» مع 43 تصرفا بقيمة 65 مليونا درهم (17.6 مليون دولار) تلتها «وادي الصفا 7» مع 20 تصرفا وصلت قيمتها إلى 34 مليون درهم (9.2 مليون دولار) بينما جاءت في المرتبة الثالثة «اليلايس 2» التي شهدت 13 تصرف بيع للمباني بقيمة 19 مليون درهم (5.1 مليون دولار).
وفي تصرفات رهون المباني كان المركز الأول من نصيب «الثنية الرابعة» من خلال 15 رهنا بلغت قيمتها 23 مليون درهم (6.2 مليون دولار) وحلت ثانيا «اليلايس 2» التي استقطبت 12 تصرف رهن بقيمة 11 مليون درهم (2.9 مليون دولار) وكانت المرتبة الثالثة لمنطقة «اليلايس 1» مع 5 تصرفات قيمتها 7 ملايين درهم (1.9 مليون دولار) في حين شاركتها في نفس المرتبة «البرشاء جنوب الرابعة» من خلال 5 تصرفات لكن قيمتها وصلت إلى 9 ملايين درهم (2.4 مليون دولار).
ولفت بن مجرن إلى أنه بالنسبة لتصرفات مبيعات الوحدات تفوقت فيه «ورسان الأولى» مع 196 تصرف بيع بقيمة 86 مليون درهم (23.4 مليون دولار). ومع أن عدد تصرفات بيع الوحدات في الخليج التجاري وصل إلى 115 وحدة فإن قيمتها الإجمالية كانت 149 مليون درهم (40.5 مليون دولار). وجاءت في المرتبة الثالثة «مرسى دبي» من خلال 98 وحدة بلغت قيمتها الإجمالية 161 مليون درهم (43.8 مليون دولار).
وذكر أنه على مستوى رهون الوحدات تفوقت الخليج التجاري التي سجلت 44 رهنا بقيمة قياسية وصلت إلى 326 مليون درهم (88.7 مليون دولار) في حين أن رهون 34 وحدة في «البرشاء جنوب الرابعة» والتي وصلت إلى 17 مليون درهم (4.6 مليون دولار) أهلتها للمرتبة الثانية رغم الفارق الكبير وكان المركز الثالث لمنطقة «الثنية الخامسة» التي شهدت 26 تصرف رهن للوحدات بقيمة 31 مليون درهم (8.4 مليون دولار).
وأشار بن مجرن إلى أنه في المحصلة الإجمالية لجميع التصرفات بما في ذلك الأراضي والمباني والوحدات برزت «ورسان الأولى» في البيع مع 200 عملية بقيمة 111 مليون درهم (30.2 مليون دولار) تلتها «الخليج التجاري» مع 115 عملية بيع بقيمة 149 مليون درهم (20.2 مليون دولار) وفي المرتبة الثالثة جاءت مرسى دبي مع 98 تصرف بيع قيمته 161 مليون درهم (43.8 مليون دولار)، وكانت المراكز السبعة التالية لكل من البرشاء جنوب الرابعة وادي الصفا 5 برج خليفة المركاض نخلة جميرا حدائق الشيخ محمد بن راشد والحبية الرابعة.
وبالنسبة إلى تصرفات الرهن تصدرت منطقة «الخليج التجاري» بعد تسجيلها 45 تصرفا بقيمة قياسية قدرها 353 مليون درهم (96 مليون دولار) ثم جاءت البرشاء جنوب الرابعة مع 42 تصرفا بقيمة 79 مليون درهم (21.5 مليون دولار)، وجاءت ثالثا الثنية الخامسة من خلال 34 تصرفا وصلت قيمته إلى 61 مليون درهم (16.6 مليون دولار).
أما المناطق السبع الأخرى التي انضمت إلى قائمة أعلى المناطق نشاطا من دون تحديد نوع العقار فكانت على التوالي لكل من الحبية الثالثة ومعيصم الأول واليلايس 2 ومرسى دبي والثنية الرابعة والجداف وورسان الأولى.
ونوه بن مجرن بالدور الحيوي الذي تلعبه أراضي دبي لدعم التوجهات الحكومية من خلال إجراءاتها التي تتسم بالشفافية والمرونة، حيث تدرك الدائرة أهمية القطاع العقاري ودوره المهم في تنويع موارد الدخل في الناتج المحلي الإجمالي كونه يمثل عامل استقطاب للاستثمار وصولا إلى التنمية الشاملة والمستدامة في الاقتصاد الوطني.
وأضاف: «من شأن ذلك أن يحفزنا على الأداء المؤسسي المتفوق من خلال تبني أحدث تقنيات العصر»، مشيرا إلى أنهم بعد أن طرحوا حزمة شاملة من التطبيقات الذكية زاد مستوى اهتمام المستثمرين الأجانب من دول كثيرة حول العالم؛ لأنها أتاحت لهم التعرف على السمات الفريدة التي يتمتع بها القطاع العقاري في إمارة دبي، وتنوع المنتجات المعروضة في السوق التي تناسب مختلف شرائح المشترين بدءا من الباحثين عن مسكن ثان خارج مواطنهم الأصلية وصولا إلى كبار المستثمرين الذين يجوبون العالم عن أفضل الخيارات الاستثمارية. وفي شأن آخر تستقبل دائرة الأرضي والأملاك في دبي خلال الفترة من 13 إلى 18 يناير (كانون الثاني) الحالي وفدا من الولايات المتحدة الأميركية من المؤسسات الحكومية والخاصة يضم أكثر من 150 وكيلا عقاريا و11 مستثمرا يبحثون عن فرص استثمارية في دبي.
وقال بن مجرن: «مع بداية العام الجديد نعلن عن دخول سوق دبي العقارية في مرحلة جديدة من النمو للترويج للفرص العقارية، حيث تعتبر بيئة دبي آمنة للعيش والعمل والاستثمار إضافة إلى المناخ الاقتصادي المتنوع القادر على استقطاب كافة قطاعات الأعمال، ويتجلى هذا باستقبال أراضي دبي وفدا عقاريا من الولايات المتحدة الأميركية لاستكشاف الفرص الاستثمارية الحيوية في القطاع العقاري لإمارة دبي والتي تميزها عن غيرها من الأسواق العالمية، حيث تحتل مكانة بارزة بين أفضل 10 وجهات جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر».
وأضاف أن هذه الخطوة - التي يتبناها قطاع تشجيع وإدارة الاستثمار العقاري في «أراضي دبي» - تهدف إلى تعزيز الأجندة الثرية من مبادراته المبتكرة التي يسعى من خلالها إلى ترسيخ الشفافية وتعزيز مكانة دبي كبيئة جاذبة للاستثمار بما يساعدها على تحقيق رؤيتنا الطموحة لجعل دبي الوجهة العقارية الأولى عالميا في الابتكار والثقة والسعادة.
من جانبها أعربت ماجدة راشد المديرة التنفيذية لقطاع تشجيع وإدارة الاستثمار العقاري عن سرورها باستقبال الوفد الأميركي في دبي، لافتة إلى أن هذه الزيارة ستشكل باكورة المبادرات الترويجية للفرص العقارية في العام الجديد 2019 في الوقت الذي تدخل فيه سوق دبي العقارية مرحلة جديدة من النمو المستدام التي تبشر بموجة صاعدة تتزامن مع انطلاق معرض إكسبو 2020 في العام المقبل.
وأكدت أن هذه الزيارة تعد خطوة فريدة لإطلاق برنامج ترويجي من خلال قطاع تشجيع وإدارة الاستثمار العقاري لتسهم إيجابيا في استقطاب الاستثمارات من السوق الأميركية الضخمة إلى سوق دبي العقارية، وسيطلع الوفد الأميركي الزائر على عدد من المشاريع العقارية للمطورين مع تقديم العروض التوضيحية التي تبرز عوامل الاستقرار السياسي والاجتماعي في دولة الإمارات عموما وإمارة دبي على وجه الخصوص، إلى جانب تسليط الضوء على تشريعاتها وقوانينها العقارية التي تعد من عوامل التحفيز المهمة للاستثمار العقاري.
وتأتي هذه الزيارة في بداية العام الجديد كثمرة تنسيق مشترك بين دائرة الأراضي والأملاك في دبي وأمين الترويج العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وشركتي «عقاري جلوبال ليميتد» و «سنتشري 21 الإمارات»، حيث تعد الأولى من نوعها للترويج لسوق دبي العقارية بهدف جذب المستثمرين والوسطاء العقاريين من الولايات المتحدة الأميركية والعالم وتشجيعهم على زيارة دبي والاستثمار عقاريا فيها.
وسيركز ممثلو «أراضي دبي» خلال الزيارة على الكشف عن الفرص الاستثمارية الحيوية في القطاع العقاري لإمارة دبي التي تمثل قصة نجاح مميزة بين الأسواق العالمية.
وكانت «أراضي دبي» قد سجلت حضورا لها كشريك استراتيجي عالمي في مؤتمر الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين الأميركية الذي استضافته مدينة بوسطن الأميركية قبل نهاية العام الماضي، فيما تكمل الزيارة البرنامج الترويجي الذي يتبناه قطاع تشجيع وإدارة الاستثمار العقاري لتسهم في استقطاب الاستثمارات من السوق الأميركية الضخمة إلى سوق دبي العقارية.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»