معرض القاهرة للكتاب يحتفل بيوبيله الذهبي

بمشاركة 35 دولة و1273 ناشراً... والجامعة العربية ضيف شرف

وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم وعدد من المسؤولين خلال المؤتمر الصحافي
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم وعدد من المسؤولين خلال المؤتمر الصحافي
TT

معرض القاهرة للكتاب يحتفل بيوبيله الذهبي

وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم وعدد من المسؤولين خلال المؤتمر الصحافي
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم وعدد من المسؤولين خلال المؤتمر الصحافي

يحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب بيوبيله الذهبي، في دورته الخمسين، في ظل حرص من المسؤولين على أن تكون دورة ناجحة ومتميزة تليق بتاريخ المعرض، خصوصاً بعد انتقاله من مقره القديم بمدينة نصر إلى منطقة التجمع الخامس بأطراف القاهرة.
تنطلق فعاليات المعرض يوم 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، بمشاركة 35 دولة يمثلها 1273 ناشراً، وتستمر حتى 5 فبراير (شباط) المقبل، واختيرت جامعة الدول العربية ضيف شرف لهذه الدورة، التي تحتفي برمزين من رموز الثقافة المصرية هما: ثروت عكاشة، وسهير القلماوي.
وفي المؤتمر الصحافي التمهيدي للمعرض، الذي حضرته السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين المساعد لجامعة الدول العربية، وسعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين، ومحمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب، قالت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم إن «كل شيء تم ترتيبه على أكمل وجه، وأن أسماء الضيوف ستكون من بين مفاجآت المعرض لهذا العام». وأكدت عبد الدايم أن هذه الدورة ستكون دورة استثنائية، بل تاريخية، ونقلة حقيقية للمعرض وخطوة مهمة لتطويره.
وفي كلمة قرأتها السفيرة هيفاء أبو غزالة، قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن «اختيار جامعة الدول ضيفاً جاء نتيجة المخزون عالي التنوع، مما يدل على فعالية الدور الثقافي المشترك في العالم العربي».
وبالفعل وفي أثناء جولة تفقدية بالمعرض، اتضح وجود مساحات وتنظيم غير مسبوق لأقسام وأجنحة العرض، ووجود خدمات فائقة خاصة لذوي للاحتياجات الخاصة تضمن تنقلهم من مكان لآخر بكل سهولة، فضلاً عن توفير كل وسائل التنقل والمواصلات للقاعات المكيفة والمجهزة، التي ستضمن للعارضين عدم التعرض لتقلبات الطقس وسقوط الأمطار والإضرار بالكتب، كما حدث في أحد الأعوام السابقة.
فيما أوضح رئيس الهيئة العامة للكتاب المنظمة للمعرض د. هيثم الحاج علي، أن المعرض هذا العام سيشهد مشاركة الكثير من الدول لأول مرة، من بينها 3 دول أفريقية، هي: كينيا وأوغندا ونيجيريا. وزاد عدد الناشرين المشاركين 20 في المائة على العام الماضي، وهناك 1200 ناشر يقدمون إصدارات متنوعة لرواد المعرض من 35 دولة. ومن المتوقع أن يبلغ عدد الضيوف العرب والأجانب 170 ضيفاً، وعدد الشعراء المشاركين في قاعة الشعر أكثر من 300 شاعر، ومشاركة 2500 كاتب وناقد ومبدع وفنان في الفعاليات الثقافية.
وحول الجدل الذي أُثير عن منع مشاركة تجار كتب «سور الأزبكية»، أوضح الحاج علي أنه لم يتم منعهم، وقال: «هناك كراسة الشروط، ومن التزم بها مشارك بالمعرض، وسواء في وجود السوق أو عدمه ستكون هناك كتب بأسعار زهيدة مثل إصدارات (مكتبة الأسرة) و(سلسلة المعرفة)، بالإضافة إلى أجنحة كتب مخفضة، ومع ذلك نرحب بمن يلتزم بكراسة الشروط». وكان تجار الكتب بـ«سور الأزبكية» قد أعلنوا عن احتجاجهم على نقل المعرض، ورفض مشاركة بعضهم، وقرروا إقامة معرض كتاب مواز بمقر المكتبات في منطقة العتبة وسط القاهرة، وقد لقيت دعوتهم تأييد كوكبة من المثقفين الذين أعلنوا إطلاق كتبهم وإقامة حفلات توقيع في العتبة، فيما بدا على دور النشر المصرية الأخرى بعض التخوف من عدم وجود إقبال جماهيري مماثل للمعارض السابقة، حيث أقام بعضهم عدة حفلات توقيع بمكتبات خاصة، أو بمقر دور النشر، وهذا على غير المعتاد من كل عام.
من ناحيته، يرى محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب، أن «المعرض سيأخذ شكلاً جديداً هذا العام، وسنقيم التجربة كلجنة عليا للمعرض، لكنه بكل هذه الإمكانات سيواكب أهم المعارض العالمية، وسيجد الجمهور متعة كبرى في زيارة المعرض. وهناك دور نشر تشارك لأول مرة من أميركا وأوروبا، وقد كنت أنادي بتغيير مكان المعرض ليكون مكاناً لائقاً بمصر واسمها وبهذا الحدث الضخم».
يقع المعرض على مساحة 45000 متر مربع، وتشارك به 35 دولة، وعدد الناشرين الأجانب والعرب 748 ناشراً، والعدد الإجمالي 1273 ناشراً، ودور النشر المصرية التي تشارك لأول مرة 62 داراً.
وأصدرت هيئة الكتاب عناوين الكتب الجديدة خلال عام 2018، وبلغت أكثر من 594 عنواناً. ويصاحب المعرض نشاط ثقافي وفني متنوع، ويصل عدد الفعاليات الثقافية إلى 419 فعالية، وعدد الفعاليات الفنية 144 فعالية.
كما تعقد فعاليات خاصة بالطفل تصل إلى 234 فعالية تتضمن ورش الكتابة والمسرح والفن التشكيلي، بالإضافة إلى 600 حفل توقيع للإصدارات الجديدة.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.