كاميرات المراقبة في مصر... عين على الأمن والخصوصية

TT

كاميرات المراقبة في مصر... عين على الأمن والخصوصية

في إجراء تأمل مصر أن يمثل ردعاً في مواجهة الحوادث الإرهابية أو الإجرامية، وافق البرلمان على مشروع قانون يُلزم أصحاب المحلات العامة بـ«تركيب كاميرات مراقبة داخلية وخارجية»، وذلك ضمن الاشتراطات اللازمة لمنح رخصة العمل، غير أن تلك الموافقة صاحبتها حالة من الجدل بشأن أثر ذلك على احترام الخصوصية.
وحسب نص المادة 27 من مشروع قانون تنظيم عمل المحال العامة، والذي يراجعه مجلس الدولة، حالياً، بعد موافقة مجلس النواب عليه مبدئياً، أول من أمس، فإن المحال تلتزم بتركيب «كاميرات مراقبة داخلية وخارجية وفقاً للاشتراطات التي يصدر بها قرار من اللجنة (منح التراخيص)، وتحدد اللجنة الأنشطة والاشتراطات الواجب توافرها لتركيب الكاميرات».
وتمثل كاميرات المراقبة في الشوارع عنصراً أساسياً في عمل الأجهزة الأمنية لضبط منفذي العمليات خصوصاً الإرهابية، وفي أحدث عملية استهدفت كنيسة بمنطقة مدينة نصر في العاصمة القاهرة، قبل أسبوع تقريباً، رصدت كاميرات المراقبة وجه أحد المشتبه بهم في وضع العبوات الناسفة التي أودت بحياة ضابط من قوة المفرقعات قبل يوم واحد من احتفالات الأقباط بعيد الميلاد.
وخلال مناقشة المادة في البرلمان لفت النائب الدكتور عفيفي كامل عضو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية، إلى «ضرورة أن تتوخى المادة مراعاة ضمان الحريات المنصوص على كفالتها في الدستور»، وفسّر ذلك بأنه «يجب أن يكون الإلزام مرتبطاً بمراقبة المواقع العامة من خارج المحلات وليس الخاصة من داخلها، لأن الشوارع تدخل في نطاق المصلحة العامة».
وقال كامل لـ«الشرق الأوسط، أمس، إن «التعليق الاحترازي الذي أطلقه خلال مناقشة المادة كان يستهدف حماية خصوصية الأفراد في بعض المحال التي تتطلب مثلاً تبديل الملابس، وهو أمر لا يجب رصده، فضلاً عن حرية الشخص في أن يرتاد أماكن لا يرغب أن يعرف أحد ولوجه إليها، ويجب أن يبرز صاحب المحل لرواده أن المكان مراقَب بالكاميرات، وتكون لهم الحرية في الدخول أو تجنبه».
وأوضح كامل أنه «ومع مراعاة الضرورات الأمنية وراء مراقبة الشوارع أمام المحال وهو إجراء وقائي لازم ومهم، فإنه يجب كذلك عدم إهدار المبدأ والنص الدستوري الملزم باحترام الخصوصية».
وتفرض مصر، بشكل شبه متواصل، تطبيق حالة الطوارئ منذ أبريل (نيسان) 2017، عقب تفجيرين متزامنين استهدفا كنيستين في محافظتي الإسكندرية وطنطا، وأسفرا عن مقتل ما يزيد على 40 شخصاً غالبيتهم من الأقباط.
وقال رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، خلال مناقشة المادة ذاتها بالجلسة العامة، إنه «يجب على أي مكان مراقب بالكاميرات أن يضع تنبيهاً وذلك حمايةً للحرية الشخصية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.