فحص ملف فساد رابع ضد نتنياهو بأمر مراقب الدولة

TT

فحص ملف فساد رابع ضد نتنياهو بأمر مراقب الدولة

أعرب مراقب الدولة الإسرائيلي القاضي المتقاعد يوسيف شابيرا، عن تذمره واحتجاجه الشديدين من قيام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتجنيد مبالغ مالية طائلة لتمويل المرافعة القضائية في ملفات الفساد التي يواجهها. وتوجه برسالة إلى المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، يطالبه فيها بإجراء فحص لهذا التصرف إن لم يكن فيه مخالفة قانونية تستدعي فتح ملف فساد رابع ضده.
وقال شابيرا في رسالته إن نتنياهو تلقى 300 ألف دولار لتمويل المرافعات القضائية في ملفاته، من دون الحصول على تصريح من المراقب أو إبلاغه، ولذلك أطلب من المستشار القضائي فحص عملية تحويل الأموال ومدى المخالفة للقانون فيها.
وقد جاءت هذه الرسالة في أعقاب نشر تقرير في صحيفة «هآرتس»، كشف أن نتنياهو تلقى مئات الآلاف من الدولارات من دون تصريح قانوني، وأن هذه الأموال حولت إلى طاقم من المحامين يمثلونه هو وزوجته سارة في الإجراءات القانونية والتحقيقات ضدهم في ملفات الفساد، وذلك في الفترة ما بين مارس (آذار) 2017 ومارس 2018، حتى قبل أن يطلب محاميه موافقة لتجنيد الأموال. ووفقاً للصحيفة، توجه محامي نتنياهو إلى مندلبليت وطلب السماح لاثنين من رجال الأعمال الأميركيين المقربين من نتنياهو تحمل تكاليف دفاعه القانوني، المقدرة بملايين الشواقل، والاثنان هما نتنياهو ناتان ميليكوفسكي وسبنسر برتريدج، وهما قريبان له، وشهد كلاهما في «القضية 1000»، التي ينسب من خلالها لنتنياهو وزوجته شبهات الحصول على هدايا وامتيازات من رجال أعمال بشكل غير قانوني.
وكتب مندلبليت خلال وجهة نظر قانونية، بأن تبرع رجال الأعمال لتغطية مصاريف النفقات القانونية لا تعتبر مخالفة لقانون الهدايا، ومع ذلك، قال المستشار القضائي إن جمع الأموال يتطلب موافقة لجنة التصاريح بمكتب مراقب الدولة، التي تملك صلاحيات بالسماح ومنح التصاريح إلى الوزراء ونواب الوزراء للحصول على تبرع أو عدم السماح لهم بتنفيذ إجراءات والتي قد تؤدي إلى تضارب المصالح. وقامت لجنة التصاريح، التي يرأسها قاض متقاعد مع عضوين آخرين، بفحص طلب نتنياهو ورفضته، قائلة إنه «ليس من المناسب أن يمول رجال أعمال التكاليف القضائية لملفات ناجمة عن تحقيق جنائي، حيث تشمل التحقيقات شبهات بارتكاب مخالفات جنائية من خلال العلاقات مع رجال الأعمال، وعليه فهذا التمويل قد يضعف ثقة الجمهور بالمسؤولين الحكوميين».
وتضيف الصحيفة أنه في الآونة الأخيرة توجه محامي نتنياهو الجديد، المحامي نافوت طال تسور، وطلب من مكتب المراقب أن تعيد لجنة التصاريح النظر في قرارها بشأن تمويل نتنياهو دفاعه القانوني. وأن ميليكوفسكي قام بالفعل بتحويل 300 ألف دولار إلى نتنياهو، الذي بدوره نقلها إلى عدة محامين. وفاجأ هذا الاكتشاف مراقب الحسابات وأعضاء لجنة التصاريح، وفي أعقاب ذلك، بعث شابيرا بالرسالة التي طلب فيها من مندلبليت فحص الموضوع، كما حول المراقب طلب نتنياهو الجديد له بتجنيد أموال لتمويل المرافعة القانونية، حيث طلب تصريحاً بالسماح لنتنياهو بالحصول على مليوني دولار.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».