تضارب معلومات وتقديرات حول الوجود الأميركي في العراق

TT

تضارب معلومات وتقديرات حول الوجود الأميركي في العراق

بعد مرور 11 عاماً على توقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، عاد الحديث عن الوجود الأميركي في العراق ليحتل الأولوية لدى الشارع، فضلاً عن الطبقة السياسية، وسط تضارب في المعلومات والتقديرات.
المعلومات التي كانت متداولة طبقاً للمصادر الرسمية العراقية تفيد بأن العدد الكلي للأميركيين في العراق هو خمسة آلاف شخص ليست بينهم قوات قتالية على الأرض، بل تقتصر أعداد هؤلاء على المستشارين والمدربين.
وبعد الزيارة المفاجئة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، لقاعدة «عين الأسد» في الأنبار غربي العراق، أواخر العام الماضي، وتصريحاته التي استفزت حلفاء إيران خصوصاً عن استخدام تلك القاعدة منطلقاً للقتال ضد تنظيم داعش في سوريا، أُعيد فتح ملف الوجود الأميركي حتى بين رئيسي الوزراء السابق حيدر العبادي، والأسبق نوري المالكي.
ففي وقت اتهم المالكي سلفه العبادي بزيادة الوجود الأميركي بشكل جعله «مصدر خطر ضد جيران العراق»، خصوصاً إيران، رد العبادي بأن المالكي هو من طلب استقدام قوات أميركية إلى العراق بعد احتلال «داعش» محافظتي نينوى وصلاح الدين في يونيو (حزيران) 2014.
وسارعت كتل سياسية شيعية عدة، في مقدمتها الفصائل التي لديها علاقات قوية مع إيران، إلى البدء بجمع توقيعات لتشريع قانون يلزم الحكومة العراقية بطرد القوات الأجنبية من البلاد، في إشارة واضحة إلى القوات الأميركية. وصعّد هؤلاء خطابهم بشأن أهمية انسحاب الأميركيين من العراق، فيما بدأت الولايات المتحدة بتعزيز وجودها في العراق، عبر إعادة انتشار الجنود المنسحبين من سوريا في القواعد المنتشرة في المحافظات الغربية من العراق أو أربيل، أو إعادة تأهيل قواعد جديدة.
وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فيصل العيساوي، إن «القوات الأميركية حالياً لا يوجد لها أي تحرك داخل المدن، لكن ما يحصل من حين لآخر أن القوات الأميركية لديها بعض المناطق خارج نطاق الإسناد الجوي لإنزال المعدات والأغذية وغيرها، ما استلزم تحرك قوات برية بشكل دوري لنقل تلك المعدات إليهم».
وأضاف في تصريح صحافي، أمس، أن «ما حصل مؤخراً هو عملية استبدال فرقة عسكرية بالفرقة العسكرية الأميركية الموجودة في العراق، وكما هو معروف فإن استبدال الفرقة يكون بشكل كامل لجميع أفرادها وآلياتها ومعداتها». وأوضح أن «دخول قوات كندية وأميركية إلى الفلوجة كان للمشاركة في احتفالية عيد الشرطة في القضاء»، لافتاً إلى أن «هذه المشاركة كانت على أساس أن تلك القوات كانت تشرف على تدريب أفواج الشرطة المحلية في الفلوجة بعد تحرير المناطق».
وأكد أن «القوات الأميركية لا تتدخل في الملف الأمني في المحافظة، وتلك القوات لا تقوم بأي واجب داخل المدن أو الطرق أو حول محيط قواعدها باستثناء المناطق الصحراوية، وواجبها الوحيد هو تدريب الشرطة المحلية والحشد وبعض قوات الجيش العراقي مع تقديم بعض الإسناد للقوات العراقية حين تنفذ واجبات في الصحراء حصراً».
ونفى مسؤول عراقي ما يشاع عن زيادة في أعداد القوات الأميركية في العراق، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن زيادة أعداد الأميركيين أو مجمل قوات التحالف الدولي كلام غير دقيق، بل لا يعدو كونه مبالغات في مواقع التواصل الاجتماعي». وأشار إلى أن «الحقيقة بخلاف ذلك، فأعدادهم تراجعت قليلاً بعكس ما يجري تصويره». وأوضح أنه «لا توجد قاعدة أميركية داخل الأراضي العراقية، بل بعثات تدريبية من دول التحالف منتشرة ضمن معسكرات عراقية ولا تتمتع بأي حصانة قانونية، وكل عملها هو بإشراف الحكومة العراقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.