حكم مفاجئ لـ«الجنائية الدولية» يبرئ الرئيس السابق لساحل العاج

أمر قضاة المحكمة الجنائية الدولية، أمس الثلاثاء، بالإفراج الفوري عن رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو، 73 عاما، وهو أول رئيس دولة يمثل أمام المحكمة، ومساعده شارل بلي غوديه (47 عاما)، بعد تبرئته من تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الأزمة التي تلت الانتخابات في البلاد 2010 و2011. وبدأت جلسات محاكمته في يناير (كانون الثاني) 2016، أي أنه أمضى أكثر من سبع سنوات في التوقيف. لكن القضاة قالوا الثلاثاء إن المدعين لم يقدموا أدلة على وجود «خطة مشتركة» لإثارة العنف وقرروا بطلان القضية.
وقال رئيس المحكمة القاضي كونو تارفوسر إن «المحكمة وبغالبية أعضائها تقرر أن الادعاء فشل في تقديم الأدلة الكافية». وأضاف أن «المحكمة توافق على طلب التبرئة الذي قدمه غباغبو وشارل بلي غوديه (الرئيس السابق لحركة الشباب الوطنيين، الموالية لغباغبو) من كل التهم» الموجهة إليهما، وتأمر بالإفراج الفوري عن المتهمين».
وعُلق الإفراج عن المتهمين حتى الأربعاء لإفساح المجال أمام الادعاء للرد على القرار الصادم. وتأتي تبرئة غباغبو في أعقاب تبرئة زوجته سيمون غباغبو. وزوجته الملقبة بالمرأة الحديدية، حكم عليها بالسجن 20 عاما في ساحل العاج. وخرجت من السجن في أغسطس (آب) الماضي مستفيدة من عفو منحه الرئيس وتارا بعد تمضيتها 7 سنوات خلف القضبان.
وقال المدعون إن غباغبو تشبث بالسلطة «بكل السبل» بعد هزيمته بفارق ضئيل أمام منافسه الرئيس الحالي الحسن وتارا في الانتخابات التي أجريت في أكبر الدول المنتجة للكاكاو. وبعد صدور الحكم تعانق غباغبو وغوديه، فيما بدأ أنصارهما بالتصفيق في قاعة المحكمة ما دفع برئيس المحكمة إلى أمرهم بالجلوس والتصرف بشكل لائق.
وقال أحد أنصار غباغبو ويدعى غراغبايو إيف (45 عاما) من باريس لوكالة الصحافة الفرنسية بعد صدور الحكم: «أنا سعيد جدا جدا. أخيرا هناك بعض العدالة». وكانت قوات وتارا، وبمساعدة من قوات الأمم المتحدة والقوات الفرنسية، قد اعتقلت غباغبو وسلمته إلى لاهاي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.
وشكلت هذه القضية التي أثارت انقسامات عميقة، امتحانا للغاية من إنشاء المحكمة وهو تقديم العدالة لضحايا أسوأ الجرائم في العالم. وتأتي بعد انتكاسات للمحكمة التي أبصرت النور قبل أكثر من 16 سنة. تم إنشاء المحكمة في 2002 لمحاكمة أسوأ الجرائم في العالم وتشمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وكان ضحايا أعمال العنف في ساحل العاج قد ناشدوا المحكمة عدم الإفراج عن غباغبو.
وقال كريم كوليبالي (43 عاما) الذي بترت ذراعه إثر إصابته في إطلاق نار خلال أعمال العنف: «إذا أطلق سراح غباغبو، فلن يحصل الضحايا على العدالة». وأضاف: «كنت سائقا ولكني الآن عاطل عن العمل. لست ضد المصالحة لكن يتعين أولا الاهتمام بالضحايا». وقال محامو غباغبو العام الماضي إن قضيته أصبحت «حقيقة كاذبة»، ويجب إلغاؤها. مضيفا أن موكله أصبح الآن «مسنا وضعيفا». وواجهت المحكمة صعوبات كبيرة في محاولتها محاكمة سياسيين كبار لجرائم ارتكبها مساعدوهم أو أنصارهم، وغالبيتهم في أفريقيا. العام الماضي تمت تبرئة أمير الحرب السابق في الكونغو الديمقراطية نائب الرئيس السابق جان بيار بمبا في محاكمة الاستئناف عن جرائم ارتكبتها الميليشيا التي كان يتزعمها في أفريقيا الوسطى بين 2002 و2003. كما أسقط ادعاء المحكمة في 2014 اتهامات للرئيس الكيني أوهورو كينياتا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أعمال عنف دامية متصلة بالانتخابات. وقال الخبير في القانون الدولي ثيجيس بوكنيغت لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا خرج غباغبو حرا، يتعين على المحكمة الجنائية الدولية أن تعيد التفكير فيما قد يمكنها إنجازه».