دعوة أممية لزيادة المساعدات لمصر دعماً للاجئين

غراندي قال إن مليون سوري وُلدوا في الشتات منذ 2011

السيسي مستقبلاً مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

دعوة أممية لزيادة المساعدات لمصر دعماً للاجئين

السيسي مستقبلاً مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إلى «تقديم مزيد من المساعدات لمصر، بوصفها من الدول المستضيفة لأعداد كبيرة من اللاجئين؛ خاصة السوريين والأفارقة». وقال غراندي، في تصريحات صحافية، أمس، في ختام زيارة إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدداً من المسؤولين، إن «المجتمع الدولي لم يعترف بمصر كإحدى الدول المستضيفة للاجئين، إلا عندما ظهرت مشكلة عبور المهاجرين غير الشرعيين، خاصة الأفارقة، إلى أوروبا عبر البحر المتوسط». وأضاف أن «المساعدات الدولية التي تقدم لمصر لمساعدتها على تحمل أعباء استضافة اللاجئين لا تزال غير كافية، ولا تقارن بالمساعدات التي تتلقاها دول أخرى».
وعقد غراندي خلال جولته في القاهرة لقاءات مع السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، ومساعدي الوزير لشؤون المنظمات والتجمعات الأفريقية، والشؤون العربية، والسودان وجنوب السودان، ونائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر.
وأفاد المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، بأن السيسي ناقش مع غراندي «سبل مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية ونزوح اللاجئين، ونوه بالأعباء التي تتحملها مصر باعتبارها مقصداً للاجئين، وأنه رغم تحمل مصر لتلك الأعباء وفي ظل دقة الظرف الاقتصادي، فإن القاهرة لم تزايد بتلك القضية، ولم تتلقَّ أي دعم دولي للمساعدة في تحمل الضغوط الناجمة عن ذلك».
وأطلقت «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، نهاية الشهر الماضي، برنامج المساعدة الشتوية في مصر، لخدمة 151 ألفاً و130 لاجئاً، من بينهم 18 في المائة على الأقل من الأطفال (دون سن الثامنة عشرة).
ووصف غراندي مصر بأنها «دولة وشريك مهم لمفوضية اللاجئين، فضلاً عن أنها تقع في وسط منطقة تشهد تيارات متداخلة من النزوح، نتيجة للأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة». وأفاد بأن «هناك 250 ألف لاجئ مسجلين رسمياً لدى مكتب المفوضية في مصر للحصول على مساعدات، بينما تشير تقديرات السلطات المصرية إلى استضافتها نحو 5 ملايين لاجئ على أراضيها، والذي ربما يرجع إلى تضمين كل السودانيين والليبيين والأفارقة، وغيرهم من الجنسيات الموجودة على الأراضي المصرية، ويتوقف على تعريف كل طرف للاجئين».
وشدد على أن «مفوضية شؤون اللاجئين تسعى لتقديم الدعم الفني والإنساني لمصر، فيما يتعلق بمعالجة مسألة استضافة اللاجئين»، موضحاً أن «حجم برامج عمل المفوضية في مصر تراوح العام الماضي بين 40 إلى 50 مليون دولار فقط».
وأشاد المسؤول الأممي بـ«تقديم مصر لخدمات التعليم والصحة للاجئين على قدم المساواة مع المصريين».
وفي مطلع العام الماضي، قال الرئيس المصري إنه «منذ سبتمبر (أيلول) عام 2017، لم يخرج مركب واحد (من بلاده) يحمل مهاجرين غير شرعيين باتجاه أوروبا»، وتعهد بأنه «لن تخرج مراكب أخرى».
ولفت إلى أن «بروكسل ستستضيف قريباً مؤتمراً لحشد المساعدات لقضية النازحين في سوريا والدول المجاورة، إذ إن هناك 5 مليارات دولار مطلوبة في هذا الصدد». وبشأن موقف المفوضية من عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، قال غراندي إن الأمر يعود إلى السوريين أنفسهم لاتخاذ قرار بشأن عودتهم، لافتاً إلى اتفاق مصر والجامعة العربية مع الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وأوضح أن «50 ألف سوري عادوا لبلادهم عام 2018، و60 ألفاً عادوا عام 2017، ولكن هناك حاجة لتعزيز الاستقرار في البلاد، لتمهيد الطريق أمام عودة أعداد أكبر من السوريين»، لافتاً إلى أن «المفوضية تسعى للعمل مع الحكومة السورية لتعزيز قانون إعادة الملكيات لأصحابها، في ظل نزوح أعداد كبيرة من السوريين ومغادرتهم لمناطقهم في ظل الأزمة السورية، على مدى الأعوام السابقة».
وأفاد المسؤول الأممي بأن هناك مليون سوري وُلدوا لاجئين منذ عام 2011، مما يظهر حجم الأزمة وضرورة العمل على حلها.
وبالنسبة للوضع في ليبيا، قال غراندي إن ما يجري من جهود في ليبيا هو للمساعدة والتخفيف من حدة المشكلة، التي لن تجد حلاً إلا من خلال التوصل إلى تسوية سياسية بين الفرقاء في ليبيا، لا سيما أن كثيراً من الأراضي والموارد والسلاح في ليبيا يسيطر عليه ميليشيات لا سلطان لأي طرف عليها.
ولفت إلى أن الأوروبيين والأفارقة استثمروا في جانب واحد فقط، وهو إقامة معسكر للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، ولكن هذا الأمر لا يحل المشكلة؛ لأن الحل يجب أن يكون شاملاً ومتوازناً.
وترفض مصر «إقامة أي معسكرات إيواء أو تجميع للمهاجرين على أراضيها، ورفض عزلهم بأي شكل من الأشكال، وتحت أي مسمى من المسميات»، وأكدت عبر تصريحات لمسؤولين بالخارجية والبرلمان تمسكها بموقفها أكثر من مرة.
ودعا غراندي الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء المثل، والبدء بنفسه فيما يتعلق بالتعامل مع قضية اللاجئين، ودعا أعضاءه إلى «وضع نظام تشاركي للنظر في توزيع اللاجئين، وهو أمر محل نقاش، ولكنه يحتاج إلى التوصل لاتفاق»، مستبعداً في الوقت نفسه «توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق في هذا الشأن قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية»، معرباً عن أسفه من أن «قضية الهجرة واللاجئين أصبحت تستخدم لأغراض سياسية داخلية في البلدان الأوروبية».
وتطرق غراندي إلى الأوضاع بالسودان، وقال إنه يتابع المظاهرات، و«إذا تفاقم الوضع قد يكون هناك نازحون داخليون وخارجيون، وقد يتجه البعض إلى مصر بالنظر للروابط التقليدية بين البلدين»؛ لكنه أعرب عن أمله في «أن تستقر الأوضاع في السودان، ويتم التعامل مع الوضع بصورة سلمية».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».