تنافس أردني ـ إيراني في العراق حول ملفات المنطقة والقضايا الثنائية المشتركة

الملك عبد الله الثاني في بغداد بالتزامن مع وجود ظريف فيها

جانب من مراسم استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من قبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من قبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

تنافس أردني ـ إيراني في العراق حول ملفات المنطقة والقضايا الثنائية المشتركة

جانب من مراسم استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من قبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم استقبال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من قبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بغداد أمس (أ.ف.ب)

في وقت يواصل فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارته التي بدأها أول من أمس إلى العراق، والتي من المتوقع أن تستمر إلى الخميس، وصل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس إلى بغداد في زيارة رسمية. وفيما تأتي زيارة العاهل الأردني بعد أقل من شهر على زيارة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إلى العراق، فإن زيارة ظريف الطويلة تأتي بعد أيام على زيارة وزير النفط الإيراني إلى العاصمة العراقية.
المباحثات التي يجريها كل من الملك عبد الله الثاني وظريف تتمحور، طبقاً للمصادر العراقية، حول ملفات داخلية مشتركة، عناوينها الرئيسية النفط والطاقة والحدود، وخارجية تتمحور حول الموقف من قضايا المنطقة، لا سيما في ضوء بدء الانسحاب الأميركي من سوريا، وإعادة تموضع القوات الأميركية في قواعد داخل الأراضي العراقية.
ويبدو أن ظريف بعد أن وجد أن الحضور الأردني إلى بغداد بدأ يتصاعد، لا سيما قيام الملك عبد الله الثاني شخصياً ومن قبله رئيس وزرائه بزيارة العراق، كشف عن زيارة وشيكة للرئيس الإيراني حسن روحاني إلى بغداد.
وكانت عَمان قد نفت أخباراً عراقية مؤخراً بشأن منع دخول المواطنين العراقيين إلى الأردن، ممن تحمل جوازاتهم الختم الإيراني أو الإسرائيلي، الأمر الذي عده المراقبون السياسيون محاولة من قبل جهات سياسية لعرقلة التقدم المتسارع في العلاقة بين بغداد وعَمان.
وبشأن الملفات التي بحثها العاهل الأردني مع الرئيس العراقي برهم صالح، يقول المتحدث باسم الرئاسة لقمان فيلي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «النقطة الأساسية التي تم التركيز عليها في المباحثات هي تكملة الملفات التي جرى بحثها سابقاً، سواء خلال زيارة الرئيس صالح إلى الأردن، أو خلال زيارة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز إلى العراق»، مبيناً أنه «تم الاتفاق على استمرار الحوار بشأن قضايا أساسية، مثل الكهرباء والمنافذ الحدودية والمناطق الصناعية، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر بشأن قضايا السياسة الخارجية في المنطقة؛ خصوصاً في المسألة السورية».
وكان الرئيس صالح قد بحث مع الملك عبد الله الثاني أهمية أن تكون بغداد وعمان مرتكزاً أساسياً لتعزيز العلاقات بين الأشقاء العرب. وقال بيان رئاسي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه تم التأكيد «على عمق العلاقات التاريخية والأواصر المشتركة التي تربط العراق والأردن، وضرورة العمل من أجل الارتقاء بها وتطويرها، بما يخدم تطلعات الشعبين الشقيقين، فضلاً عن مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، وتوسيع آفاق التعاون، بما يضمن تحقيق المصالح المتبادلة».
من جهته، يواصل وزير الخارجية الإيراني زيارته إلى العراق، التي تضمنت لقاءات مع معظم القوى السياسية والحزبية العراقية، بالإضافة إلى الرئاسات الثلاث. وتأتي زيارة ظريف إلى بغداد بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو إلى بغداد وأربيل؛ حيث أجرى مباحثات وصفت بالناجحة مع القادة العراقيين، تصدرها الملف الإيراني، في سياق العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران.
وطبقاً لما أعلنته السفارة الإيرانية في بغداد، فإن وفداً يضم نحو 35 شخصاً يرافق ظريف في زيارته التي ستستمر حتى الخميس. وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها السفارة الإيرانية في بغداد تفاصيل كاملة عن حركة الوزير الإيراني، وطبيعة الوفد المرافق له، مما يعكس بالنسبة للمراقبين السياسيين قلق طهران من التحرك الأميركي الجديد حيال المنطقة، وكذلك من تكثيف زيارات كبار المسؤولين الأردنيين إلى العراق، وصلة ذلك بالعقوبات الاقتصادية التي تنوي واشنطن تكثيفها على إيران؛ فضلاً عن نهاية مهل التمديد الجديدة للعراق بشأن استيراد الكهرباء والغاز الإيرانيين.
وفي هذا السياق، يقول النائب في البرلمان العراقي عن كتلة المحور الوطني، عبد الله الخربيط، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك امتعاضاً إيرانياً حيال الزيارات التي يقوم بها الأميركيون وغيرهم إلى العراق؛ لأنهم لا يريدون تحت أي ظرف خسارة العراق». ويضيف الخربيط أن «إيران من خلال تكثيف زيارات كبار مسؤوليها إلى العراق في الآونة الأخيرة، بعد زيارة بومبيو وبالتزامن مع زيارة الملك عبد الله الثاني، تريد أن تقول لكل هذه الأطراف، إنها ما زالت قوية في العراق، بينما يحاول الأميركيون تسويق مفهوم مختلف، يظهرون فيه كالطرف الأقوى بعد تغيير واضح في طبيعة استراتيجيتهم في المنطقة».
ودعا الخربيط القيادات العراقية إلى «استثمار هذا التنافس على العراق بين الأطراف المختلفة، عربية وإقليمية ودولية، لصالح البلاد، بشرط ألا يتطور إلى نوع من الصراع، بحيث نتحول نحن إلى ساحة لتصفية الحسابات».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».