تركيا تنظر إيجابياً إلى مقترح ترمب إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا

عربات تابعة للجيش التركي تتجه إلى حدود سوريا أمس (أ.ب)
عربات تابعة للجيش التركي تتجه إلى حدود سوريا أمس (أ.ب)
TT

تركيا تنظر إيجابياً إلى مقترح ترمب إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا

عربات تابعة للجيش التركي تتجه إلى حدود سوريا أمس (أ.ب)
عربات تابعة للجيش التركي تتجه إلى حدود سوريا أمس (أ.ب)

عبرت تركيا عن رفضها تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتدمير اقتصادها إذا هاجمت الوحدات الكردية الحليفة لها في شمال سوريا، معتبرة أن لغة التهديد لا يجب أن تسود بين الحلفاء وفي الوقت ذاته أبدت قبولا لاقتراحه إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري.
واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن اقتراح واشنطن إنشاء «منطقة آمنة»، شمال سوريا، جاء بعد رؤيتها عزم وإصرار تركيا، لافتاً في هذا السياق إلى «عدم معارضة أنقرة لهذه الخطوة مبدئيا». وأضاف جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي عقب مباحثاته مع وزير خارجية لكسمبورغ جان أسيلبورن في أنقرة أمس (الاثنين)،: «غدًا(اليوم الثلاثاء) ستكون لدينا زيارات ميدانية إلى المناطق الحدودية مع سوريا لمناقشة المشاريع التي تخصّ اللاجئين في المنطقة»، مشيرا إلى أن إقامة مثل هذه المنطقة الآمنة كان اقتراحا للرئيس رجب طيب إردوغان.
وذكر جاويش أوغلو أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة الأميركية بعدم خشيتها من أي تهديد، وأنه من غير الممكن لواشنطن بلوغ الغايات عبر التهديد بـ«تدمير» اقتصاد تركيا، قائلا إن الشركاء الاستراتيجيين لا يتحدثون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واعتبر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يخضع لضغوط من أجهزته الأمنية بعد إعلانه عن قرار الانسحاب من سوريا.
وحذر ترمب، في تغريدة عبر «تويتر»، ليل الأحد - الاثنين، تركيا من «كارثة اقتصاديّة» حال شنّت هجوماً ضدّ القوات الكردية بعد انسحاب القوّات الأميركية من سوريا، داعياً في الوقت ذاته القوات الكردية إلى عدم «استفزاز» أنقرة. وكتب ترمب: «سندمّر تركيا اقتصاديا إذا هاجمت الأكراد. سنقيم منطقة آمنة بعرض 20 ميلاً... وبالمثل، لا نريد أن يقوم الأكراد باستفزاز تركيا»، لكنه لم يوضح مَن سيُنشئ تلك المنطقة الآمنة أو يدفع تكاليفها، كما لم يُحدّد المكان الذي ستُقام فيه.
وقال وزير الخارجية التركي إنه من غير الممكن التوصل إلى نتيجة مرضية في حال تمت المساواة بين حزب العمال الكردستاني وامتداده في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية، اللذين تعتبرهما تركيا تنظيمين إرهابيين، والأكراد، وإنه سيقيم تصريحات ترمب الأخيرة مع نظيره الأميركي مايك بومبيو.
وبدوره علق بومبيو على تهديد ترمب بـ«تدمير تركيا اقتصاديا» إذا هاجمت المقاتلين الأكراد في سوريا قائلا إنه «لن يؤثر على خطة واشنطن سحب قواتها من هذه البلاد»، وقال ردا على سؤال في مؤتمر صحافي في الرياض أمس بشأن ما يقصده ترمب بعبارة «التدمير الاقتصادي»: «أنصح بالتوجه إلى الرئيس ترمب نفسه بهذا السؤال»، مرجحا أن الحديث يدور عن «العقوبات الاقتصادية».
وعن خطة إقامة «منطقة آمنة» عند الحدود التركية السورية، أشار بومبيو إلى أن واشنطن تسعى لضمان أمن من حارب تنظيم داعش إلى جانبها ومنع أي هجوم على تركيا من سوريا... وإذا حصلنا على المساحة المطلوبة ووضعنا الإجراءات الأمنية، فإن ذلك سيكون أمرا جيدا بالنسبة لجميع الأطراف في المنطقة.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إنه لا يمكن لمن سماهم بـ«الإرهابيين» أن يكونوا حلفاء وشركاء لواشنطن، مضيفا في تغريدة على «تويتر»، تعليقا على تهديد ترمب، أن تركيا تنتظر من الولايات المتحدة القيام بمسؤولياتها وفقا لمقتضيات الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين.
وتابع: «إلى السيد ترمب... إن وضع الأكراد مع حزب العمال الكردستاني (الإرهابي)
وامتداده السوري (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية) في خانة واحدة، يعد (خطأ قاتلا)... فتركيا تكافح (الإرهابيين) وليس الأكراد، وتعمل على حماية الأكراد وباقي السوريين من تهديد الإرهاب».
وبدوره، قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون إن «تركيا حامية الأكراد وليست عدوتهم، وإن تركيا ستواصل محاربة الإرهاب بحزم».
وعن التطورات في إدلب، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تركيا تقوم باللازم للحفاظ على السلام ومنع الانتهاكات في إدلب بشمال سوريا، معتبرا أنه إذا أصبحت إدلب «وكرا للإرهاب»، سيكون هذا خطأ الحكومة السورية لنقلها إرهابيين بالحافلات من مناطق بعيدة مثل درعا في الجنوب.
وأجرت وحدات من الجيش التركي، تدريبات عسكرية بولاية هطاي على تخوم محافظة إدلب شمال غربي سوريا، لليوم الثاني على التوالي أول من أمس.
وقالت مصادر عسكرية إن وحدات من الجيش التركي بقضاء «ألتن أوزو» المحاذية للحدود مع سوريا، نفذت مناورات لأغراض تدريبية، وإن مدرعات مزودة بصواريخ «تاو» الموجّهة شاركت في التدريبات العسكرية، فيما أجرى فريق من القوات الخاصة تدريبات شملت البحث عن الألغام، والرصد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.