إحياء ذكرى الثورة التونسية وسط تشديد أمني

السبسي طالب «اتحاد الشغل» بإلغاء الإضراب العام

تونسيون يحيون ذكرى الثورة في ميدان الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
تونسيون يحيون ذكرى الثورة في ميدان الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

إحياء ذكرى الثورة التونسية وسط تشديد أمني

تونسيون يحيون ذكرى الثورة في ميدان الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)
تونسيون يحيون ذكرى الثورة في ميدان الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أمس (أ.ف.ب)

احتفل آلاف التونسيين بالذكرى الثامنة للثورة التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي، فيما دعا الرئيس الباجي قائد السبسي، أمس، الاتحاد العام للشغل (نقابة العمال)، إلى إلغاء الإضراب العام المقرر الخميس المقبل للمطالبة بزيادة الأجور.
وقال السبسي في كلمة ألقاها في متحف باردو بالعاصمة بمناسبة إقامة معرض يؤرخ لأحداث ثورة 2011، إن «هناك تهديداً بالإضراب العام. الإضراب مشروع، ولكن إضراباً عاماً عند أصحاب الرأي في الخارج هو سبب الحرب والدولة غير معتادة على هذا، ولهذا يجب بكل صورة من الصور منع هذه الأمور (الإضراب) أو الحد منها».
وتتواصل المفاوضات بين قيادات الاتحاد ورئاسة الحكومة قبل أيام من الإضراب العام. وأكد الرئيس التونسي أنه «يجب الأخذ بعين الاعتبار تردي القدرة الشرائية للمواطنين» بعد أن بلغت نسبة التضخم 7.5 في المائة.
ونظم الآلاف من التونسيين، خصوصاً أنصار الأحزاب السياسية، مظاهرات احتفالية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، أمس، كما ألقى الأمين العام للاتحاد العام للشغل نور الدين الطبوبي كلمة أمام أنصار الاتحاد أكد فيها تمسكه بالإضراب العام.
وجرت الاحتفالات تحت رقابة أمنية مكثفة في مداخل ومخارج الشارع الرئيسي من قبل قوات الأمن والشرطة. وقالت المحامية راضية الحداد لوكالة الصحافة الفرنسية، «أنا متفائلة رغم أنه لم تتم محاسبة قتلة الشهداء، ومتفائلة لأن الشعب التونسي ينظر إلى الأمام».
ورغم استمرار تونس في درب الديمقراطية وتحقيقها انتقالاً سياسياً بارزاً بعد مجريات «الربيع العربي»، إلا أن الواقع الاقتصادي لا يزال يواجه صعوبات ويتركز بين أيدي أقلية، في حين يشعر سكان الأطراف خصوصاً أنهم مستبعدون وتم التخلي عنهم.
ولم ينعكس الانتعاش الاقتصادي على سكان الضواحي الفقيرة ومدن الداخل، إذ تفوق نسبة البطالة بضعفين أو ثلاثة أضعاف النسبة الوطنية للبطالة البالغة 15.5 في المائة، خصوصاً بين خريجي الجامعات، إضافة إلى تراجع قيمة الدينار أمام اليورو والدولار.
وتعهد الرئيس التونسي، أمس، نشر «القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة» التي تأخر الإعلان عنها منذ 2011، ما قد يمهد لتسوية وضعيات عائلاتهم فيما يرتبط بتعويضات مالية طال انتظارها، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. وقال السبسي إن اللجنة المكلفة بوضع قائمة شهداء وجرحى الثورة أنهت مهامها منذ سنة، ومن المنتظر خروج هذه القائمة في الجريدة الرسمية. لكنه لم يحدد تاريخ نشرها بشكل دقيق. وتطالب عائلات القتلى والجرحى بالإسراع بتسوية وضعياتهم الاجتماعية، ونفذ عدد منهم إضراباً عن الطعام ووقفات احتجاجية، فيما أطلق ممثلون عن العائلات حملة «سيب (اترك) القائمة الرسمية». وساءت أحوال عدد من رموز الجرحى على مدار السنوات الأولى التي تلت الثورة رغم خضوعهم لفترات علاج، من بينهم مسلم قصد الله الذي فقد رجله، وحلمي الخضراوي الذي احترق جسمه بالكامل، ولطفي الجلاصي الذي يعاني من انتفاخ دائم في ساقه بسبب رصاصة.
وقال عادل بن غازي، رئيس جمعية جرحى الثورة، إن كثيرين «حصلت لهم مضاعفات صحية. أغلبهم أصبح مصاباً بالسكري ولهم التزامات عائلية. يجب أن يعملوا وأن يتحملوا تكاليف الدواء والعلاج».
وسقط في أحداث الثورة بين 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 و14 يناير (كانون الثاني) 2011 أكثر من 300 قتيل، فيما جُرح عدد يقدر بالآلاف ولم يتم حصره أو الإعلان عنه بشكل رسمي. وخضعت القائمة لمراجعات عدة منذ 2011 بهدف حصر العدد الحقيقي للقتلى والجرحى ومنع عمليات تحايل، غير أنها استنزفت الكثير من الوقت في وقت تقطعت السبل بعدد من الجرحى ممن يعانون من عاهات صحية وصعوبات في حياتهم اليومية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.