ماكرون يراهن على «الحوار الوطني» لإطفاء حركة «السترات الصفراء»

حدد محاور الحوار لكنه رفض العودة لفرض ضريبة الثروة

ماكرون لدى استقباله رؤساء بلديات المناطق الريفية في قصر الإليزيه أمس  (رويترز)
ماكرون لدى استقباله رؤساء بلديات المناطق الريفية في قصر الإليزيه أمس (رويترز)
TT

ماكرون يراهن على «الحوار الوطني» لإطفاء حركة «السترات الصفراء»

ماكرون لدى استقباله رؤساء بلديات المناطق الريفية في قصر الإليزيه أمس  (رويترز)
ماكرون لدى استقباله رؤساء بلديات المناطق الريفية في قصر الإليزيه أمس (رويترز)

ينطلق اليوم في فرنسا «الحوار الوطني الموسع» الذي يري فيه الرئيس إيمانويل ماكرون «الرد السياسي» على المطالب التي يرفعها «السترات الصفراء»، منذ انطلاق حركتهم الاحتجاجية قبل شهرين، والطريق لاستعادة المبادرة داخلياً.
وتأمل الحكومة أن يضع الحوار المرتقب حداً لمظاهرات ومسيرات أيام السبت المتواصلة أسبوعاً بعد أسبوع. وبعد أن راهنت السلطات على انطفاء الحركة مع أعياد نهاية السنة وانفضاض التعاطف الشعبي عنها، شهد السبت الماضي نزول 84 ألف شخص إلى الشوارع، وفق أرقام وزارة الداخلية، ليُبيّن أن الحركة، بدل أن تضعف، عادت لتنطلق بقوة أكبر. من هنا، فإن رهان السلطات على حوار سيدوم حتى منتصف مارس (آذار) المقبل ليس مضموناً. وسيكون الاختبار الأول يوم السبت المقبل لمدى استمرار التعبئة الشعبية. وتبين آخر استطلاعات الرأي أن تعاطف الرأي العام الفرنسي قد تراجع، لكن ما زالت أكثرية «ضعيفة» من الفرنسيين تؤيد تحرك «السترات الصفراء»، رغم أعمال العنف التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة.
واليوم، سيعطي الرئيس الفرنسي إشارة الانطلاق من خلال اجتماع شعبي في بلدية متوسطة في منطقة النورماندي دعي إليه ما لا يقل عن 600 رئيس بلدية. بيد أن ماكرون استبق «الحدث» بأن وجه عبر دوائر الإليزيه ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام «رسالة إلى الفرنسيين» من خمس صفحات يشرح فيها بادرته ودوافعها والنتائج المنتظرة منها، خصوصاً المحاور التي ستدور حولها، والأسئلة التي يريد طرحها للنقاش، والتي ينظر إليها على أنها مستقاة من المطالب المرفوعة منذ ثمانية أسابيع.
الرسالة الرئاسية تحدد أربعة محاور للحوار يضم كل منها مجموعة من الأسئلة: «29 سؤالاً» يفترض أن تكون خريطة الطريق التي سيدور حولها الحوار دون أن تخرج من السياق أسئلة أخرى لا شك أنها ستطرح. وطلب ماكرون من وزيرين أن يكونا «مرجعية» الحوار بعد أن نأت شانتال جوانو، رئيسة «اللجنة الوطنية للحوار» بنفسها عنه بسبب الجدل الذي ثار حول راتبها المرتفع. وبالنظر للأسباب المباشرة لانطلاق الحركة الاحتجاجية، فقد كان من الطبيعي أن يحتل موضوع العدالة الضريبية والقوة الشرائية المرتبة الأولى في سلم الأولويات التي دعي المواطنون لمناقشتها في جلساتهم الحوارية التي ستحصل في مقرات البلديات وبمشاركة واسعة من كل الأطياف. وقبل طرح محاوره، حرص ماكرون، من جهة، على تأكيد رفضه للعنف بكل أشكاله، ومن جهة ثانية على وعيه لنقمة «البعض من بيننا» بسبب الضرائب المرتفعة وضعف الرواتب التي لا تُمكن من «العيش بكرامة»، لا بل إنه «يشارك» الناقمين نقمتهم.
ورغبة منه لـ«طمأنة» المشككين بجدوى الحوار، أكد ماكرون في رسالته أنه ليست لديه «أسئلة محرمة» على النقاش. لكن الحوار يجب أن «يتناول المسائل الأساسية» التي برزت في الأسابيع الأخيرة. من هنا، استخلاص المحاور الأربعة التي سماها أيضاً «التحديات الأربعة» الواجب مواجهتها، وأولها يتناول النظام الضريبي والمصاريف العامة. بيد أن ماكرون سارع إلى إغلاق الباب أمام أحد أهم مطالب «السترات الصفراء»، وهو إعادة فرض الضريبة على الثروة التي ألغاها بداية العام الماضي، والتي نظر إليها على أنها «هدية» لأثرياء فرنسا، خصوصاً أنها تحرم خزينة الدولة من نحو 4 مليارات يورو سنوياً. وكتب ماكرون ما حرفيته: «لن نتراجع عن التدابير التي سبق أن قررناها من أجل تشجيع الاستثمارات». وليست المرة الأولى التي يعبر فيها الرئيس الفرنسي عن هذا الموقف الذي لم يعد ينال الإجماع، لا داخل حكومته، ولا داخل الأكثرية النيابية التي تدعمه.
انطلاقاً من هذا الأمر، يحصر ماكرون الحوار بمسائل «تقنية» مثل: كيف نجعل نظامنا الضريبي أكثر فعالية؟ أو ما هي الضرائب الواجب خفضها بالدرجة الأولى، أو التوفير الواجب أن نتمكن منه، والخدمات التي يتعين التخلي عنها أو خفضها لخفض الإنفاق؟
واضح أن هذا الطرح لا يتواجب بتاتاً مع التوقعات الشعبية، حيث بيَّن استطلاع سابق للرأي أن 77 في المائة من الفرنسيين يريدون العودة إلى الضريبة على الثروة. والحال أن الموضوع أخرج من السياق، ولذا انصبت الانتقادات على المقترحات الرئاسية انطلاقاً منه. وانتقد أمين عام الحزب الاشتراكي أوليفيه فور الطرح الرئاسي، مؤكداً أنه «لا يمكن دعوة الفرنسيين للحوار، ومنعهم من مقاربة موضوع كهذا». وأضاف المسؤول الاشتراكي أن «خلاصات الحوار يجب أن تكون للفرنسيين وليس لرئيس الجمهورية». وجاء في بيان لأمين عام الحزب الشيوعي فابيان روسيل، أن رسالة ماكرون لا تأتي على ذكر القدرة الشرائية، ولا على التهرب الضريبي «نحو 80 مليار يورو تفلت من الضرائب».
وضع ماكرون، في المرتبة الرابعة موضوع «الديمقراطية والمواطنة»، وكان حرياً به أن يضعه في المرتبة الأولى أو الثانية بسبب أهمية ما يتضمنه، تحديداً موضوعان: الاستفتاء بمبادرة شعبية وموضوع الهجرات إلى فرنسا. ويطرح ماكرون كثيراً من الأسئلة حول القانون الانتخابي والحاجة إلى إدخال النسبية إليه، وجعل الاقتراع إلزامياً، وخفض كثير النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، والعمل بمبدأ الديمقراطية «التشاركية». ثم يأتي على ذكر ملف الهجرات والحاجة إلى احترام حق اللجوء، ليسأل بعدها: «هل ترغبون في أن نحدد سنوياً، وعبر البرلمان، أعداد المهاجرين، وماذا تقترحون لمواجهة هذا التحدي الذي سيستمر؟»، ثم يطرح ماكرون موضوع «العلمانية»، وكيفية تعزيز ركائزها في مسألة العلاقة بين الدولة والأديان، علماً بأنها تثار بشأن علاقة الإسلام بالعلمانية. وللتذكير فإن ماكرون يحضر لطرح خطة في الأسابيع المقبلة، أحد مقوماتها إعادة تحديد علاقة الدولة بالإسلام، وإعادة تنظيم مؤسساته.
واضح أن الملف الأخير بالغ التفجر بسبب الانقسامات العميقة داخل المجتمع الفرنسي، والمقاربة الآيديولوجية له، حيث اليمين المتطرف، ممثلاً بـ«التجمع الوطني» وزعيمته المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبن، يجعل، كما اليمين المتطرف في كل أوروبا، من الإسلام والهجرة، رافعته للوصول إلى السلطة من خلال التنديد بالإسلام، واعتباره غير قابل للاندماج في المجتمعات الغربية المسيحية.
يبقى محوران: النقلة البيئوية، وكيفية تحقيقها وتمويلها، علماً بأن زيادة الرسوم على المحروقات كانت السبب المباشر لانطلاق حركة «السترات الصفراء». ويطرح ماكرون السؤال الرئيسي: كيف علينا تمويل هذه النقلة عبر الضرائب أو الرسوم، ومن يجب أن يكون معنياً بذلك؟
وبعد عدة أسابيع من المظاهرات وأعمال العنف، تراجعت الحكومة عن زيادة الرسوم لعام 2019، لكنها امتنعت عن الإشارة لما سيحصل في الأعوام التالية. ويأخذ المحتجون والمنتقدون عليها أنها تتذرع بـ«النقلة البيئوية» لفرض مزيد من الرسوم، بينما تستخدم الأموال المجنية لأغراض مختلفة.
أخيراً يدور المحور الرابع حول إعادة تنظيم عمل الدولة والعلاقة بين السلطة المركزية والإدارات المحلية.
هل ستنجح خطة ماكرون؟ اليمين المتطرف واليسار المتشدد يريان فيها وسيلة لكسب الوقت، بينما الأحزاب «الحكومية» تدعمها بفتور، باستثناء الحزب الرئاسي الذي يتبناها بقوة. بيد أن هناك شبه إجماع مفاده أن مصير الحوار الوطني سينعكس إلى حد بعيد على مصير عهد ماكرون الذي أحرق الكثير من أوراقه، وفي حال فشل الحوار فإن خططه الإصلاحية ستكون قد عفا عليها الزمن، إن فيما خص الداخل الفرنسي، أو مساعيه لإعادة إطلاق الاتحاد الأوروبي. أما لحظة الحقيقة فستحل سريعاً مع الانتخابات الأوروبية المقررة نهاية مايو (أيار) المقبل.



البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.