«هيئة تحرير الشام» تؤيد هجوماً تركياً ضد الأكراد

«الائتلاف» يدعو إلى «حل جذري» للتكتل الذي يضم «النصرة»

TT

«هيئة تحرير الشام» تؤيد هجوماً تركياً ضد الأكراد

دعا «الائتلاف الوطني السوري» المعارض لـ«حل جذري» لـ«إنهاء وجود» متطرفي «هيئة تحرير الشام» في إدلب، في وقت قال زعيم «الهيئة» أبو محمد الجولاني إن فصيله يؤيد شن تركيا لعملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا.
وتهدد تركيا وفصائل سورية موالية لها بشن هجوم قريب ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، في شمال وشمال شرقي سوريا. وأثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي بسحب قواته الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية من سوريا، خشية الأكراد من أن يفسح المجال أمام أنقرة لتنفيذ تهديداتها.
وقال الجولاني، خلال مقابلة نُشرت الاثنين على تطبيق تلغرام مع قناة «أمجاد» المعنية بأخبار التنظيمات المتطرفة والتابعة للهيئة: «نرى حزب العمال الكردستاني عدواً لهذه الثورة ويستولي على مناطق يقطن فيها عدد كبير من العرب السنة».
وترى هيئة تحرير الشام في وحدات حماية الشعب الكردية جزءاً من حزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضد أنقرة منذ عقود.
وأضاف الجولاني، رداً على سؤال حول عزم تركيا شن معركة ضد شرق الفرات: «نرى ضرورة إزالة حزب العمال الكردستاني، لذلك نحن مع توجه أن تُحرر هذه المنطقة من حزب العمال الكردستاني، ولا يمكن أن نكون نحن من يعيق مثل هكذا عمل ضد عدو من أعداء الثورة».
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب (شمال غرب) ومناطق محاذية لها، وتنتشر فيها نقاط مراقبة تركية تطبيقاً لاتفاق توصلت إليه أنقرة وموسكو حول تنفيذ هدنة وإقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً.
وخاضت هيئة تحرير الشام خلال الأسابيع الماضية اشتباكات ضارية مع فصائل مدعومة من أنقرة وتمكنت من بسط سيطرتها على كامل مناطق الفصائل الأخرى في إدلب ومحيطها. ويأتي التصريح اللافت للجولاني حول عملية شرق الفرات التي تلوح تركيا بتنفيذها ضد الوحدات الكردية، متناقضاً مع تصريح القيادي في الهيئة، «أبو اليقظان المصري»، الذي «منع» المشاركة في عملية شرق الفرات إلى جانب القوات التركية، قائلا إن «عملية شرق الفرات هي معركة بين جيش علماني وحزب علماني، وتأتي في سياق تفاهمات دولية، وإن المشاركة فيها محرّمة».
وتعد تصريحات الجولاني هي الأولى له بعد الهجوم الكبير الذي شنته الهيئة، التي تشكل جبهة تحرير الشام (النصرة سابقا) قوامها الرئيس، ضد فصائل من المعارضة السورية موالية لتركيا، حيث وسعت من المساحات التي تسيطر عليها بعد معارك استمرت 10 أيام، وأدت إلى القضاء على حركة «نور الدين الزنكي»، وحل حركة «أحرار الشام» لنفسها في منطقتي شحشبو وسهل الغاب بريف حماه.
وصنفت تركيا هيئة «تحرير الشام» في أغسطس (آب) الماضي على أنها منظمة إرهابية تماشيا مع تصنيف مماصل للاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك، طالب «الائتلاف الوطني»، التشكيل الأبرز للمعارضة في المنفى، الأحد بـ«حلّ جذري» من أجل «إنهاء وجود» جهاديي هيئة تحرير الشّام في محافظة إدلب.
وكانت هيئة تحرير الشّام وفصائل مقاتلة قد توصّلت بعد معارك بينهما استمرّت تسعة أيّام، إلى اتفاق على وقف إطلاق النّار نصّ على «تبعيّة كلّ المناطق» في محافظة إدلب ومحيطها لـ«حكومة الإنقاذ» التي أقامتها هيئة تحرير الشّام (جبهة النُصرة سابقاً) في المنطقة.
وفي بيان، وصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هيئة تحرير الشّام بأنّها «تنظيم إرهابي»، مندّداً بـ«محاولات» الهيئة لـ«وضع اليد على كامل» منطقة إدلب.
وأضاف البيان، الذي صدر عقب اجتماع استمرّ يومين للبحث في النزاع السوري، أنّه «يجب إيجاد حل جذري ينهي وجودها (هيئة تحرير الشام) في إدلب وفي أي منطقة أخرى».
ودعا الائتلاف إلى التحرّك «عبر الاتفاق والتعاون مع الأصدقاء الأتراك، بما يُحقّق حماية المدنيين، ومنع النظام وداعميه الروس والإيرانيين من القيام بمحرقة شاملة بحجّة وجود الإرهاب في المنطقة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.