الرئاسات الثلاث في إقليم كردستان العراق بلا حسم

الخلافات بشأنها بين الحزبين الرئيسيين حالت دون استئناف المحادثات

TT

الرئاسات الثلاث في إقليم كردستان العراق بلا حسم

رغم مرور أكثر من مائة يوم على إجراء الانتخابات النيابية في إقليم كردستان، إلا أن الجهود السياسية المبذولة لتشكيل الرئاسات الثلاث (البرلمان والحكومة والإقليم) لم تتكلل بالنجاح حتى الآن لجملة أسباب وعوائق، أبرزها تقاطع مواقف الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والاتحاد الوطني، بشأن آليات تقاسم المناصب السيادية والحقائب الوزارية، وكذلك الخلاف الحاد بينهما بخصوص الوضع السياسي والإداري الراهن في محافظة كركوك تحديداً.
ويبذل الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يشغل ستة مقاعد نيابية عن محافظة كركوك في البرلمان العراقي، جهوداً مضنية لإقناع القوى العربية والتركمانية الفاعلة في المحافظة بانتخاب محافظ جديد مرشحاً عن الاتحاد الذي يعتبر المنصب استحقاقاً انتخابياً له، وذلك خلفاً للمحافظ السابق نجم الدين كريم العضو السابق في المكتب السياسي لحزب الاتحاد والذي ترك منصبه مرغماً إثر عمليات إعادة انتشار القوات العراقية في كركوك والمناطق المسماة دستورياً بالمتنازع عليها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) من العام قبل الماضي. من جهته، فإن الحزب الديمقراطي، الذي ترك ممثلوه في الحكومة المحلية لكركوك مواقعهم إثر تلك العمليات، واستقروا في أربيل ما زالوا يقاطعون جلسات الحكومة المحلية التي أخفقت مراراً في تحقيق النصاب القانوني لانتخاب المحافظ الجديد الذي يصر الديمقراطي على ضرورة أن يكون كردياً مستقلاً ويحظى بموافقة الجميع.
وكان من المفترض أن يباشر وفد الحزب الديمقراطي المكلف بالتحاور مع حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير، لتشكيل حكومة الإقليم الجديدة، اجتماعاته مع الطرفين بعد عطلة رأس السنة الجديدة، إلا أن استمرار تلك الخلافات حال دون إتمام تلك المفاوضات، ولا حتى تحديد موعد لاستئنافها لاحقاً ما يعني بطبيعة الحال أن تشكيل الحكومة الجديدة التي من المقرر أن يرأسها مسرور بارزاني، النجل الأكبر لزعيم الحزب الديمقراطي ورئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، سوف يستغرق وقتاً اطول، في حين أن الوزارة الرابعة التي رأسها نيجيرفان بارزاني قد انتهت ولايتها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وباتت حكومة تصريف أعمال وحسب.
ويصر الاتحاد الوطني، بحسب التصريحات الرسمية لكبار قادته، على ضرورة أن تتناول مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، جميع المناصب في الإقليم وحصة الجانب المكون الكردي من المناصب في الحكومة الاتحادية، والأوضاع السياسية والإدارية الراهنة في كركوك، كباقة واحدة وهو ما يرفضه الحزب الديمقراطي.
وفي هذا السياق، أكد أوميد خوشناو، رئيس كتلة الحزب الديمقراطي في برلمان الإقليم، أن تلك الأمور في غاية الأهمية، وتندرج ضمن ثلاثة ملفات منفصلة ينبغي بحثها كل على حدة، وينبغي ألا يتحول أي منها إلى عقبة أمام جهود تشكيل حكومة الإقليم الجديدة التي يبني سكان الإقليم عليها آمالا عريضة. وأضاف خوشناو في تصريحات لوسائل إعلام حزبه أن الوفد المكلف بالتفاوض لتشكيل الحكومة له صلاحيات محددة فيما يتعلق بقضية الرئاسات الثلاث وآلية تشكيلها.
في المقابل، أعلن زبير عثمان، نائب سكرتير المجلس المركزي (بمثابة برلمان حزبي) في الاتحاد الوطني، أن حزبه انتهى من تسمية أعضاء الوفد القيادي الذي سيتولى التفاوض مع وفد الحزب الديمقراطي لتشكيل الحكومة، وأوضح في تصريحات أن علاقات الحزبين متوترة بعض الشيء، ولكن ينبغي تصحيح مسارها وتوحيد المواقف بين الجانبين لا سيما بخصوص العمل السياسي المشترك خارج نطاق إقليم كردستان. في هذه الأثناء تستعد أربيل لاستقبال وفد عن اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، في القريب العاجل لبحث الملفات المالية العالقة بين بغداد وأربيل، وحصة الإقليم المالية في الموازنة العامة للبلاد إضافة إلى الأمور المتعلقة بعائدات المنافذ الحدودية والجمارك، وغيرها. وقال جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب عن كتلة الحزب الديمقراطي، في تصريح لإعلام حزبه بأن الوفد سيلتقي بالمسؤولين المعنيين في الإقليم، بغية التأكد من موقف الإقليم بخصوص الاتفاق الأخير المبرم بين بغداد وأربيل، لكنه لم يحدد موعداً لزيارة الوفد المذكور.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.