ترجمات النص القرآني وانتشاره في أوروبا منذ العصر الوسيط

المفوضية الأوروبية تخصص 10 ملايين يورو لتمويل المشروع

المؤرخة الإسبانية مرسيديس غارسيّا
المؤرخة الإسبانية مرسيديس غارسيّا
TT

ترجمات النص القرآني وانتشاره في أوروبا منذ العصر الوسيط

المؤرخة الإسبانية مرسيديس غارسيّا
المؤرخة الإسبانية مرسيديس غارسيّا

تعتبر المؤرخة الإسبانية المعروفة مرسيديس غارسيّا، أن معاملة الأقليّات في أي مجتمع هي المقياس الأساسي الدّال على رقي هذا المجتمع ومستوى أخلاقيّاته، وهي تنكبّ منذ سنوات على دراسة العلاقة بين المسيحيين والمسلمين واليهود، خصوصاً في الأماكن والفترات السابقة التي كانت إحدى هذه المجموعات أقليّة خلالها بالنسبة للأخرى. ونظراً لأهميّة الدراسات التي أجرتها غارسيّا حتى الآن، قرّرت المفوضية الأوروبية تخصيص 10 ملايين يورو لتمويل مشروع كبير للبحث تشرف عليه هذه المؤرخة المرموقة ويدور حول النص القرآني المقدّس.
«القرآن الأوروبي» هو عنوان المشروع الذي ستسعى غارسيّا من خلاله، في معيّة فريق من المؤرخين والأخصائيين، إلى دراسة مختلف الحركات الدينية، والمناهضة للدين، التي قامت في كنف الأديان السماويّة الثلاث، وكيف تفاعلت مع بعضها إبّان الألف الماضي في القارة الأوروبية. يدوم هذا المشروع 6 أعوام يتناول الباحثون خلالها انتشار القرآن وتفاسيره وترجماته واستخداماته في أوروبا منذ العصر الوسيط حتى عصر التنوير. ويركّز على مدى تأثير النص القرآني، من حيث كونه نصّاً مقدّساً ورمزاً «لناس غرباء» في التاريخ الفكري والثقافي للغرب الأوروبي. عن هذا التأثير تقول غارسيّا إنه «أكبر بكثير، وأعمق، مما نعرف ونعتقد».
وتستغرب كيف أن الانطباع العام السائد اليوم هو أن الإسلام موجود في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد انهيار الأنظمة الاستعمارية وما تلاها من هجرات. وتؤكد أن هذا الانطباع لم تهتمّ المؤسسات الثقافية والفكرية بتصويبه، لا بل ساهم بعضها في ترسيخه، بجانب الحقائق والبديهيّات والوقائع التاريخية الموّثقة التي تبيّن أن «التلاقح بين الإسلام وأوروبا يعود لقرون بعيدة وما زالت آثاره فاعلة بقوة في جوانب شتّى من الحياة الاجتماعية والثقافية الأوروبية». وتعتبر غارسيّا أن هذا المشروع، إضافة إلى أهميته العلمية، من شأنه أن يساعد على تصويب الأفكار الخاطئة وتبديد الشكوك المزروعة «لأن المعرفة سلاح قوي في وجه المعتقدات الهدّامة».
تجدر الإشارة إلى أن مجلس البحوث الأوروبي الذي يقرّر هذه المساعدات، يخصصها عادة للعلوم الطبية والطبيعية، ويشترط أن يكون فريق البحث متعدد الجنسيات والاختصاصات، وأن تعود نتائج أعماله بالمنفعة المباشرة على مشروع الوحدة الأوروبية. وتعمل غارسيّا منذ سنوات في مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية التابع للمجلس الأعلى للبحوث العلمية في إسبانيا، ويعاونها في هذا المشروع الذي وصفه المجلس الأوروبي بالمِقدام، باحثون من جامعات إيطالية وبريطانية وفرنسية. وسيعمد الفريق في المرحلة التمهيدية إلى وضع قاعدة بيانات جغرافية لكل المخطوطات والترجمات والنصوص التي لها صلة بالقرآن والموجودة في أوروبا. وستكون هذه القاعدة الإلكترونية في الصيغة المعروفة باسم «Open Access»، أي متاحة بشكل مجاني للجميع، وأساساً لكل البحوث اللاحقة.
لكن الباحثين سينطلقون من معلومات وافرة ومتراكمة طوال سنوات كثيرة من الدراسات، إذ يعرفون مثلاً أن الترجمات الأولى لنصوص القرآن إلى اللاتينية قامت بها مجموعات من الرهبان في القرن الثاني عشر «لمجادلة المسلمين ومحاولة إقناعهم بالارتداد واعتناق الديانة المسيحية» كما تقول غارسيّا. ومع انهيار الدولة الإسلامية نهائياً في الأندلس أواخر القرن الخامس عشر تراجع حضور النصوص القرآنية في النقاش الفكري والديني في أوروبا، إلى أن عادت للظهور في الجدل بين المذاهب المسيحية أولاً ثم بين الكنيسة والتيّارات العلمانية التي كانت تستند إلى بعض هذه النصوص لدعم مواقفها الرافضة لبعض المعتقدات المسيحية. وتشير غارسيّا إلى الدور الذي لعبته حركة الإصلاح البروتستانتية على الصعيدين الفقهي واللغوي عندما استندت إلى بعض النصوص القرآنية لدعم موقفها الرافض لسلطة الكنيسة.
ومن المنتظر أن يسلّط مشروع «القرآن الأوروبي» الضوء على مراحل التاريخ الأوروبي التي نشطت فيها حركة تعلّم لغة القرآن وترجمتها وطباعتها «إذ يهمّنا أن نعرف من كان يموّل تلك الترجمات، ويحمّل النصوص القرآنية المعاني والمقاصد التي تخدم غايات معيّنة». كما سيقوم فريق الباحثين بتحليل مئات النسخ القرآنية الأوروبية، المخطوطة والمصوّرة والمترجمة، أو المكتوبة بالإسبانية، لكن بأبجدية لغة الضاد (Aljamiado)، على أن يُعرض جزء من هذه المجموعة النفيسة لاحقاً ضمن تظاهرات ثقافية تأكدت تواريخها في المتحف البريطاني بلندن ومكتبة الفاتيكان بروما والمكتبة الوطنية الإسبانية في مدريد.
وتضيف المؤرخة غارسيّا: «يهمّنا كثيراً أيضاً أن نتشاطر هذه المعلومات مع أساتذة المدارس الثانوية وطلابها. مثل هذا النشاط موجود منذ سنوات في بلدان مجاورة مثل فرنسا وبريطانيا، لكن في إسبانيا تحديداً لا تتطابق المناهج التعليمية مع طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه والنشوء التاريخي لهويته الثقافية. لقد سلّمنا طوال قرون بأن الهوية الإسبانية هي مرادف للهوية الكاثوليكية، لكن ذلك لم يعد صحيحاً اليوم. لا شك أن لإسبانيا موقعها الخاص في تاريخ أوروبا الديني، وشبه الجزيرة الإيبرية كانت المنطقة الأوروبية الوحيدة التي احتضنت، إلى جانب أقليّات يهودية كبيرة، أقليّات مسلمة معترف بها رسمياً حتى أواخر القرن الخامس عشر».
وتشكو غارسيّا من أن إدراك مفهوم الإسلام في إسبانيا ينطلق من تعبئة آيديولوجية مكثّفة ما زالت تصرّ على أن الأندلس ليس من العناصر المكّونة للتاريخ الإسباني «... كما لو أن الهويّة الإسبانية تشكّلت بفعل طرد المسلمين من إسبانيا». لكنها تشير أيضاً إلى أن ثمّة رؤية أخرى أسطورية، وبالتالي آيديولوجية، تشيد بالتمازج الخصب مع الإسلام، وبالتسامح الذي ساد العلاقات بين الثقافات الثلاث خلال العصور الوسطى في إسبانيا.
لا تؤمن غارسيّا بالنقاء العرقي، خصوصاً من حيث المفهوم الثقافي للعرق، وتعتبر أن كل الهويّات «ملوّثة» بنسبة أو بأخرى «لأن المرء لا بد أن يتأثر حتى بالعدو الذي يحارب ضده». وتحذّر من الاستحضار الساذج والمزيّف لمراحل تاريخية كان يسود مجتمعاتها الوئام التام والانسجام «لأن في ذلك مغالطة وتزويراً للواقع يستغلّه أصحاب المآرب والمشروعات المشبوهة».



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».