المغرب: العثماني يتهم «لوبيات» باستهداف الحكومة لأغراض انتخابية

قال إن حزبه «سيبقى كما كان لمواجهة الفساد والاستبداد»

العثماني لدى ترؤسه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أمس (الشرق الأوسط)
العثماني لدى ترؤسه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أمس (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: العثماني يتهم «لوبيات» باستهداف الحكومة لأغراض انتخابية

العثماني لدى ترؤسه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أمس (الشرق الأوسط)
العثماني لدى ترؤسه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أمس (الشرق الأوسط)

اتهم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، أمس، أطرافا سياسية ولوبيات باستهداف الحزب والحكومة، وقال إن هذه الجهات يحركها «هوس انتخابي».
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث أمس في افتتاح دورة عادية للمجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) بالرباط، أن «حملات التأييس والتبخيس والتدليس، التي يسلكها عدد من المناوئين للحزب والحكومة، تتم من خلال إثارة ملفات مفتعلة للتغطية على عدد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية»، وذلك في إشارة إلى إعادة فتح ملف عبد العالي حامي الدين، القيادي في الحزب، الذي تقرر متابعته في قضية جنائية تعود إلى تسعينات القرن الماضي، فضلا عن حملة «تشويه سمعة»، يقول الحزب إنها تستهدف نائبته آمنة ماء العينين.
في سياق ذلك، دعا العثماني أعضاء حزبه إلى «التحلي باليقظة لمواجهة الحملات الإعلامية المغرضة، والتشويش الذي لا ينتهي»، وقال إن «هناك أطرافا لا تفكر إلا بمنطق انتخابي وكأن الانتخابات ستجرى غدا». موضحا أنه لا توجد فقط المعارضة الظاهرة، بل أيضا اللوبيات الذين تضرهم الإصلاحات، ولذلك فهي «تحاول إثارة الزوابع ضد الحزب من خلال الحملات المغرضة، والبلطجة كما رأينا في بلديات الرباط وطنجة لعرقلة السير العادي للمؤسسات».
أما بخصوص الانتخابات المقبلة فقال العثماني إن «الشعب هو من سيقول كلمته».
وانتقد «محاولات الإرباك ضد الحكومة»، مستعرضا عددا من الإنجازات «الواقعية» التي قال إنها تحققت سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ومن بينها اعتماد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان لأول مرة في تاريخ المغرب، والاهتمام بالقطاعات ذات البعد الاجتماعي من خلال الرفع من ميزانيتي التعليم والصحة، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، واعتماد استراتيجية لمحاربة الفساد.
كما شدد العثماني على أن المغرب يتحسن في عدد من المؤشرات الدولية، ومؤشرات أخرى في طريقها إلى التحسن. موضحا أن «الهوس الانتخابي يستخدم أيضا للتشويش على الأغلبية الحكومية»، التي وصفها بأنها تعمل «بحد معقول من الانسجام، والاختلافات السياسيات بينها طبيعية»، وقال إن الحفاظ على أغلبيته الحكومية أولوية، مستغلا الفرصة للتنويه بالعلاقة المتميزة، التي تربط حزبه بحليفه حزب التقدم والاشتراكية اليساري.
في غضون ذلك، ذكر العثماني أعضاء حزبه بالمرجعية الإسلامية للحزب، ودعاهم إلى التشبث بها، منوها باستعادة الحزب لعافيته بعدما كان خصومه يتمنون أن ينشق ويغادره أعضاؤه، بينما «سيبقى كما كان لمواصلة الإصلاح ومواجهة الفساد والاستبداد» حسب تعبيره.
وجدد العثماني تضامن حزبه مع القيادي حامي الدين، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني للحزب، الذي قال إن إعادة فتح ملفه «يضرب أسس المحاكمة العادلة، ويهدد استقرار وسيادة الأحكام القضائية ويمس بالأمن القضائي».
وتطرق الأزمي بدوره إلى «الاستهداف الذي يتعرض له الحزب ومناضلوه»، وعبر عن رفضه «للأساليب غير الأخلاقية التي يستعملها خصومه». وقال إن «الحملات لن تنال من قوة الحزب وتماسكه، وينبغي ألا تشغلنا عن القيام بأدوارنا كاملة في مواصلة الإصلاح، ومحاربة الفساد والمفسدين وتحقيق التنمية والعدالة»، داعيا إلى «التمسك بقوة الحزب، بما يمثله من أمل في دعم الإصلاح وصيانة الاستقرار».
من جهته، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، إن قضية النائبة ماء العينين «من الإشكاليات التي وقعت داخل الحزب، وسيتجاوزها بطريقته»، مشيرا إلى أنه ليس من «عاداتنا أن نساند أي شخص وقع في مخالفات».
وأضاف ابن كيران في تصريح صحافي أدلى به على هامش أشغال الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب، أن ماء العينين «لم تحسن مواجهة الحملة التي تعرضت لها، بعد نشر صور لها بفرنسا من دون حجاب». مبرزا أن «من أعلنوا دعمهم لماء العينين أخطأوا... والحجاب يبقى مسألة شخصية، وليس مخالفة للقانون أو قوانين الحزب».
وشدد ابن كيران أن الأصل في القضية هو أن النائبة ماء العينين «امرأة لها قناعة مارستها، وانتهى الموضوع، وأعدنا الموضوع إلى أصله وهو الحرية التي نؤمن بها»، مؤكد أن حزب العدالة والتنمية هو حزب جميع المغاربة، و«ليس حزب طائفة عندها لباس للخدمة كما يقول بعض المغرضين»، مشيرا إلى أنه خلال فترة قيادته للحزب كان يبحث عن فتيات غير محجبات للترشح للانتخابات باسم الحزب، من أجل أن يفهم المغاربة أن هذا الحزب ليس حكرا على المحجبات أو الملتحين فقط.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.