قادة الجيش والاستخبارات الأتراك يجتمعون قرب حدود سوريا لبحث تطورات إدلب

اتصال هاتفي بين جاويش أوغلو وبومبيو ومساعدوهما يجتمعون في واشنطن الشهر المقبل

نازحتان سوريتان وسط الوحل في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحتان سوريتان وسط الوحل في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

قادة الجيش والاستخبارات الأتراك يجتمعون قرب حدود سوريا لبحث تطورات إدلب

نازحتان سوريتان وسط الوحل في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحتان سوريتان وسط الوحل في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

في ظل استمرار التعزيزات العسكرية في المناطق الحدودية المتاخمة لمحافظة إدلب السورية التي تشهد انتهاكات واسعة لوقف إطلاق النار بعد الهجمات التي شنتها جبهة النصرة على فصائل الجبهة الوطنية للتحرير الموالية لتركيا، عقد قادة الجيش والاستخبارات التركية، أمس، اجتماعاً بولاية هطاي على الحدود مع سوريا لبحث التطورات في إدلب والحفاظ على ووقف إطلاق النار.
ضم الاجتماع وزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس أركان الجيش يشار غولر وقائد القوات البرية أوميت دوندار ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان. وتناول التطورات في شمال سوريا، وجهود الحفاظ على وقف إطلاق النار بمحافظة إدلب في ضوء اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا الموقع في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وشدد أكار، خلال الاجتماع، على بذل بلاده جهوداً كبيرة للحفاظ على وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار في إدلب، مشيرا إلى أن أنقرة وموسكو تتعاونان بشكل وثيق في هذا الإطار. ولفت إلى الاتصال الهاتفي الذي أجراه قبل يومين مع نظيره الروسي سيرغي سويغو في هذا الصدد.
كان أكار تفقد وقادة الجيش، أول من أمس، وحدات الجيش على الحدود مع سوريا في ولاية هطاي جنوب البلاد وأكد انتهاء الخطط الخاصة بشن عمليات عسكرية في منبج وشرق الفرات وأنها ستنفذ في الوقت المناسب.
وفي السياق ذاته، أكدت وزارة الخارجية الروسية، التزام موسكو باتفاقية سوتشي المبرمة مع تركيا بشأن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، إن بلادها ستواصل الالتزام ببنود الاتفاق، وإن أنقرة تبذل جهودا مضاعفة للحفاظ على الاتفاقية.
وفيما يتعلق بانسحاب القوات الأميركية من مناطق شرق نهر الفرات، قالت زاخاروفا إن واشنطن تحاول المماطلة في عملية الانسحاب رغم وعودها الرسمية بهذا الشأن، لافتة إلى أن بلادها تعتبر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسحب قوات بلاده من سوريا، خطوة صحيحة، لكن التصريحات الصادرة من المسؤولين الأميركيين، توحي بأن واشنطن لا تنوي ترجمة وعود ترمب إلى أفعال. وجددت التأكيد على وجوب تسليم المناطق التي ستنسحب منها القوات الأميركية بشرق الفرات، إلى النظام السوري.
إلى ذلك، واصل الجيش التركي إرسال تعزيزاته العسكرية إلى المناطق الحدودية مع سوريا، ووصل إلى ولاية غازي عنتاب، ليل الجمعة - السبت، قطار يحمل تعزيزات عسكرية جديدة للقوات المنتشرة على الحدود مع سوريا، ضمت دبابات وكاسحات ألغام، وناقلات جنود. ووصلت تعزيزات من الآليات العسكرية والقوات الخاصة إلى هطاي (جنوب تركيا) أول من أمس وتمركزت بالمناطق المتاخمة لإدلب. وتتوالى في الآونة الأخيرة تعزيزات الجيش التركي، وسط ترقب لإطلاق عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منبج وشرق الفرات، وعاد الجيش التركي لإرسال هذه التعزيزات بعد يومين من مباحثات أجراها وفد أميركي برئاسة مستشار الأمن القومي جون بولتون في أنقرة، الثلاثاء، حول الانسحاب الأميركي من سوريا، لم تحقق جديدا ولم تلب مطالب تركيا التي تتلخص في سحب وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وسحب الأسلحة التي زودتها بها واشنطن وتقديم دعم عسكري واسع لها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وتسليمها القواعد الأميركية في سوريا، وفتح الأجواء أمام الطيران التركي في عملية شرق الفرات.
وبحسب مراقبين أتراك، فإن الولايات المتحدة ترغب أولا في تأمين وضع المقاتلين الأكراد الذين تحالفت معهم في الحرب على «داعش» وضمان حمايتهم بعد الانسحاب الأميركي، وهي نقطة تثير خلافا جوهريا مع أنقرة.
وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو التطورات الأخيرة في سوريا، هاتفيا مع نظيره الأميركي مايك بوميبو أمس. ويقوم بومبيو حالياً بجولة شرق أوسطية لطمأنة حلفاء واشنطن بشأن قرار الرئيس دونالد ترمب، سحب قوات بلاده من سوريا.
وكان بومبيو، قال في مقابلة مع التلفزيون المصري، بثت مساء الجمعة، إن بلاده تواصل المباحثات مع تركيا للوصول إلى نقاط اتفاق بشأن تنفيذ قرار الانسحاب من سوريا. وأشار بومبيو إلى أنه تحدث مع جاويش أوغلو، الخميس، وأن المباحثات والمشاورات مستمرة بينهما، وأنهم سيصلون إلى نقاط اتفاق حول تنفيذ قرار ترمب بالانسحاب من سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن وفدا تركيا برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال، سيزور الولايات المتحدة في 5 فبراير (شباط) المقبل، في إطار اجتماعات مجموعة العمل المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة. وقالت المصادر إنه من المنتظر أن يبحث الوفد التركي مع نظرائه الأميركيين العديد من القضايا في مقدمتها الملف السوري.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.