كرواتيا تلغي صفقة أسلحة مع إسرائيل بقيمة نصف مليار دولار

ميركو صندوف رئيس أركان القوات المسلحة الكرواتية (يسار) يصافح أودي آدم رئيس وفد وزارة الدفاع الإسرائيلية في زغرب أول من أمس (أ.ب)
ميركو صندوف رئيس أركان القوات المسلحة الكرواتية (يسار) يصافح أودي آدم رئيس وفد وزارة الدفاع الإسرائيلية في زغرب أول من أمس (أ.ب)
TT

كرواتيا تلغي صفقة أسلحة مع إسرائيل بقيمة نصف مليار دولار

ميركو صندوف رئيس أركان القوات المسلحة الكرواتية (يسار) يصافح أودي آدم رئيس وفد وزارة الدفاع الإسرائيلية في زغرب أول من أمس (أ.ب)
ميركو صندوف رئيس أركان القوات المسلحة الكرواتية (يسار) يصافح أودي آدم رئيس وفد وزارة الدفاع الإسرائيلية في زغرب أول من أمس (أ.ب)

على الرغم من إعلان رئيس الوزراء الكرواتي، أندريه بلينكوفيتش، تفهمه لتراجع إسرائيل عن بيع جيشه 12 طائرة «إف 16» أميركية الصنع، فإنه قرّر عدم الاكتفاء بإلغاء صفقة الطائرات، بل ألغى كل الصفقة الموقعة بين البلدين، وبموجبها تقتني كرواتيا أسلحة وذخيرة إسرائيلية الصنع. وبذلك تكون إسرائيل قد خسرت صفقة دسمة بقيمة نصف مليار دولار.
وكان المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية، أودي آدم، قد أنهى زيارة إلى كرواتيا، أمس (الجمعة)، وقدّم اعتذاراً رسمياً باسم الحكومة الإسرائيلية لمسؤولي المؤسسة العسكرية الكرواتية، موضحاً أن حكومته ورئيسها، بنيامين نتنياهو، ومسؤولي الصناعة العسكرية الإسرائيلية بذلوا جهوداً خارقة لإتمام الصفقة، لكن الرفض الأميركي القاطع هو الذي تسبب في تراجع إسرائيل عنها.
ومعروف أن إسرائيل فازت بالمناقصة على هذه الصفقة في مارس (آذار) الماضي، وبموجبها تبيع أسلحة وذخائر وبضمنها سرب الطائرات الحربية التي خرجت من الخدمة في سلاح الجو الإسرائيلي، وذلك بعد إجراء تحديثات كثيرة عليها وتزويدها بأنظمة توجيه إلكترونية من صنع إسرائيلي. لكن الولايات المتحدة اعترضت بشدة على هذه الصفقة. وبعد مفاوضات عسيرة على أكثر من مستوى، شارك فيها نتنياهو ووزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان وقادة الجيش، وافق «البنتاغون» على بيع الطائرات، بشرط أن يتم نزع الأجهزة الإلكترونية الحديثة عنها. فرفضت كرواتيا هذا الشرط. وتوجه نتنياهو إلى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في اللقاء الذي جمعهما في البرازيل على هامش حفل تنصيب الرئيس الجديد، جائير بولسونارو، طالباً المرونة، فرفض. كما رفض وزير الدفاع الأميركي المستقيل، جيمس ماتيس، طلب نتنياهو تخفيف شروط الولايات المتحدة بهدف إنجاز الصفقة، وقال إن موقفه نهائي، كي يقطع الطريق على بحث الموضوع مع الرئيس دونالد ترمب.
وقد أعربت كرواتيا عن غضبها من هذا التطور، وطالبت إسرائيل بتنفيذ التزامها بأي شكل. وأمهلت إسرائيل حتى يوم أمس، 11 يناير (كانون الثاني)، لتنفيذ الصفقة، وإلا فإنها ستلغي الصفقة بمجملها. ثم قررت إبطال الصفقة بمجملها. وقد هرع آدم ليشرح للحكومة الكرواتية الموقف، وبعد محادثاته في زغرب صدر بيان عن رئيس الوزراء الكرواتي جاء فيه: «أبلغني المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية بأن إسرائيل لن تكون قادرة على توفير طراز (إف 16) الذي تعهدت به، وبالتالي فإن كرواتيا تلغي الصفقة».
وأبدت وزارة الدفاع الكرواتية تفهماً للموقف الإسرائيلي، فقالت في بيان إن «إسرائيل لم تكن قادرة على التغلب على معارضة الولايات المتحدة لصفقة ببيع 12 طائرة إلى كرواتيا». وقال آدم، في بيان، أمس: «لسوء الحظ، لم تكتمل شروط الصفقة ولم نتمكن من إتمامها بسبب مشكلات لم يكن من الممكن توقعها، ولم تكن تحت سيطرة الدولتين (إسرائيل وكرواتيا). تتوقع وزارة الأمن الإسرائيلية مواصلة التعاون المثمر مع كرواتيا، سنبذل قصارى جهدنا لتعميق علاقتنا في مجالات واسعة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.