حرب إشاعات تزعج المسؤولين في مصر

إعلانات تلفزيونية للتحذير... ومبادرات لوضع عقوبات رادعة

صورة نشرها مجلس الوزراء المصري على صفحته بـ«فيسبوك» عن الإشاعات الأخيرة (الشرق الأوسط)
صورة نشرها مجلس الوزراء المصري على صفحته بـ«فيسبوك» عن الإشاعات الأخيرة (الشرق الأوسط)
TT

حرب إشاعات تزعج المسؤولين في مصر

صورة نشرها مجلس الوزراء المصري على صفحته بـ«فيسبوك» عن الإشاعات الأخيرة (الشرق الأوسط)
صورة نشرها مجلس الوزراء المصري على صفحته بـ«فيسبوك» عن الإشاعات الأخيرة (الشرق الأوسط)

لا تكف الإشاعات عن إزعاج الحكومة المصرية، حتى باتت تشكل حرباً خفية، أصبح محاصرتها والقضاء عليها مهمة أمن وطني، فتشير تقارير رسمية إلى تعرض البلاد لنحو 21 ألف إشاعة في ثلاثة أشهر فقط، وهو أمر خطير للغاية، ومؤشر على أن الإشاعة أصبحت صناعة تحترفها قوى مضادة لا تراعي مصالح الوطن. فالرقم كبير ويشير إلى نحو 233 إشاعة في اليوم الواحد، ويستوجب طُرقا غير تقليدية لمواجهة الإشاعات، برزت في مقدمتها إعلانات على مدار اليوم في القنوات المصرية، وفي التلفزيون الرسمي، فيما أكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الإخوان هي المتهم الأول في ترويج الإشاعات، حيث تستهدف نشرها من خارج مصر لإحباط المصريين.
أمنية عبد الحميد، الثلاثينية، قالت إن «الإشاعات تنتشر في كل مكان، في الأسواق، وفي وسائل المواصلات، وعلى مواقع التواصل، بشكل كبير»، مضيفة أن «هذه الإشاعات تمثل مصدر قلق كبيرا للأسر، خاصة فيما يتعلق مثلاً بالمدارس، وإلغاء الدعم، وانتشار أدوية مسببة للسرطان». أمنية التي تقطن في ضاحية عين شمس (شرق القاهرة) أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها «باتت تضع أيديها على أذنيها حال سماع أي إشاعة... وللأسف لم تعد أساليب النفي من الحكومة كافية لذلك؛ بل لا بد من تحركات رسمية وقانونية لمعاقبة كل من يطلق إشاعة».
وفي يوليو (تموز) الماضي حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من تعرض بلاده لما اعتبره «خطرا حقيقيا يسعى إلى تدمير الدولة من الداخل»، عبر «نشر إشاعات تستهدف فقد الأمل، والإحساس بالإحباط، وتحريك الناس للتدمير».
ويبدو لافتاً بحسب مراقبين انتشار أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع إعلامية بعضها ينتمي إلى جماعة الإخوان، التي تعتبرها الحكومة تنظيماً إرهابياً. العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، حمل «الإخوان» مسؤولية إطلاق وصناعة وترويج الإشاعات، عبر منصات إعلامية لها تعمل على مدار 24 ساعة في الخارج لبث السموم. واتفق مع الرأي السابق النائب أحمد بدوي، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب (البرلمان)، قائلاً إن جماعة الإخوان تستهدف نشر الإشاعات من خارج مصر لإحباط المصريين، وتم رصد 4800 إشاعة خلال 30 يوما فقط.
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم، في يوليو 2013، فر المئات من قادة وأنصار «الإخوان» إلى تركيا وقطر، حيث تم توفير الحماية الكاملة لهم، مع امتلاكهم منصات إعلامية تبث من هناك، تهاجم النظام المصري على مدار الساعة.
ويطالب المراقبون بضرورة الرد على الكتائب الإلكترونية المعادية لمصر بآليات قوية، والتصدي للحسابات التابعة لجماعة «الإخوان» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، التي يتم إغراء أصحابها ماديا للترويج للإشاعات. وذكرت أمينة أنها «ذات مرة تصفحت (فيسبوك)، ووجدت إشاعة عن حدوث كارثة في مدرسة أولادها، ما دفعها للهرولة سريعاً إلى المدرسة، لتجد الأمور في وضعها الطبيعي».
وقال المراقبون إن «هناك أساليب حديثة في علم النفس تخدم الإشاعة والتأثير عليها نفسياً، فيتم الآن استخدام علم النفس لتحطيم المعنويات، بدلاً من استخدامه في راحة النفس... ونجد أن الإشاعات تغزو المجتمع كله لأنها معدومة المصدر، وهي في الحقيقة وسيلة بدائية كانت تستخدم في القصص والأساطير والحكايات، وموجودة من القدم؛ لكنها زادت في مصر في الآونة الأخيرة بسبب وسائل الاتصال الحديثة و(السوشيال ميديا) والأشياء التي ليس عليها رقابة».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة «صوتك مسموع» التي هدفت إلى تعزيز مشاركة المواطنين المصريين في الشأن العام، وفتح قنوات تواصل معهم، والتحرك السريع لحل المشكلات والشكاوى التي تصل منهم، وصد الإشاعات التي تطلق من وقت لآخر على «السوشيال ميديا».
ودعا نادر مصطفى، أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب، لتأسيس كيان جديد في مصر لمواجهة الإشاعات، من جميع القطاعات والخبراء والمتخصصين في مجال «السوشيال ميديا»، وذلك لمواجهة الحرب الكبرى التي تواجه البلاد وهي الإشاعات... يكون متخصصا فقط للرد على الإشاعات، ومواجهة أي أكاذيب تردد ضد الدولة، بمعنى أن يتم التقاط الإشاعة قبل انتشارها عبر صفحات «السوشيال ميديا». ويطالب نواب في البرلمان بسن تشريع يقضي بإقرار أقصى عقوبة على مروجي الأخبار الكاذبة، بهدف إثارة الفتنة والعنف في المجتمع. وقال النائب حسني حافظ، عضو مجلس النواب، إنه «سيتقدم بمشروع قانون بشأن وضع عقوبات رادعة لمروجي الكراهية»، مضيفاً أن مشروع القانون سيتناول الحد من الكراهية على جميع الوسائل المسموعة والمرئية مع توقيع أشد العقوبات على مروجي تلك الإشاعات وخطابات العنف والكراهية. من جهته، قال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر، أمس، إن «الأكاذيب التي تروج لها جماعة الإخوان المتعلقة بالملف الحقوقي، وما يدعونه كذباً من وجود اضطهاد ديني بهدف إثارة الفتن الطائفية، من خلال المنظمات - التي وصفها بالمشبوهة - والمراكز البحثية والمكاتب التي تمول بمبالغ ضخمة، لتقويض الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية خاصة والحكومية عامة، باتت مفضوحة ومكشوفة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.