«إقامة الدبلوماسيين» سلاح دمشق لفتح السفارات

TT

«إقامة الدبلوماسيين» سلاح دمشق لفتح السفارات

فاجأت الخارجية السورية عددا من الدبلوماسيين الأجانب المقيمين في بيروت بقرار إلغاء إقاماتهم لـ«الضغط» على حكوماتهم باتجاه قرار بإعادة فتح سفاراتها في العاصمة السورية.
في نهاية 2011 وبداية 2012، قررت الدول الغربية إغلاق سفاراتها في دمشق، باستثناء التشيك التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية بمستوى سفير ورعت مصالح أميركا. وتمركز عدد من الدبلوماسيين في بيروت بالتوازي مع تفعيل عمل الدبلوماسيين في الدول المجاورة، خصوصاً تركيا والأردن لـ«تغطية الملف السوري».
وتدريجياً، بدأ بعض الدبلوماسيين الغربيين بزيارة دمشق بحسب المزاج السياسي العام والوضع الأمني في دمشق. وحافظوا على إقاماتهم الدبلوماسية في العاصمة السورية المعطاة من الخارجية. واقتصرن اللقاءات خلال زيارات متقطعة على إدارة البروتوكول في الخارجية مع لقاءات سياسية علنية بمستوى منخفض أو زيارة سرية، تضمنت جلسات سياسية حذرة مع مدير إدارة أوروبا في الخارجية.
لكن الخارجية التي كانت حصرت تأشيرات العمل للأمم المتحدة وضغطت لنقل عمل المؤسسات الدولية من دول الجوار إلى دمشق، أبلغت دبلوماسيين مقيمين في بيروت، بما في ذلك تشيلي، بالغاء إقاماتهم، باستثناء النرويج وإسبانيا واليابان. وقال دبلوماسيون أن القرار يرمي إلى «الضغط لإعادة فتح السفارات والعلاقات الدبلوماسية في سوريا».
وإذ بدأ التنسيق بين الدول للقيام بجهد جماعي أو عبر الأمم المتحدة، أشار بعض الدبلوماسيين إلى إمكانية أن يؤثر ذلك في المساعدات التي تقدم عبر الأمم المتحدة إلى سوريا، خصوصاً أن بعض الدول بدأت في الفترة الأخيرة بإظهار مرونة شملت المساهمة في «البنية التحتية الإنسانية» باعتبار أن هناك قراراً غربياً بربط المساهمة في إعمار البنية التحتية بحصول «انتقال سياسي» في سوريا أو «عملية سياسية ذات صدقية».
وكانت القمة الروسية - التركية - الفرنسية - الألمانية دعمت المساهمة في «البنية الإنسانية»، ما اعتبر تنازلا من باريس وبرلين وابتعادا عن موقف واشنطن قائدة «المجموعة الصغيرة».
في المقابل، أعلنت الخارجية الإيطالية أمس أنها تدرس إعادة فتح السفارة في دمشق. كما أن العلاقات بين الأجهزة الأمنية مستمرة أو استؤنفت بين دمشق وبعض الدول، إذ إن رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك زار روما وأجرى محادثات في مكتب رئيس الوزراء، إضافة إلى قيام رجل الأعمال خالد الأحمد بزيارات غربية علنية إلى عدد من العواصم الأوروبية والعربية بصفته مبعوثا من الرئيس بشار الأسد.
وكانت لندن نفت أنباء عن نيتها فتح سفاراتها في دمشق، في وقت قررت الجمعية البريطانية - السورية، التي تضم شخصيات مستقلة، عقد مؤتمرها في دمشق في الأسابيع المقبلة.
ويتوقع أن يترك قرار دمشق، الذي فاجأ عددا من الدبلوماسيين، أثره على النقاشات داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أنه ودولا أعضاء فيه طلبت من عواصم عربية وقف التطبيع مع دمشق والتمهل في فتح سفاراتها في العاصمة السورية. واقترب الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات إضافية على شخصيات ورجال أعمال مقربين من السلطات السورية. وسيكون ملف التطبيع محوريا في الاجتماعات العربية - الأوروبية المقبلة على مستوى وزراء الخارجية تمهيدا للقمة الأوروبية - العربية في بروكسل في 25 الشهر المقبل.
عربياً، بدا أن الدول العربية حسمت موقفها باتجاه التمهل في طرح موضوع إعادة الحكومة إلى الجامعة العربية ورفع قرار التجميد الذي اتخذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وكان دبلوماسي عربي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن وجود أربع كتل بين الدول العربية: الأولى، تضم 10 دول، بينها الجزائر وتونس، وهي تريد «المبادرة» لرفع تجميد العضوية. الثانية، تضم 4 دول، بينها مصر، وهي مع عودة العضوية، لكنها لن تبادر لتبني القرار. الثالثة، 3 دول، بينها المغرب، وتتحفظ بقوة على القرار. الرابعة، بينها جزر القمر، مع المزاج العام.
ولا يتطلب قرار رفع التجميد طلباً من دمشق، لكنه يرتبط بقيام دول بقيادة المبادرة للحصول على أغلبية أو إجماع، خصوصاً في قرار بهذا المستوى من الحساسية والانقسام.
ولوحظ أن وزير الخارجية المصري سامح شكري أعلن بعد لقائه نظيره المغربي ناصر بوريطة أن دمشق «ليست مؤهلة راهنا» للعودة إلى الجامعة وأن رفع التجميد يتطلب «ترتيبات» من الجانب الرسمي السوري، يعتقد أن اللواء مملوك سمعها خلال زيارة القاهرة. كما أعلن المتحدث باسم الحكومة الموريتانية، سيدي محمد ولد محمد، أمس، أن الرئيس ولد عبد العزيز «لم يتخذ بعد أي قرار بزيارة دمشق».
ويعتقد أن القرار العربي سيجري تحريكه بعد قمة بيروت الاقتصادية الأسبوع المقبل، تمهيدا لاتخاذ قرار قبل القمة العربية في تونس في نهاية مارس (آذار) المقبل، بعد تمظهر نتائج قرار الانسحاب الأميركي والاتصالات المتعلقة بالقمة الأوروبية - العربية. لكن، بحسب دبلوماسيين، فإن الاتصالات بين أجهزة الاستخبارات قائمة، إذ إن اللواء مملوك الذي قام بزيارة علنية رسمية إلى القاهرة، زار دولاً أخرى. كما أن دولاً عربية فتحت سفاراتها في دمشق شجعت رجال أعمال لديها للانخراط في عملية إعادة الإعمار في سوريا، فيما تفضل الأخرى تسخين القناة الأمنية. وزار الرئيس السوداني عمر البشير دمشق نهاية العام الماضي، في أول زيارة لزعيم عربي منذ 2011.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».