مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

استفاد تسليحياً ونفوذاً داخلياً... لكنه فقد هالة المقاومة وأثقلت عاتقه الإعاقات الدائمة

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره
TT

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

مكتسبات «حزب الله» من حرب سوريا تُعادل خسائره

مرت نحو 7 سنوات على انخراط «حزب الله» عملياً في الحرب السورية التي شكلت بالنسبة له التحدي الأكبر الذي واجهه منذ نشأته في عام 1982. اليوم، بعدما هدأت الجبهات، عاد الحزب ليصوّب باتجاه العمل السياسي داخل لبنان، ساعياً لاستثمار ما يعتبرها «انتصارات ميدانية» حققها والمحور الذي ينتمي إليه في سوريا. وهكذا، انطلقت عملية تقييم هذه التجربة، سواءً من قبل قيادة الحزب أو من قبل متابعين عن كثب لشؤونه.
ولعل أول ما يبحث عنه أي ساعٍ لتقييم التجربة هو تحديد عدد عناصر الحزب الذين قتلوا في الميدان السوري، في ظل تعتيم القيادة التام عن الموضوع ورفضها تحديد أي عدد. لكن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن في الذكرى السابعة للحرب في سوريا، مقتل نحو 122 ألف عنصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، بينهم 63.820 جندي سوري و1630 عنصراً من «حزب الله» اللبناني.

إبّان احتدام المعارك في سوريا وبالتحديد في عامي 2013 و2014، قُدر عدد مقاتلي «حزب الله» هناك بـ5 آلاف. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) في تقرير أعدته في وقت سابق، إلى أن عناصر الحزب يتلقون قبل ذهابهم إلى الميدان دورات تدريبية في لبنان في مرحلة أولى، ثم في إيران. ونقلت عن أحد هؤلاء، الذي قدم نفسه باسم أبو محمد (30 سنة) من منطقة بعلبك، أن «دورات التدريب تبدأ في جرود بعلبك وتتراوح بين 40 يوماً و3 أشهر، ثم تستكمل في إيران لمدة شهرين، حيث يتم التدريب على الأسلحة الثقيلة».
عدد مقاتلي الحزب في سوريا تراجع أخيراً بشكل كبير، بالتزامن مع تراجع حدة ورقعة المعارك، وإن كانوا ينتشرون في أكثر من منطقة الآن. ويشير مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنهم يتمركزون بشكل أساسي حالياً في محيط دير الزور، وفي البوكمال والقصير وريف دمشق والبادية السورية وحلب ومطار القامشلي.
لكن الحزب يرفض تحديد موعد لانسحابه من سوريا. ولقد ربط أمينه العام حسن نصر الله الصيف الماضي، الانسحاب بطلب القيادة السورية. وقال في خطاب: «ليست لدينا معركة بقاء في سوريا، وما يبقينا هو الواجب والقيادة السورية. ولكن في الوقت ذاته نقول إنه لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا أن نخرج من سوريا، فإنه لن يستطيع، فهذا الأمر يحصل في حالة وحيدة وهي أن يكون بطلب من الحكومة السورية».
ومن جانبها، نشرت صحيفة «فيلت» الألمانية أخيراً، تقريراً تحدث عن «نهاية مهمة حزب الله في سوريا» بعدما خسر عدداً كبيراً من مقاتليه في أرض المعركة، موضحة أن الحزب سيكتفي بدور استشاري فقط بعد أن شارك في الحرب السورية بنحو 8 آلاف مقاتل.

- انخراط الحزب في الحرب
في خطاب له في عام 2013، قال نصر الله إنه طلب من رئيس النظام السوري بشار الأسد التريّث في الانخراط في الحرب، لافتاً إلى أنه لم يكن يرغب في نشوب حرب إقليمية. وبتأكيد على عدم حماسة الحزب بداية في الانخراط في الصراع السوري، نشر مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط دراسة في سبتمبر (أيلول) 2018، أشارت إلى أن الحزب لم ينحز فوراً إلى الخيار العسكري في سوريا، إذ حاول في البداية إيجاد حل سياسي بمساعدة حركة حماس الفلسطينية التي توسطت في عام 2012 لمحاولة إبرام اتفاقية تقاسم للسلطة في سوريا، بيد أن هذا الجهد تعثّر حين اشترطت الحكومة السورية أن تضع المعارضة سلاحاً أولاً. وبحسب الدراسة، فإن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين همذاني الذي قُتل قرب حلب في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، تحدث في مذكراته عن أنه في ربيع عام 2012، طلب منه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي التشاور مع زعيم الحزب حسن نصر الله الذي قيل إنه كان مسؤولاً عن سياسة محور المقاومة في سوريا. وكان نصر الله التقى خامنئي في طهران في أواخر 2011 لاتخاذ قرار حول التدخّل، أي بعد 9 أشهر من انطلاق الأزمة السورية. ثم عاد إلى بيروت لبدء الاستعدادات، بسبب الحاجة إلى تأطير هذا التدخل على نحو ملائم في المشهد السياسي اللبناني الذي كان يعيش أصلاً حالة استقطاب حادة.
ونفى الحزب مع انطلاق الأحداث في سوريا في عام 2011 أكثر من مرة مشاركته بالقتال هناك، ومن ثم اعتمد سياسة لإعلان ذلك تدريجياً. فأشار في المراحل الأولى إلى أن «مواطنين لبنانيين» هم من يشاركون في المعارك دفاعاً عن بلداتهم الواقعة على الحدود بين البلدين. ثم انتقل لتأكيد مشاركة عناصر منه في هذه المعارك تحت عنوان «حماية القرى اللبنانية» الحدودية مع سوريا. وبعدها برّر القتال بحماية «المقامات المقدسة» لدى الشيعة، ثم حسم الموضوع بالإعلان الواضح عن المشاركة في معركة القصير في مايو (أيار) 2013. وفي ذكرى حرب يوليو (تموز) 2013، قال نصر الله: «إذا كان عندنا ألف مقاتل في سوريا فسيصبحون ألفين، وإذا كانوا 5 آلاف فسيصبحون 10 آلاف. وإذا احتاجت المعركة مع هؤلاء التكفيريين ذهابي وكل (حزب الله) إلى سوريا فسنفعل».

- ليست المشاركة الأولى
وأشارت دراسة «كارنيغي» إلى أن نشر قوات «حزب الله» في سوريا لم يكن الأول من نوعه في خارج لبنان، لكنه كان الأكبر. ففي أوائل التسعينات، شارك أكثر من 100 مقاتل من حزب الله في الجهود التي قادتها إيران لتدريب المسلمين في البوسنة، وكان بينهم علي فياض، المُكنّى علاء، وهو مقاتل متمرّس في الحملة البوسنية وقُتِلَ خلال قتاله في سوريا في فبراير (شباط) 2016. وقبل ذلك بعقد من الزمن، كان «حزب الله»، بحسب الدراسة، «منغمساً بعمق في العراق غداة الغزو الأميركي لذلك البلد عام 2003، حيث درّب الميليشيات الشيعية العراقية التي نفّذت هجمات ضد قوات الاحتلال الأميركي. ولقد توجّهت معظم هذه المجموعات العراقية بعد ذلك إلى سوريا للقتال إلى جانب حزب الله والحرس الثوري الإيراني».

- مكتسبات الحزب
لا تختلف كثيراً قراءات المتابعين عن كثب لوضع «حزب الله» حول المكتسبات التي حققها. إذ يُجمع أخصامه ومؤيدوه على أن أبرز ما حققه خلال انخراطه بالحرب السورية هو الخبرة القتالية الكبيرة. ويشير رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر إلى أن «الخبرة القتالية الميدانية التي اكتسبها مقاتلو الحزب لا يمكن أن تتأمن خلال التدريبات التي تنظمها قيادة الحزب». في حين يوضح الدكتور رياض قهوجي رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنيغما»، أنه «بعدما كانت عقيدة وتكتيكات الحزب دفاعية في التعامل مع إسرائيل، وتلحظ بشكل أساسي حرب العصابات ونصب الكمائن، اكتسب خبرة كبيرة في الهجوم واحتلال الأراضي، كما أن عدد الكوادر المقاتلة لديه تضاعف».
أما «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» فنقل في عام 2016 دراسة أعدّها ضابطٌ في جيش الدفاع الإسرائيلي عام 2014، خلص فيها إلى إمكانية انتهاج «حزب الله» استراتيجية قتالية أكثر هجوميةً في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل بهدف تقصير مدة الصراع. وتابع أن «هذا الانخراط العميق في سوريا يؤثّر في النهج العام الذي يتبعه التنظيم في تخطيط عملياته العسكرية وتنفيذها»، مؤكداً أن «بعضاً من قدراته العسكرية قد تحسن بشكل ملحوظ. فقد تعلّم كيفية استخدام طائراته دون طيار على نحو أكثر فاعلية، فضلاً عن الاستفادة بشكل أفضل من صواريخه قصيرة المدى، وتنفيذ عمليات هجومية معقدة».
ولا تقتصر مكتسبات الحزب العسكرية على الخبرة القتالية، إذ يرجح خبراء عسكريون أن يكون استحصل خلال الأعوام الماضية على كميات كبيرة من السلاح، سواء من سوريا أو من إيران. ويشير العميد المتقاعد جابر إلى أن إسرائيل نفسها تؤكد تزايد قدرات الحزب «بشكل مذهل»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه خلال حرب يوليو 2006، قدرت إسرائيل عدد صواريخ أرض - أرض التي يمتلكها «حزب الله» بما بين 20 و30 ألف صاروخ، أما اليوم فهي تتحدث عن 100 و150 ألف صاروخ. ويضيف: «ويبقى احتمال امتلاك حزب الله صواريخ دفاع جوي، محمولة على الكتف قائماً، وإن كان الحزب رفض رفضاً قاطعاً إعطاء أي معلومات في هذا الإطار رغم استماتة إسرائيل لمعرفة تفاصيل بهذا الخصوص». ولا يستبعد جابر أن يكون بات أيضاً بحوزة حزب الله سلاح دفاع بحري روسي متطور، لا سيما أن سوريا تمتلك 85 صاروخاً هددت باستعمالها في حال مهاجمتها من قبل الولايات المتحدة الأميركية من البحر.
سياسياً، يعتبر «حزب الله» أن أبرز ما اكتسبه من الانخراط في الحرب السورية هو منع ما يصفها بـ«التنظيمات الإرهابية» من الوصول إلى لبنان، خصوصاً بعد حسمه معركة القصير. ويشير جابر إلى أن الحزب يعتبر نفسه أيضاً مساهماً أساسياً إلى جانب روسيا وإيران بدعم النظام السوري ومنع انهياره، نظراً لاقتناعه بأن انهيار النظام في سوريا كان سيعني تلقائياً بدء العد العكسي للقضاء عليه.
ويرى قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «اكتسب نفوذاً متعاظماً إقليمياً كقوة لديها دور أبعد من لبنان، فهو بات صاحب نفوذ داخل سوريا بعدما كان يبحث عن غطاء سياسي وأمني في المراحل الماضية تؤمنه له دمشق». ويستطرد: «كما أنه بات للحزب رأي في مستقبل سوريا مع إيران، شريكته الاستراتيجية. وعزز تلقائياً نفوذه في سوريا نفوذه داخل لبنان ما انعكس مكاسب سياسية كبيرة على أكثر من صعيد».

- خسائر الحزب
ولكن، بقدر ما ربح الحزب، خسر في المقابل من شعبيته سواءً في الداخل اللبناني أو على المستوى العربي، إضافة إلى أنه فقد المئات من عناصره. وهنا يشير العميد جابر إلى أن عدد عناصر الحزب الذين قتلوا في سوريا يتراوح بين 1500 وألفين، وبجانب هؤلاء هناك أيضاً مئات من المصابين بإعاقات يلتزم حزب الله بإعالة عائلاتهم، ما يشكل بالنسبة له باباً لنفقات مالية هائلة، أضف إلى ذلك أن المشاركة في الحرب بحد ذاتها أمر مكلف جداً».
وتشير دراسة صادرة عن «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في عام 2016 إلى أنّه «حين بدأ حزب الله تدخله في سوريا، تغيّرت أولوياته واستراتيجياته وخطاباته، فقد خصص نسبة أكبر بكثير من ميزانيته للإنفاق العسكري. ورغم استمرار تمويله للخدمات الاجتماعية، فإن نسبةً أكبر منها قد وُجهت إلى العائلات والمؤسسات المرتبطة بالبنية التحتية العسكرية لحزب الله، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لدعم قواته». وتضيف: «أصبحت سياسة المقاومة ضد إسرائيل ثانوية مع تحوّل اهتمام التنظيم إلى النزاع السوري الذي بات المنخرطون فيه من عناصر الحزب يبحثون من خلاله عن وظيفة طمعاً في راتب شهري يتراوح بين 500 و1200 دولار وما يرافقه من منافع».
أما مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب «خسر الجزء الأكبر من الشعبية التي كان يتمتع بها في سوريا، خصوصاً في المجتمعين السني والشيعي كما لدى باقي المكونات الأخرى»، لافتاً إلى أنه «بعدما كان هناك إجماع من قبل كل السوريين على أن حزب الله مقاومة هدفها الدفاع عن الأرض بوجه إسرائيل، وبعدما كان نصر الله يحظى بهالة وهو أشبه برمز كبير، تغيرت هذه النظرة كلياً، ففقد الحاضنة السورية إلى حد كبير، حتى ضِمن الجمهور العلوي تراجعت شعبية حزب الله كثيراً».
ويتفق جابر وقهوجي على تراجع شعبية «حزب الله» عربياً. ويشير جابر إلى أن الحرب السورية كانت ولا تزال موضع انقسام حاد بين العرب، والأكثرية الساحقة منهم باتت تتعامل مع الحزب على أنه في «محور الخصومة» باعتباره يدافع عن النظام السوري، إضافة إلى الصبغة المذهبية التي لاحقت الحزب والتي لم تكن موجودة على الإطلاق قبل عام 2011. ويرى قهوجي أن حزب الله «خسر هوية المقاومة اللبنانية، فقد كان الجزء الأكبر من العالم العربي والإسلامي يتعاطى معه كمقاومة، فإذا به يتحول إلى لاعب إقليمي وقوة عسكرية مركزها ونشأتها لبنان، لكنها تتولى دوراً ذات بُعد مذهبي وعقائدي مرتبط بالولي الفقيه».
ولعل أبرز انعكاسات انخراط الحزب في الحرب السورية كانت التفجيرات التي ضربت مناطق لبنانية ذات غالبية شيعية في عامي 2012 و2013، إضافة إلى اندلاع جولات من القتال في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين المُتشددين العلويين المؤيدين للأسد في جبل محسن والمُتشددين السنّة الداعمين للمعارضة السورية في حي باب التبانة المُجاور. كذلك تفاقمت ظاهرة الشيخ أحمد الأسير التي نتج عنها معارك بين أنصاره والجيش اللبناني في منطقة صيدا الجنوبية.

- محطات زمنية في عمر الأزمة السورية

2011
- قوات الأمن السورية تطلق النار على مظاهرة سلمية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ في مدينة درعا بأقصى جنوب سوريا، ما فجّر مظاهرات وقمعاً في شوارع كثير من المدن والأرياف. ومن ثم النظام يختار الحسم العسكري ويحرك الدبابات إلى درعا وبانياس وحمص وضواحي دمشق.
- عزل محافظ مدينة حماة بعد مظاهرة ضخمة، وإرسال قوات الجيش لقمع المظاهرات.
- تشكيل «المجلس الوطني السوري» ليكوّن تحالفاً لشخصيات المعارضة ومنظماتها.
- مع مواصلة النظام عمليات القمع، ورفض خطة السلام العربية، جامعة الدول العربية تعلق عضوية سوريا في الجامعة وتفرض عقوبات.

2012
- النظام يصعد القصف على حمص وعدة مدن.
- مجلس الأمن الدولي يقرّ خطة سلام مخففة أعدها كوفي أنان.
- تركيا تسقط طائرة حربية فوق الحدود التركية - السورية.
- «الجيش السوري الحر» يسيطر على أجزاء من مدينة حلب.
- رئيس الوزراء رياض حجاب ينضم للثورة.
- الرئيس الأميركي باراك أوباما يحذر الأسد من استخدام السلاح الكيماوي.
- حريق يأتي على أجزاء من حلب التاريخية.
- تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية».
- الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي تعترف بـ«الائتلاف».

2013
- مراقبو الأمم المتحدة يتفقون على شن هجوم كيماوي على غوطة دمشق قتل نحو 300 شخص، من دون أن يحددوا الطرف المسؤول.
- مطالبة نظام دمشق بإتلاف ترسانته الكيماوية.
- الميليشيات الشيعية التابعة لإيران تدعم قوات النظام في مختلف الجبهات.
- الولايات المتحدة وبريطانيا توقفان بعض أشكال الدعم للثوار بعد سيطرة «ميليشيات إسلامية متشددة» على قواعد لـ«الجيش الحر».

2014
- فشل مفاوضات جنيف لرفض النظام البحث في مرحلة انتقالية.
- جيش النظام مدعوماً بميليشيا حزب الله اللبناني يستعيد السيطرة على بلدة يبرود، آخر معاقل الثوار في منطقة القلمون على حدود لبنان.
- «داعش» يعلن «خلافته» المزعومة الممتدة من حلب إلى ديالى في العراق.
- أول غارات أميركية - عربية على مواقع «داعش» قرب مدينتي حلب والرقة.

2015
- «داعش» يحتل مدينة تدمر الأثرية ويبدأ تدمير بعض كنوزها التاريخية.
- روسيا تتدخل مباشرة في القتال دعماً لقوات نظام الأسد، بحجة استهداف «داعش».
- النظام يكمل تهجير أهالي مدينة حمص.

2016
- القوات التركية تعبر الحدود السورية لإبعاد الجماعات الكردية الانفصالية السورية و«داعش» من المنطقة الحدودية.
- قوات النظام بدعم من سلاح الجو الروسي تستعيد السيطرة على حلب.

2017
- تفاهم روسي - إيراني - تركي في كازاخستان على فرض هدنة بين قوات النظام وقوى الثورة والمعارضة غير المتطرفة.
- أول ضربة أميركية على الأراضي السورية في عهد الرئيس دونالد ترمب، استهدفت قاعدة جوية بعد قصف النظام بلدة خان شيخون بأسلحة كيماوية.
- الولايات المتحدة تقرر تسليح ميليشيا «قوات الحماية الكردية» التي تشكل قوات ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
- «قسد» تطرد «داعش» من الطبقة على نهر الفرات.
- هجوم مشترك لقوات النظام وميليشيا حزب الله في جرود بلدة عرسال اللبنانية الحدودية على مواقع الجماعات المسلحة هناك.
- طرد «داعش» من مدينة الرقة.
- قوات النظام تعلن سيطرتها على مدن دير الزور (كبرى مدن شرق سوريا) بالكامل.
- الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقوم بزيارة أعلن فيها «حسم الحرب على داعش».

2018
- القوات التركية تشن هجوماً كبيراً تطرد فيه الميليشيات الكردية من «جيب» عفرين في أقصى شمال غربي سوريا.
- قوات النظام تسيطر بعد هجوم كبير بدعم روسي وميليشياوي على كل مناطق غوطة دمشق. وبعدها إثر تقارير عن استخدام الكيماوي في دوما (الغوطة)، غارات جوية عقابية أميركية - بريطانية - فرنسية مشتركة على أهداف تابعة للنظام.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.