لندن: 4 سنوات على مشروع الدراجات الهوائية وسط انتقادات حول السلامة

حطمت رقما قياسيا بـ1.18 مليون مستأجر خلال يوليو الماضي

عمدة لندن بوريس جونسون يروج لدراجاته الهوائية  -  أحد مواقع تأجير الدراجات الهوائية في وسط لندن
عمدة لندن بوريس جونسون يروج لدراجاته الهوائية - أحد مواقع تأجير الدراجات الهوائية في وسط لندن
TT

لندن: 4 سنوات على مشروع الدراجات الهوائية وسط انتقادات حول السلامة

عمدة لندن بوريس جونسون يروج لدراجاته الهوائية  -  أحد مواقع تأجير الدراجات الهوائية في وسط لندن
عمدة لندن بوريس جونسون يروج لدراجاته الهوائية - أحد مواقع تأجير الدراجات الهوائية في وسط لندن

يحتفل عمدة لندن بوريس جونسون وسكان عاصمة الضباب الأسبوع المقبل بمرور أربع سنوات على إطلاق مشروعه لتأجير الدراجات الهوائية برعاية مصرف باركليز في وسط لندن.
وأعلن العمدة أنه في يومي 16 و17 أغسطس (آب) المقبل سيمكن لزوار وسكان لندن ركوب الدراجات الهوائية مجانا لمدة نصف ساعة، حيث يمكن لأي شخص في لندن أن يستقل الدراجة لمدة لا تزيد على نصف ساعة مجانا قبل أن يرجعها إلى إحدى محطاتها المنتشرة في أنحاء العاصمة.
وقال جونسون بالمناسبة: «حسب تجربتي لا توجد وسيلة أعظم للاستمتاع بلندن مثل الركوب على عجلتين خلال الاحتفال بالذكرى الرابعة، ونحن نقدم بهذه المناسبة للجميع الفرصة للتجول في أنحاء عاصمتنا الجميلة مجانا».
وأضاف قائلا: «سواء كنت من عشاق الدراجات أو مبتدئا في ركوبها، ما عليك إلا أن تكون قادرا على القفز على الدراجة والتجول لمشاهدة معالم لندن الشهيرة».
وأضاف بوريس: «من نوتينغ هيل إلى كناري وارف وكامدن إلى كلابام، الناس قد يكتشفون كم هو لطيف ومفيد ركوبهم على دراجاتنا للوصول إلى جميع أنحاء العاصمة».
وفي نفس الوقت، قال جونز كانديس من شركة «نقل لندن» لـ«الشرق الأوسط»، إن شهر يوليو (تموز) الماضي حطم الرقم القياسي لعدد الأشخاص الذين استأجروا الدراجات الهوائية قياسا بفترة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012. حيث بلغت أكثر من 1.18 مليون مستأجر. كما قال كانديس، إن هنالك زيادة بنسبة 30 في المائة في عدد استخدام الدراجات جرت ما بين شهر مارس (آذار) ويونيو (حزيران).
ومن جهته، قال نيك ألدورز المدير العام لدورة باركليز لتأجير الدراجات: «إن تجربة باركليز لتأجير الدراجات لأربع سنوات كانت رائعة، وإن البنك أنجز شيئا رائعا أصبح الآن جزءا من الحياة اليومية في لندن».
ومن المقرر أن تنتهي رعاية باركليز لدراجات لندن العام المقبل، ويفترض حسب ما قاله جونز كانديس، أن تحدد عملية الرعاية حسب المناقصة مع المؤسسة الشريكة، والتي من سيكون عليها دفع ما لا يقل عن 7500000 إسترليني سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وكان عمدة لندن قد أعلن سابقا عن مخطط بـ35 مليون جنيه إسترليني لتحسين السلامة على ممرات الدراجات الهوائية في لندن وافتتح في منطقة ستراتفورد شرق لندن ممرات على الطريق السريع أكثر أمانا بعد الحوادث القاتلة التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص في العاصمة البريطانية. وكشف جونسون عن مخطط جديد لممرات السلامة بحيث تمتد من منطقة ستراتفورد إلى منطقة وايت شابل في شرق لندن، وسيجري تحديثها وفصلها عن المركبات العامة باستخدام حواف الأرصفة الخرسانية أو شرائط ذات لون متميز لتوفر السلامة لراكبي الدراجات الهوائية، إضافة إلى تركيب إشارات مرور تعطي أصحاب الدراجات الأولوية في التحرك في خمسة تقاطعات رئيسة. وقال: إن هذه الطرق السريعة والآمنة لأصحاب الدراجات ستجعل العاصمة أكثر أمانا لمستخدمي الدراجات الهوائية. ولكن هناك مخاوف متعلقة بسلامة المستخدمين، إذ يرى منتقدو المشروع أن لندن غير مؤهلة لتكون مرتعا لسائقي الدراجات الهوائية نظرا لضيق شوارعها وشدة ازدحامها. وتساق في هذا المجال إحصائيات تفيد بأنه في عام 2005 قتل 20 سائق دراجة وجرح 338 وفي العام الماضي قتل 14 سائقا وجرح 253.. وهذا الأمر يزعج من يرى بأن الدراجة الهوائية وسيلة نقل غير آمنة في مدينة مزدحمة، مثل لندن - خصوصا أنه لم يطبق بعد قانون وضع الخوذة على الرأس.
إلى ذلك، ذكرت دراسة نشرتها نشرة المجلة الطبية البريطانية، أن مشروع استئجار الدراجات المعمول به في العاصمة منذ عدة سنوات - والذي يطلق عليه اسم «دراجات بوريس» نسبة لعمدة لندن بوريس جونسون - بدأ في إظهار أثر إيجابي على صحة المستخدمين.
وقالت الدراسة، إن هناك فوائد حققتها «دراجات بوريس» للرجال تفوق ما حققته للنساء. واستفادت منها أيضا الفئات العمرية من 45 سنة فأكثر، والذين يحتاجون إلى نشاط بدني أكثر.
وانتهى القائمون على الدراسة إلى أن تشجيع المزيد من كبار السن على الانضمام إلى المشروع سوف يؤدي إلى المزيد من الفوائد الصحية التي تعود عليهم.
وتابعت الدراسة، التي أعدها باحثون بمجلس البحوث الطبية وكلية الصحة العامة والطب الاستوائي وكلية لندن الجامعية، مشروع استئجار الدراجات على مدار عام واحد بدأ من 20 أبريل (نيسان) 2011 وحتى مايو (أيار) 2012.
ورصد الباحثون مشاركة 578607 رحلة قام بها المستخدمون على الدراجات واستخدمت بيانات النشاط البدني والسفر وحوادث السير وتلوث الهواء للوصول إلى الآثار الناتجة عن استئجار الدراجات على الصحة في وسط لندن.
وكشفت الدراسة عن أن فوائد استئجار الدراجات فاقت فعليا الأضرار الناتجة عن المشروع عندما وضعت معدلات الإصابة الناتجة عن استخدام الدراجات في الحسبان.
وفي مقارنة مناقضة للواقع، وجدت دراسة طبية حديثة شارك فيها 5200 شخص، أن الرجال في منتصف العمر الذين يركبون الدراجات الهوائية أكثر من تسع ساعات أسبوعيا هم أكثر عرضة ست مرات للإصابة بسرطان البروستاتا.
ويعتقد العلماء في جامعة لندن كولدج البريطانية، أن زيادة الضغط على غدة البروستاتا أثناء ركوب الدراجات هو السبب الرئيس لهذه النتائج، لكنهم شددوا على أن ركوب الدراجات لا يرفع خطر الإصابة بمشكلات العجز الجنسي أو العقم.
واقتبست لندن فكرة الدراجات من تجربة فرنسا في تأمين الدراجات للعموم بأسعار زهيدة، ولطالما عمل جونسون على تطبيقها في لندن التي تعاني من زحمة سير خانقة رغم تطبيق قانون فرض ضريبة دخول السيارات إليها وغلاء أسعار المواقف وارتفاع أسعار الوقود.
مشروع تأجير الدراجات الهوائية في شوارع لندن، هدفه تشجيع السكان والزوار على التخلي عن السيارة والاستعاضة عنها بالدراجة الصديقة للبيئة، وهذا أمر من شأنه التخفيف من حدة الازدحام المروري داخل المدينة المعروفة بشوارعها الضيقة والتي لا يمكن أن تستوعب عدد السيارات والحافلات والشاحنات.. بجانب الزوار المشاة.
ووصف عمدة لندن المشروع ذلك الوقت بأنه «نقطة تحول في حياة اللندنيين»، مشيرا إلى أهمية المشروع الذي يرنو إلى تشجيع الناس على استخدام الدراجة وتحسين صورة النقل في شوارع لندن المكتظة بالمارة والمركبات. وأضاف أن هدفه هو «تحويل شوارع لندن لاستعمال حافلات النقل العام الحمراء وسيارات الأجرة (التاكسي) السوداء والدراجات الهوائية»، كما أنه يطمح لأن تتحول لندن إلى «أفضل مدينة للدراجات الهوائية في العالم».
في المقابل، بين الانتقادات التي تواجه المشروع انتقاد يتعلق بالتكلفة، إذ يرى البعض أن تكلفة الاستئجار قد تكون متوفرة فقط لأصحاب الميزانيات المتوسطة والعالية وليس لأصحاب الدخل المنخفض. وكما ذكرنا في السابق، يتوجب على مستعمل الخدمة دفع مبلغ ثلاثة جنيهات كثمن المفتاح، ثم دفع جنيه واحد لقاء 24 ساعة من الاستعمال، وخمسة جنيهات لقاء استعمال الدراجة على مدى سبعة أيام و45 جنيها لقاء الاشتراك السنوي. أما إذا أردت استخدام الدراجة لمدة 30 دقيقة فالخدمة مجانية وكل ما تحتاجه هو دفع مبلغ جنيه واحد للتسجيل.
على صعيد الأمن والسلامة، سيحصل كل منتسب على بوليصة تأمين خاصة به طيلة فترة استخدامه الدراجة، يحصل عليها تلقائيا من دون إجراء أي عملية تسجيل إضافية. والبوليصة تفيد في حال وقوع أي حادث أو مكروه للراكب. وهناك أزرار إنذار في حال تعرضت الدراجة لأي عطل أو مشكلة ميكانيكية، يكفي المستخدم أن يضغط على الزر لإنذار المسؤولين وإحاطتهم بالمشكلة. ولكن أهم ما في المشروع هو أن هناك أكثر من 400 موقف في أماكن مختلفة من العاصمة.. وكلها قريبة من محطات القطارات ومترو الأنفاق، ولكن هذه المواقف قد تضاعفت الآن. والعبرة في ذلك تأمين الخدمة لمستخدمي وسائل النقل العام ليستطيعوا إكمال مشوارهم إلى العمل أو أي وجهة أخرى في المدينة عن طريق الدراجة. ثم إنه ليس من الضروري إرجاع الدراجة إلى الموقف الذي استؤجرت منه، بل يكفي تركها في أي موقع آخر.. شريطة وضعها داخل الموقف، الذي يشبه المرسى الصغير، وبمجرد إدخال الدراجة بوضعها الصحيح، تقفل الماكينة العجلات ولن يعود بإمكان المستخدم أو غيره تحريرها إلا بعد الدفع من جديد. هذا، وتوجد عند كل نقطة تأجير خريطة للطرقات التي ينصح بأن يسلكها مستخدم الدراجة، وأغلبها طرقات فرعية لتحاشي الطرقات الرئيسة المزدحمة. ويعطى كل مستخدم 15 دقيقة إضافية مجانية عند انتهاء مدة التأجير، تحسبا لأن يكون الموقف مكتمل العدد، وعليه توفر المدة الإضافية فرصة للوصول إلى موقف آخر توضع الدراجة فيه. ويشار إلى أن نقاط الدفع مجهزة لقبول كل أنواع بطاقات الائتمان، وهناك خط ساخن يساعد الأشخاص الذين يجدون صعوبة في استعمال الخدمة، كما يوجد أشخاص يقدمون النصائح والمعلومات عن طريقة استعمال الدراجة وطريقة ركوبها، بجانب تأمين الخرائط لكل مستخدم وتزويد الدراجة بسلة لوضع المتعلقات الخاصة فيها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».