بومبيو يتحدث عن شراكة استراتجية أميركية ـ مصرية

أكد استمرار الحرب ضد «داعش» ... والالتزام بالانسحاب من سوريا

الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
TT

بومبيو يتحدث عن شراكة استراتجية أميركية ـ مصرية

الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في القاهرة أمس (الشرق الأوسط)

أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في القاهرة أمس، أن بلاده تعمل مع مصر من أجل تسوية قضايا الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي مستمرة، وشدد على التزام الولايات المتحدة بتنفيذ قرار سحب القوات من سوريا، الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب الشهر الماضي. وقدم بومبيو دعماً قوياً لمصر في حربها ضد الإرهاب، كما أعرب عن امتنانه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لدعمه الحرية الدينية، وذلك بعد أيام من افتتاح أكبر كاتدرائية في المنطقة. واستقبل الرئيس السيسي بومبيو، في قصر «الاتحادية» بالقاهرة، مؤكداً حرص مصر على تعزيز وتعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الممتدة مع الولايات المتحدة. وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن الجانبين استعرضا مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام، وأكد السيسي موقف مصر التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة، معرباً عن حرص مصر على التعاون مع الولايات المتحدة لبحث سبل إحياء ودفع عملية المفاوضات. ونقل المتحدث باسم الرئاسة المصرية عن بومبيو تهنئة مصر بالافتتاح المتزامن لكلٍّ من مسجد «الفتاح العليم» وكاتدرائية «ميلاد المسيح»، بالعاصمة الجديدة، مؤكداً أنه «يعكس الجهود المصرية لتدعيم المبادئ الراسخة من تآخٍ وتعايُش». وأوضح المتحدث أن السيسي أكد إصرار مصر على مواصلة جهودها الحثيثة لمواجهة ودحر آفة الإرهاب، وتقويض خطرها أمنياً وفكرياً، مشدداً في هذا الصدد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك مع الولايات المتحدة لتدعيم تلك الجهود. وتابع أن «وزير الخارجية الأميركي أشاد بنجاح الجهود المصرية في هذا الإطار خلال الفترة الماضية، معرباً عن دعم بلاده لتلك الجهود، ومؤكداً أن مصر تعد شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي الإرهاب العابر للحدود».
بدوره، قال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن وزيري خارجية البلدين، بحثا في لقاء آخر، التحضير لعقد جولة جديدة من آلية الحوار الاستراتيجي، والمشاورات في صيغة «2+2» بين وزيري دفاع وخارجية البلديّن، خلال العام الجاري؛ حيث أكد وزير الخارجية المصري، ما تحظى به العلاقات المصرية الأميركية من أهمية استراتيجية للجانبين، وهو الأمر الذي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار ليس فقط في مصر ولكن في المنطقة بشكل عام، معرباً عن تطلع مصر إلى زيادة دعم الولايات المتحدة لمجمل الجهود الجارية. وعبّر شكري عن تقدير مصر للمساعدات الأميركية التي تعكس أهمية وخصوصية العلاقات الثنائية، مشدداً على أهمية الحفاظ على وتيرتها بل وزيادتها على ضوء المتغيرات الجارية والتحديات المشتركة، خصوصاً ما يتعلق بدعم مصر في حربها الشاملة على الإرهاب، بما يعود بمنافع مؤكدة على الجانبين ويحقق مصالح الأمن القومي لكلٍّ من مصر والولايات المتحدة على حد سواء، ويسهم أيضاً في تحقيق الاستقرار والأمن الدولي. وأضاف المتحدث أن شكري أعاد تأكيد المبادئ الرئيسية المحددة للموقف المصري إزاء أزمات المنطقة، التي تتأسس على أهمية حماية الدولة الوطنية والحفاظ على مؤسساتها، وإفساح المجال للحلول السياسية. كما حرص شكري على استعراض الجهود المصرية إزاء الأوضاع في ليبيا، محذراً من خطورة استمرار مد الميليشيات بالسلاح وتأثير ذلك على استقرار دول المنطقة. وأردف حافظ أن اللقاء تطرق أيضاً إلى قضية سد النهضة الإثيوبي والجهود التي تبذلها مصر من أجل التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضمن مصالح مصر وإثيوبيا والسودان من حيث توفير فرص التنمية لإثيوبيا دون الإضرار بمصالح مصر المائية، وتجاوز الجمود الراهن في المفاوضات. وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، قال وزير الخارجية المصري، إن العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة على مستوى القمة أو الاجتماعات الوزارية أو تفعيل آلية الحوار الاستراتيجي أو اجتماعات «2+2» كلها تصب في إطار تدعيم أواصر العلاقة واستكشاف مجالات جديدة للتعاون بين البلدين. ومن جانبه، قال بومبيو إن «العمل على الإعداد لعقد هذه اللقاءات مهم خصوصاً أنها تغطي عدة مجالات، ونحن مصممون على العمل معاً للتنسيق ليس فقط في علاقتنا الثنائية ولكن أيضاً في ما يتعلق بقضايا المنطقة».
وفي ما يتعلق بالانسحاب الأميركي من سوريا قال بومبيو: إننا «منخرطون في مباحثات عميقة مع تركيا، والسفير جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، موجود في المنطقة لإجراء مباحثات للتوصل إلى تفاهمات». وحول التناقض بين ما أعلنه الرئيس الأميركي من سحب قواته وتصريحات أميركية لاحقة وما إذا كان ذلك يعني تغيراً. قال بومبيو: «لا يوجد تناقض، والإعلام فقط هو الذي يرى ذلك وهو الذي اختلقها، لكنّ الرئيس ترمب كان واضحاً في أن الحرب على (داعش) مستمرة، وسنستمر في محاربة (داعش) بطرق مختلفة، وقد أصدر ترمب قرار الانسحاب من سوريا، ونحن سننفّذ ذلك وسنستمر في سحب القوات من سوريا، وقد دمّرنا 99% من قدرات (داعش) ولكن سنواصل أيضاً حملتنا لدحره».
وعقّب شكري قائلاً: «في ما يخص مكافحة الإرهاب فإن شراكتنا في حربنا على الإرهاب مهمة»، مشيراً إلى أنه «وبصرف النظر عن قدرات (داعش) لكن الشبكة الكاملة والإجمالية للإرهاب تتخطى ذلك، ونرى ذلك في منظمات إرهابية أخرى مرتبطة بـ(داعش) تحمل أسماء مختلفة في سوريا والعراق وفي غرب أفريقيا وليبيا مثل: بوكو حرام، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، والإخوان المسلمين».
وأضاف: «كل هذه منظمات ملتزمة بآيديولوجية للتطرف واللجوء للعنف والإرهاب، وهو ما يشكل تهديداً نواجهه جميعاً، ونحن مصممون على مواجهة كل المنظمات ذات الآيديولوجية الإرهابية المتطرفة والقضاء عليها جميعاً». فيما أوضح بومبيو أن «مصر والولايات المتحدة تعملان معاً لأجل تسوية القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط وتحقيق التوازن فيه، وسيتم اتخاذ الخطوات اللازمة في المبادرات التالية الخاصة بهذا الشأن». وأضاف: «لدينا فرصة لمناقشة دعم الولايات المتحدة ومصر للعملية الديمقراطية في ليبيا، وكذلك الحملات الإيرانية المروجة للإرهاب».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».