الجيش الإسرائيلي يلغي مشروعاً استخبارياً

بعدما أنفق على إعداده 220 مليون دولار

TT

الجيش الإسرائيلي يلغي مشروعاً استخبارياً

كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب، أمس الخميس، عن مشروع استخباري عسكري إسرائيلي ضخم، جرى العمل على تطويره عدة سنوات، وأنفق على إعداده أكثر من 220 مليون دولار، وأقر في نهاية المطاف إلغاءه «لأنه لم يعد ملائما لاحتياجات المرحلة».
وقالت هذه المصادر إن الجيش الإسرائيلي، في إطار تكريسه جهودا خاصة لمواجهة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وعلى ضوء تدهور الوضع في سوريا والعراق وقيام تنظيم داعش، وضع عدة مشاريع لتطوير قدراته الاستخبارية معتمدا على التكنولوجيا المتطورة البالغة الكلفة، لكنه بات يعاني من تضخم في مئات المشاريع التكنولوجية. وتبين أن جزءا منها توقف في أوج العمل عليها، أو تم تغييرها أو اختفت وكأنها لم تكن، علما بأنه تم تخصيص موارد ضخمة لها. وبحسب مصادر في وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن أحدا لم يدفع ثمن هذا الإخفاق باستثناء الجمهور الإسرائيلي.
ومن المشاريع التي توقفت فجأة، مشروع اتصالات ضخم لشعبة الاستخبارات العسكرية، وآخر يتصل بمقر حديث تحت الأرض لسلاح الجو. وكشف أحد العاملين في وحدة التنصت التابعة لسلاح الجو في مقر وزارة الأمن في تل أبيب أن أحد أضخم هذه المشاريع توقف فجأة، بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل عليه بأقصى السرية.
ويتضح أن هذا المشروع بلغت تكلفته أكثر من 800 مليون شيكل (أكثر من 220 مليون دولار). ورفضت المصادر إعطاء تفاصيل دقيقة عن المشروع إلا أنها قالت إنه «مشروع سري جدا تابع للاستخبارات العسكرية يتصل بالتنصت والاتصالات، وذو أهمية في قسم العمليات الحربية في الجيش الإسرائيلي عامة، والمهمات الاستخبارية بوجه خاص». وأضافت أن العمل على هذا المشروع بدأ قبل نحو 12 عاما، ونظرا لضخامته، تقرر توظيف شركة تكنولوجيا إسرائيلية خارجية، وحددت له ميزانية وصلت إلى 400 مليون شيكل في البداية، لمدة أربع سنوات من التطوير. ولكنه تطلب المزيد من الموارد فرفعوا الميزانية إلى 800 مليون شيكل. وقبل نحو 5 سنوات قرر الجيش وقف المشروع، بداعي أنه «لم يعد ذا صلة بسبب تغير الميدان الأمني». وفي حينه رفض وزير الأمن موشي يعالون، اتخاذ إجراءات في الجهاز الأمني بعد احتجاجات مسؤولين في وزارة الأمن. كما رفضت شعبة الاستخبارات في الجيش الإدلاء بمعلومات عن كلفة المشروع النهائية، أو الرد على أسئلة الصحافة بشأن الدروس المستخلصة أو الإجراءات التي اتخذت بحق المسؤولين الذين صادقوا على المشروع.
وتتحدث مصادر إسرائيلية عن مشروع آخر لسلاح الجو صرفت على تطويره مبالغ طائلة، وترك أصداء ليس بسبب وقفه، وإنما لأنه لم تكن هناك أي حاجة له منذ البداية. فقبل عشر سنوات، بدئ العمل على تطوير منظومة أطلق عليها «أوريون»، لتطوير القدرات الاستخبارية العسكرية بما يتصل بـ«إنتاج المعلومة الاستخبارية للسرب القتالي، بدءا من المرحلة الخام وحتى المنتوج النهائي». وفي حينه عمل عشرات المبرمجين والمهندسين والضباط على هذا التطوير، إلا أنه تقرر في النهاية وقف المشروع.
وهناك مشروع ثالث لسلاح الجو الإسرائيلي، وصف بأنه «بئر بدون قاع»، يتعلق بتطوير مقر لسلاح الجو تحت الأرض. وقبل سنتين تم الاتفاق على موعد تطويره وإنهائه، وقدرت كلفته بمئات الملايين من الشواقل. ولتبرير المشروع جاء أن «الذراع الاستراتيجية لسلاح الجو تقود المعارك بين الحروب، من خلال مئات العمليات الهجومية والسرية التي تهدف إلى المس بتسلح أعداء إسرائيل بأسلحة متطورة، بدءا من إيران، مرورا بـ«حزب الله»، وحتى حركة «حماس»، إضافة إلى الحملات العسكرية التي أديرت من مقر قديم نسبيا في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مع بنى تحتية قديمة، الأمر الذي جعل إدارة المهمات عملية صعبة، ولم يكن مناسبا للواقع العملاني في العقد الحالي».
وبحسب التقرير، فإنه قبل وقت قصير من افتتاح المشروع، قرر ضابط كبير في سلاح الجو أن المقر ليس جاهزا بعد، وأنه يجب الاستثمار أكثر في المنظومات والتطوير والميزانيات. وصودق على ذلك، ولا يزال العمل فيه مستمرا حتى اليوم تحت الأرض في وسط تل أبيب. وبحسب الجيش، فإن تأجيل افتتاح المقر الجديد تأخر بسبب إدخال منظومات إصغاء متطورة أخرى ليكون بموجب المعايير المتطورة المطلوبة».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.