البشير: إذا خرج الجيش «ستعود الفئران لجحورها»

الآلاف يتظاهرون في «القضارف» مطالبين بتنحي الرئيس... وصراع مواكب في الخرطوم بين موالين ومعارضين

أنصار الرئيس البشير في مدينة كسلا شرق السودان (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس البشير في مدينة كسلا شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

البشير: إذا خرج الجيش «ستعود الفئران لجحورها»

أنصار الرئيس البشير في مدينة كسلا شرق السودان (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس البشير في مدينة كسلا شرق السودان (أ.ف.ب)

سخر الرئيس السوداني عمر البشير من دعوات للجيش لتسلم السلطة، وقطع بأن مهمته حماية الوطن وليس حماية العملاء والخونة، وقطع بعودة من سماهم «الفئران» إلى جحورهم إذا عزفت موسيقى الجيش مرة أخرى، وفي الوقت ذاته طالب حملة السلاح بتحكيم صوت العقل والجنوح للسلم. وخرج الآلاف أمس، في مدينة «القضارف» (شرق)، في مسيرة احتجاج غاضبة، وسلموا برلمان الولاية مذكرة تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، كأول مدينة توصل مذكرة من هذا النوع إلى الجهات الرسمية، منذ اندلاع الاحتجاجات في المدن السودانية.
وقال البشير أثناء شهادته للتمرين الختامي لمهرجان الرماية العسكري 55 بشمال البلاد، إن من يطلبون من الجيش تسلم السلطة، لا يعرفون أن «الجيش لا يتحرك من فراغ، ولا يتحرك لدعم العملاء، بل يتحرك لدعم الوطن وحماية المواطن»، مبدياً استعداده للتخلي عن الحكم إذا كان سيتسلمه الجيش.
وهدد البشير مناوئيه مقسماً بعودة من سماهم الفئران إلى جحورهم «إذا دقت (عزفت) موسيقى الجيش»، قائلاً: «الظاهر نحن طولنا وبقينا سياسيين، نرخي ونحاور ونناقش، أقسم بالله العظيم، لو دقت المزيكا (موسيقى الجيش) تاني كل فأر يخش جحروا»، في إشارة تبدو للمحتجين في الشارع.
وجدد البشير دعوته لحاملي السلاح لتحكيم صوت العقل، وقال: «رسالتي للذين ما زالوا يحملون السلاح، تعالوا البلد بشيلنا وبشيلكم، ويرحب بكم تعالوا لنتعاون مع بعض لبناء البلد».
وحسب وكالة الأنباء الرسمية «سونا» تعهد البشير بمواصلة بناء قوات مسلحة لتكون رادعة لكل من يفكر بالاعتداء على السودان، مبدياً رضاه عما وصلت له القوات المسلحة من حيث التدريب والتأهيل والتجهيز. وأضاف مشيراً إلى بسالة وصبر الجيش بقوله: «ما في جيش صبر وصمد وانتصر وأفشل كل مخططات الأعداء إلا الجيش السوداني، لم تنتكس رأيته منذ عام 1955، يقاتل ويدافع ويقدم الشهيد تلو الشهيد، وأرض السودان رويناها بإخواننا وزرعناها بشهدائنا».
وحذر البشير ممن سماهم «المتآمرين على السودان»، قائلاً: «الذين تآمروا على السودان بكل أسف، زرعوا في وسطنا بعض العملاء وبعض الخونة، الذين استطاعوا أن يستغلوا بعض ضعاف النفوس، الذين كسروا وحرقوا وخربوا».
وازدادت أمس، احتجاجات الغاضبين في السودان، سخونة، حيث خرج الآلاف في مدينة «القضارف» (شرق)، في مسيرة، تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، وسلموا مذكرة بهذا الخصوص إلى «البرلمان الولائي».
وقال شهود تحدثوا للصحيفة أمس، إن قوات الشرطة وأجهزة الأمن، اجهت المحتجين بإطلاق الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع. وأوضح الشهود أنه ورغم كثافة الوجود الشرطي والأمني، فإن المتظاهرين أفلحوا في الوصول إلى مقر البرلمان الولائي، بيد أن السلطات أغلقته أمامهم، فلم يجدوا بداً من تلاوة المذكرة في فنائه، ثم عادوا مجدداً لمركز المدينة، لتتحول إلى معارك كر وفر بين المحتجين وقوات الأمن والشرطة.
وبحسب الشهود، شنت السلطات الأمنية في الولاية حملة اعتقالات استباقية واسعة في أوساط النشطاء والمعارضة، وألحقتها بحملة أخرى أثناء المظاهرات التي أيدها «تجمع المهنيين السودانيين»، للحيلولة دون قيام الموكب، الذي شاركت فيه كل القوى الاجتماعية والمدنية والسياسية المعارضة في الولاية.
كما ينتظر أن تشهد مدينة أم درمان اليوم موكباً حاشداً إلى البرلمان السوداني لتسليم مذكرة تنحي للرئيس البشير، دعا له «تجمع المهنيين السودانيين»، في الوقت الذي دعا فيه موالون وحلفاء لحزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى تجمع في إحدى ساحات الخرطوم لإبداء تأييدهم للرئيس البشير تحت شعار «يقعد بس» مقابل أيقونة المطالبين بتنحي البشير وحكومته «تسقط بس».
من جهتها، نددت دول مجموعة دول الترويكا الغربية، وتتكون من «المملكة المتحدة، النرويج، الولايات المتحدة الأميركية»، بالإضافة إلى كندا، باستخدام سلطات الأمن السودانية للعنف المفرط وقتل المتظاهرين السلميين.
وأبدت المجموعة في بيان أمس، قلقها تجاه ردة فعل الحكومة السودانية على الاحتجاجات الأخيرة، وقيامها باحتجاز السياسيين والناشطين والمتظاهرين دون تهم أو دون تقديمهم لمحاكمة.
وأكد بيان المجموعة أن إدارات بلدانها، تقف مع حق الشعب السوداني في الاحتجاج السلمي، الذي يكفله القانون السوداني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحق في التعبير.
وقالت دول المجموعة في البيان: «روّعتنا التقارير التي تفيد بوفيات وإصابات خطيرة لأولئك الذين يمارسون حقهم المشروع في الاحتجاج»، وتابعت: «كذلك تقارير عن استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين»، وحثت الترويكا الحكومة السودانية على إجراء تحقيق كامل وشفاف ومستقل في أقرب وقت ممكن عن مقتل المتظاهرين، وعلى إخضاع المسؤولين عنه للمساءلة.
وطالبت الترويكا من حكومة الخرطوم إطلاق سراح المعتقلين من الصحافيين والسياسيين وزعماء المعارضة، ونشطاء حقوق الإنسان، وغيرهم من الخاضعين للاحتجاز دون تهم، أو تقديمهم لمحاكمات فورية مع ضمان السماح لهم بالمحاماة والتمثيل القانوني.
وقال بيان الترويكا إن الإجراءات والقرارات التي ستتخذها حكومة السودان خلال الأسابيع المقبلة، «سيكون لها تأثير على تعامل حكوماتنا وغيرها من الدول في الأشهر والسنوات القادمة»، حاثاً الخرطوم على الاستجابة للتحديات الحالية، عن طريق تنفيذ «الإصلاحات السياسية الضرورية، والسماح للشعب السوداني بممارسة حقوقه الدستورية في التعبير السلمي عن آرائه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبحرية ومن دون خوف من العقاب أو الاضطهاد».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».