مصر تقصر عمل معبر رفح على العائدين إلى غزة

«حماس» تتسلم إدارته بعد سحب موظفي السلطة الفلسطينية

ضباط أمن تابعون لحركة «حماس» في معبر رفح أمس (رويترز)
ضباط أمن تابعون لحركة «حماس» في معبر رفح أمس (رويترز)
TT

مصر تقصر عمل معبر رفح على العائدين إلى غزة

ضباط أمن تابعون لحركة «حماس» في معبر رفح أمس (رويترز)
ضباط أمن تابعون لحركة «حماس» في معبر رفح أمس (رويترز)

فُتح معبر رفح، أمس، في اتجاه واحد للعائدين إلى قطاع غزة، غداة تسلّم حركة «حماس» مسؤولية إدارته في أعقاب انسحاب موظفي السلطة الفلسطينية. وجاء ذلك فيما حذّرت «شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية» من خطورة تطورات الأوضاع في قطاع غزة في ظل تفاقم الخلافات بين «فتح» و«حماس».
وأعربت الشبكة في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية، عن قلقها العميق تجاه التطورات المتلاحقة في قطاع غزة خاصة قيام الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس» بشن حملة استدعاءات واعتقالات بين صفوف قيادات وأعضاء في حركة «فتح» وانسحاب موظفي السلطة الفلسطينية من معبر رفح و«عودة الخطاب التوتيري التحريضي». وأشارت الشبكة إلى «خطورة هذه التطورات وتداعياتها خاصة على واقع الحريات وحقوق الإنسان والأوضاع الحياتية المتدهورة على كافة المستويات لسكان قطاع غزة وكذلك تعميق حالة الانقسام السياسي». وطالب البيان بضرورة الوقف الفوري للاعتقالات والاستدعاءات السياسية وعودة موظفي السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح والابتعاد عن أي إجراءات تمس حياة السكان.
وجاء ذلك في وقت ذكرت «رويترز» أن مصر منعت الفلسطينيين من الدخول إلى أراضيها من قطاع غزة أمس الثلاثاء على خلفية سحب الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية من معبر رفح الحدودي وتولي موظفين من «حماس» إدارة المعبر. وأوضحت الوكالة أن الخلاف الدائر حول المعبر جزء من الخلاف الأكبر بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنوات بعد حرب أهلية وجيزة.
وتولى موظفون من السلطة الفلسطينية إدارة المعابر الحدودية لقطاع غزة مع إسرائيل ومصر عام 2017 وهي الخطوة التي أسهمت بقدر كبير في فتح معبر رفح أمام حركة السفر في الاتجاهين. وجاءت هذه الخطوة بعد وساطة مصرية قادت إلى التوصل إلى اتفاق مصالحة بين «فتح» و«حماس»، وهو الاتفاق الذي يعاني من التعثر منذ ذلك الحين.
وأعلنت السلطة الفلسطينية يوم الأحد سحب جميع موظفيها من معبر رفح واتهمت حركة «حماس» بإعاقة عملهم واعتقال بعضهم. وكان المعبر يعمل بشكل يومي منذ مايو (أيار)، وذلك بعدما كان يفتح بشكل متقطع لسنوات كثيرة. ونقلت «رويترز» عن مسؤول فلسطيني لديه اتصالات وثيقة بمصر إن القاهرة قررت فتح معبر رفح فقط أمام الفلسطينيين العائدين إلى قطاع غزة وذلك بعد سحب موظفي السلطة الفلسطينية. وأضاف أن القاهرة تريد «التعبير عن خيبة أملها إزاء تعثر اتفاق المصالحة» المبرم عام 2017. ونسبت «رويترز»، في هذا الإطار، إلى مسؤول مصري في القاهرة قوله إن من غير المتوقع إغلاق معبر رفح بشكل كامل، مضيفاً أن بلاده لن تتخلى عن جهود الوساطة التي تبذلها من أجل المصالحة.
وقال العميد يحيى حماد مدير معبر رفح الذي عينته «حماس» لـ«رويترز» إن موظفيه مستعدون لتشغيل المعبر. وبعد أن تولى موظفو «حماس» مواقعهم، سُمح لجثمان فلسطيني توفي في القاهرة وامرأتين كانتا ترافقانه بالدخول إلى قطاع غزة. وختم الموظفون جوازي سفر المرأتين. ووصلت أيضاً أول حافلة ركاب من القاهرة وكان يُتوقع وصول المزيد من الحافلات في وقت لاحق أمس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».