حملة توقيفات جديدة في صفوف الشرطة في قضية التنصت على إردوغان

زعيم المعارضة يحمل إردوغان مسؤولية نشوء «الكيان الموازي»

صورة وزعتها وكالة أنباء الأناضول لجانب من حملة الاعتقالات  التي شملت ضباط الشرطة في إسطنبول أمس
صورة وزعتها وكالة أنباء الأناضول لجانب من حملة الاعتقالات التي شملت ضباط الشرطة في إسطنبول أمس
TT

حملة توقيفات جديدة في صفوف الشرطة في قضية التنصت على إردوغان

صورة وزعتها وكالة أنباء الأناضول لجانب من حملة الاعتقالات  التي شملت ضباط الشرطة في إسطنبول أمس
صورة وزعتها وكالة أنباء الأناضول لجانب من حملة الاعتقالات التي شملت ضباط الشرطة في إسطنبول أمس

أوقفت السلطات التركية الثلاثاء عشرات الشرطيين المتهمين بالتنصت بصورة غير شرعية على اتصالات رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان والمقربين منه، قبل خمسة أيام من الانتخابات الرئاسية. ونقل تلفزيون «إن تي في» الخاص أنه جرى توقيف ما لا يقل عن 33 شرطيا في 14 محافظة تركية في سياق الحملة الحالية في صفوف الشرطة والقضاء المتهمين بتشكيل «دولة موازية» معارضة لحكومة رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ.
وبدأت هذه الحملة الجديدة فجر الثلاثاء في إسطنبول واستمرت خلال النهار في جنوب شرقي تركيا حيث تقيم غالبية كردية وكبرى مدنه ديار بكر، كما أوضحت شبكة «إن تي في» التركية الإخبارية ونقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وأفاد مراسل وكالة الأناضول التركية وفق المعلومات التي حصل عليها، أن الشرطة داهمت في إطار التحقيقات منازل محددة بولايات إسطنبول وأنقرة ووان وماردين، إضافة إلى هكاري، وباطمان وديار بكر وشرناق وبتليس، فضلا عن بينغول وإيغدير وأغري وشانلي أورفا وقهرمان مرعش، حيث أوقفت على إثرها 28 شخصا من أصل 33 صدر بحقهم قرار توقيف، بينهم 12 مفتشا، و12 مساعد مفتش، وشرطي متقاعد، في حين تتواصل العملية الأمنية من أجل إلقاء القبض على الأشخاص الخمسة الباقين.
وكانت قوات أمنية، ترتدي زي مديرية مكافحة الجريمة المنظمة، اصطحبت، صباح اليوم (أمس)، عددا من الموقوفين، إلى مستشفى «هاسكي»، في إسطنبول، وأجري لهم الكشف الطبي.
وكانت النيابة العامة في إسطنبول، قد بدأت تحقيقين منفصلين، في قضيتي «التجسس»، و«التنصت غير المشروع»، أوقفت في إطارهما العشرات من منسوبي الأمن، بينهم رؤساء مديريات أمن سابقين، وأصدرت المحكمة قرارات باعتقال عدد منهم، في حين أطلقت سراح آخرين.
ووجهت النيابة العامة للموقوفين سبع تهم مختلفة، بينها «محاولة الإطاحة بحكومة الجمهورية التركية بالقوة، أو منعها من أداء مهامها جزئيا، أو كليا».
وتأتي هذه الاعتقالات قبل أيام من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التركية المرتقبة الأحد والتي تجرى للمرة الأولى بالاقتراع العام المباشر.
ويعد إردوغان مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، الأوفر حظا في الانتخابات ويمكن أن يفوز، بحسب استطلاعات الرأي، اعتبارا من الدورة الأولى الأحد.
في الأسبوع الماضي وجهت التهم إلى 31 شرطيا خصوصا بتهمة «تشكيل وإدارة عصابة إجرامية» وسجنوا في إطار هذه القضية بعد حملة اعتقالات أولى طالت نحو مائة شخص.
وتتهم الحكومة كل هؤلاء بأنهم مقربون من حركة الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة. ويتهم إردوغان حليفه السابق بالتدخل في شؤون الشرطة والقضاء وبالتآمر لتدبير فضيحة فساد من أجل إطاحة حكومته قبل الانتخابات المحلية في مارس (آذار).
وجرى الحصول على عناصر الاتهام الأساسية ضد رئيس الوزراء وحكومته من خلال التنصت على محادثات هاتفية لهم ونشر مضمونها على شبكات التواصل الاجتماعي.
ونفى إردوغان بشكل قاطع جميع الاتهامات بحقه، وأقال آلاف الشرطيين والمدعين الذين يشتبه في تقربهم من غولن.
وأكد رئيس الوزراء، الجمعة، أن التحقيق الذي يطال أنصار غولن سيوسع موضحا أنه لن يقبل اعتذاراتهم طالما هو في منصب رئيس الوزراء.
وندد رئيس حزب المعارضة الرئيس، حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو أمس بالأجندة السياسية لحملة التوقيفات الثانية هذه في صفوف الشرطة.
وصرح أمام الصحافة «في حال وجود (دولة موازية) فعلا، فينبغي تحميل من يقود البلاد مسؤوليتها» (في إشارة إلى إردوغان). وأضاف «إردوغان يعتقد أن الشعب سينسى (اتهامه بالفساد) بسبب الانتخابات. لكنه لن ينفد منها».
وعن سؤال عما إذا كانت أحزاب المعارضة ستطلب دعما لمرشحها التوافقي أسوة بإردوغان الذي طلب الدعم المالي من الشعب لحملته للانتخابات الرئاسية، أجاب كيليتشدار أوغلو: «لماذا طلب إردوغان هذا الدعم يا ترى؟ هو يملك الكثير من الدولارات واليوروهات والليرات التركية. ويقف إلى جانبه رجال أعمال يرهقون كاهل الشعب».
وغادر غولن البالغ 72 عاما تركيا إلى بنسلفانيا في شرق الولايات المتحدة في 1999 فارا من اتهامات بالقيام بأعمال معادية للعلمانية. وهو يقيم هناك مذاك ويدير حركة اجتماعية دينية نافذة تشمل عدة ملايين من الأعضاء الذي يتولون مناصب نفوذ في الشرطة والقضاء في تركيا.
في رسالة فيديو نشرت الثلاثاء على عدة مواقع على الإنترنت نفى غولن مجددا أي تآمر على الحكومة التركية ورئيسها.
وقال غولن «لعن الله (...) كل الذين يشكلون عصابة أو زمرة أو يريدون إيذاء هذا البلد، أيا كانوا».
من جهة أخرى استمرت، أمس، اجتماعات المجلس العسكري الأعلى التركي، التي بدأت أول من أمس، في مقر هيئة الأركان بالعاصمة أنقرة، برئاسة رئيس الوزراء.
وتناولت اجتماعات أمس ترفيع الضباط من رتب جنرال وأميرال وعقيد إلى رتب أعلى، وتمديد فترات عمل بعض الجنرالات والأميرالات، وإجراءات الإحالة على التقاعد. كما درست الاجتماعات حالات منتسبي القوات المسلحة التركية، الذين سيسرحون منها لأسباب تتعلق بعدم الانضباط أو لدواع أخلاقية، فضلا عن قضايا أخرى تتعلق بالقوات المسلحة.
ومن المقرر عرض القرارات المتخذة في اجتماعات المجلس العسكري الأعلى على رئيس الجمهورية، عبد الله غل اليوم للمصادقة عليها، ثم الإعلان عنها.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.