استياء مصري من «سي بي إس» الأميركية: تلاعبت سياسياً بحوار السيسي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2018 بنيويورك خلال حوار مع برنامج «60 دقيقة» الأميركي (صورة من شبكة CBS)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2018 بنيويورك خلال حوار مع برنامج «60 دقيقة» الأميركي (صورة من شبكة CBS)
TT

استياء مصري من «سي بي إس» الأميركية: تلاعبت سياسياً بحوار السيسي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2018 بنيويورك خلال حوار مع برنامج «60 دقيقة» الأميركي (صورة من شبكة CBS)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر 2018 بنيويورك خلال حوار مع برنامج «60 دقيقة» الأميركي (صورة من شبكة CBS)

أبدى برلمانيون مصريون استياءهم مما وصفوه بـ«تلاعب سياسي» أقدمت عليه شبكة «سي بي إس» الأميركية بحق حوارها مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تم بثه عبر برنامج «60 دقيقة»، مساء أول من أمس، وعدّوا أن «المقابلة لم تتضمن ما يُشين لتطلب مصر عدم إذاعتها».
وقبيل إذاعة الحوار، قالت القناة الأميركية: إن «الحكومة المصرية طلبت عدم بث اللقاء مع السيسي»، وعنونت قصتها التمهيدية بشأن كواليسه بـ«كيف حاولت مصر وأد مقابلة 60 دقيقة؟».
وخلال اللقاء، وجّه مقدم البرنامج، سؤالاً للسيسي، عما إذا كان التعاون الجاري بين مصر وإسرائيل هو الأعمق والأقرب؟... فأجاب الرئيس: «هذا صحيح»، وزاد: إن «القوات الجوية في بعض الأحيان تحتاج إلى العبور إلى الجانب الإسرائيلي؛ ولذلك لدينا تنسيق موسع مع الإسرائيليين».
وزير الخارجية المصري الأسبق، وعضو مجلس النواب، محمد العرابي، قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «لقاء الرئيس في المحطة الأميركية لم يخرج عن النقاط الأساسية التي يتم إثارتها في وسائل الإعلام الغربية منذ عام 2013، التي تدور حول فض اعتصام رابعة، فضلاً عن الحديث عن السجناء، وهي أمور كلها ليست جديدة فيما يتعلق بإثارتها بحق مصر وردت عليها مؤسسات رسمية مختلفة في محافل عدة، وهذا يؤكد أن الحكومة المصرية لم تكن في حاجة إلى طلب عدم إذاعة الحوار».
ورأى العرابي، أن القناة مارست «تلاعباً سياسياً للترويج للقاء، ومحاولة جذب اهتمام قطاع أكبر من المشاهدين له، والإيحاء بأنه تضمن ما يمكن أن يكون محرجاً للسيسي، غير أن المقابلة الكاملة أظهرت أن إجابات الرئيس المصري، جاءت موفقة ومتماسكة وتتسق مع سابق تصريحاته بشأن القضايا ذاتها في أكثر من ظهور علني أو لقاء صحافي».
والمقابلة التي أثارت الجدل، كان السيسي أجراها في سبتمبر (أيلول) الماضي، على هامش زيارته إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري، طارق الخولي، قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «محاولة إضفاء حالة من الاهتمام بالحوار من قِبل (سي بي إس)، والترويج بأنه لقاء طلبت مصر عدم إذاعته أوحى بأنه سيتضمن ما يُشين»، وأوضح أنه وبعد متابعته للقاء وردود الفعل بشأنه في مستويات مختلفة يعتقد أن «الحالة انقلبت إلى العكس، وباتت القناة مادة للسخرية من قبل المتخصصين؛ إذ لم يتضمن شيئاً جديداً».
وزاد الخولي: إن «ما تصور البعض أنه سيكون أسئلة محرجة للرئيس أو إجابات غير موفقة، كما روّجت بعض وسائل الإعلام الداعمة لجماعة الإخوان، تحقق عكسه تماماً على ما ظهر في رد السيسي على سؤال بشأن أسباب تأخر مصر في القضاء على الإرهابيين في سيناء رغم تلقي مليار دولار من المعونة العسكرية الأميركية سنوياً؟... فجاء رد الرئيس بسؤال مضاد: ولماذا لم تستطع أميركا القضاء على الإرهاب في أفغانستان بعد 17 سنة وإنفاق مليار دولار؟».
وبحسب ما أفاد رئيس تحرير صحيفة «الدستور» اليومية المصرية الخاصة، محمد الباز، في تقرير نشره بشأن المقابلة، أمس، نقلاً عن من وصفه بـ«مسؤول مصري كبير»، فإن «مصر حاولت بالفعل عدم إذاعة الحوار (...) فقد رأينا (المسؤول) أنه ليس من اللائق أن تسجل القناة حواراً مع رئيس الجمهورية وتتأخر إذاعته لما يقرب من أربعة شهور، وبخاصة أنهم لم يقدموا سبباً مقنعاً للتأخير».
وشرح الباز نقلاً عن مصدره، أن القناة «طلبت من السفير المصري في واشنطن ياسر رضا، ترتيب مقابلة مع الرئيس المصري، تذيعه القناة بمناسبة 50 عاماً على إذاعة أولى حلقات برنامج (60 دقيقة) فقد بدأ في سبتمبر 1968... لكن المفاجأة أن الحوار تأخرت إذاعته ما يقرب من أربعة أشهر، دون أن تبدي القناة أسباباً مهنية، أو حتى سياسية لذلك».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.