موسكو على خط الاتصالات للإفراج عن هنيبعل القذافي

بطلب من سيف الإسلام واستكمالاً للضغوط السورية على لبنان

هنيبعل القذافي
هنيبعل القذافي
TT

موسكو على خط الاتصالات للإفراج عن هنيبعل القذافي

هنيبعل القذافي
هنيبعل القذافي

دخلت روسيا، للمرة الأولى، على خط الاتصالات في ملف هنيبعل معمر القذافي، الذي يضغط النظام في سوريا للإفراج عنه، بعد أكثر من ثلاث سنوات من توقيفه احتياطياً في لبنان، بتهمة إخفاء معلومات عن اختفاء مؤسس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته لليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة لملف توقيف القذافي الابن، أن موسكو قررت التحرك بناء على طلب من سيف الإسلام القذافي شقيق هنيبعل، الذي يقيم حالياً في منطقة جبلية في ليبيا، بحماية مجموعات من القبائل المؤيدة له.
وكشفت المصادر أن سيف الإسلام الذي «يقيم علاقة جيدة، ولو بالمراسلة، مع موسكو»، أوفد ممثلين عنه إلى العاصمة الروسية، طلبوا من المسؤولين فيها التدخّل للإفراج عن شقيقه الموقوف في لبنان؛ خصوصاً أنه أوقف بتهمة كتم المعلومات التي يعاقب عليها القانون بالسجن 3 سنوات كحد أقصى، فيما المدة التي قضاها موقوفاً لدى «شعبة المعلومات» التابعة لقوى الأمن الداخلي، تجاوزت فترة العقوبة القصوى.
ويتلازم التحرك الروسي مع الضغط الذي يمارسه النظام في سوريا للإفراج عن القذافي الابن. وقالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، إن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كان قد نقل رسالة في هذا الخصوص إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إضافة إلى أن إبراهيم التقى هنيبعل القذافي في مقر توقيفه، في سجن «شعبة المعلومات».
ويتابع اللواء إبراهيم تحرّكه بعيداً عن الأضواء، فيما تحدثت مصادر سياسية إلى «الشرق الأوسط»، عن أن الجهود تكثّفت لإيجاد مخرج يدفع باتجاه الإفراج عن القذافي الابن، للحاق بعائلته (زوجته اللبنانية إلين سكاف وأولاده الثلاثة) التي كانت تقيم معه في دمشق يوم اختُطف منذ أكثر من 3 سنوات من سوريا إلى لبنان، ولم تتمكن حتى الساعة من مقابلته؛ لكنها تتواصل معه من حين إلى آخر.
ولفتت المصادر إلى أن مسؤولين لبنانيين استجابوا لرغبة موسكو «وأجروا اتصالات بقيت طي الكتمان، للاستفسار عن الأسباب الكامنة وراء استمرار توقيف القذافي الابن، الذي طلب من محاميه الذين تناوبوا للدفاع عنه، التنحّي»، وهم يعتقدون كما قال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» أن قضيته «سياسية بامتياز»؛ خصوصاً أن المحقق العدلي في جريمة إخفاء الصدر لم يحقق معه منذ أكثر من سنة، وبالتالي لم يصدر قراره الظني، مع أن القاضي كان قد ادعى عليه بتحقير القضاء وأُحيل ملفه إلى قاضٍ بادر إلى ردّه، وبعدها أُحيل ثانية إلى محكمة الاستئناف في جزاء بيروت، التي حكمت عليه فيها قاضية في حينه بالسجن، إضافة إلى حكم صدر عن قاضية أخرى بالسجن أيضاً، بجرم خطف اللبناني حسين حبيش في طرابلس، بغية الضغط على القضاء للإفراج عنه.
وكان النائب السابق حسن يعقوب، ابن الشيخ محمد يعقوب، الذي اختفى مع الإمام الصدر، والصحافي عباس بدر الدين، وراء استدراج هنيبعل القذافي من دمشق إلى لبنان، تمهيداً لخطفه، ما أغضب دمشق؛ لأن هنيبعل بضيافتها، وكان قد وصلها مع أفراد عائلته من الجزائر طالباً منحه اللجوء السياسي. وأُوقف يعقوب بناء على إشارة من القضاء اللبناني وخضع وعدد من مرافقيه وأقاربه للتحقيق على يد «شعبة المعلومات»، ثم أُفرج عنه بعد سبعة أشهر بسند كفالة.
ويؤكد فريق الدفاع عن القذافي الابن، أنه «لم يثبت عليه أي جرم يُدرج على خانة كتم معلومات، باعتبار أن عمره كان أقل من عامين» عندما ارتكب القذافي الأب جريمة إخفاء الصدر. وأشار محامٍ من الفريق إلى أن هنيبعل «علم للمرة الأولى بالجريمة عام 1997 عندما كان يمضي إجازته في المغرب، إضافة إلى أنه لم يكن يبحث في الشأن السياسي مع والده، رغم أنه كان يلتقيه باستمرار».
لكن رغم الدخول الروسي على خط الاتصالات في هذا الملف، فإن رئيس البرلمان نبيه بري الذي يعتبر «حامل الأمانة»، ويقود شخصياً حملة الكشف عن مصير الصدر ومعه عائلته «لا يستطيع التدخل للإفراج عن هنيبعل، أو أن يعطي الضوء الأخضر لتركه طليقاً ولو بالواسطة، لما لهذه الجريمة من حضور شعبي كبير في الوجدان الشيعي، وأيضاً لدى السواد الأعظم من الطوائف اللبنانية الأخرى، وبالتالي ينأى بنفسه عن التدخّل ويترك الأمر بيد القضاء، لعل الاتصالات الجارية تتوصل إلى قناعة بأن لا علاقة مباشرة أو غير مباشرة للقذافي الابن بجريمة إخفاء الصدر، على يد نظام كان يتزعّمه والده»، بحسب مصادر لبنانية.
يعني هذا أن على القذافي الابن الانتظار، آملاً في إنهاء توقيفه الاحتياطي وعودته إلى عائلته «وهو في حالة نفسية سيئة»، بحسب محامٍ من محاميه السابقين، كشف عن أنه حاول التواصل مع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون «من خلال تسطير رسالة له يشرح فيها الوضع الذي هو فيه؛ لكن تعذّر ذلك حتى الساعة، مع أنه كان قد تعرّف عليه عندما زاره في منفاه في هوت ميزون، في ضاحية باريس، يوم أُبعد إليها من لبنان».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.