جهود سياسية مكثفة لحسم ما تبقى من حكومة عبد المهدي

تسبق جلسة البرلمان العراقي اليوم

TT

جهود سياسية مكثفة لحسم ما تبقى من حكومة عبد المهدي

يعقد البرلمان العراقي، اليوم، أولى جلساته في العام الجديد بعد عطلة رأس السنة وأعياد الميلاد على وقع استمرار أزمة استكمال تشكيل الحكومة. وفيما ينتظر تأدية اليمين القانونية لوزيري الهجرة والمهجّرين نوفل بهاء موسى، والتربية شيماء الحيالي، فإن الاعتراضات على تمرير الأخيرة ما زالت مستمرة في وقت لم يبتّ عبد المهدي في استقالتها بعدُ على أثر ظهور الفيديو الخاص لتنظيم داعش الذي يظهر فيه أحد أشقائها، فضلاً عن تقديم زوجها التوبة للتنظيم بعد احتلاله الموصل عام 2014.
في الوقت نفسه لا تزال مواقف الكتل من مرشحي الوزارات الثلاث المتبقية (الدفاع والداخلية والعدل) مثلما هي. فبينما لا تزال كتلة البناء تصر على تمرير مرشحها للداخلية فالح الفياض، فإن الخلاف السني - السني لا يزال مستمراً هو الآخر بشأن المرشح البديل لوزارة الدفاع بعد فشل ائتلاف الوطنية في تمرير مرشحه فيصل الجربا بالتصويت داخل قبة البرلمان، بينما يستمر السجال بين الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) بشأن حقيبة العدل.
إلى ذلك، بحث رئيس تحالف الإصلاح والإعمار، عمار الحكيم، مع رئيس الجمهورية برهم صالح، أزمة استكمال الكابينة الحكومية. وقال بيان رئاسي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن صالح أكد خلال اللقاء أن «الاستحقاقات الدستورية للمرحلة المقبلة وما تشهده المنطقة من تطورات تتطلب توحيد الرؤى والأفكار بين القوى السياسية العراقية، والعمل بروح وطنية لتحقيق آمال وتطلعات العراقيين». وأضاف أنه «جرى خلال اللقاء بحث آخر مستجدات الأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، وأهمية دعم البرنامج الحكومي من أجل النهوض بواقع الخدمات والبنى التحتية للبلد لتحقيق ما يصبو إليه المواطنون، فضلاً عن مناقشة ما آلت إليه مشاورات الكتل السياسية لاستكمال ما تبقى من التشكيلة الوزارية».
في السياق نفسه، ناقش الحكيم مع كلٍّ من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، والأسبق إياد علاوي الأزمة السياسية الراهنة. وقال بيان لمكتب الحكيم إن الزعماء الثلاثة ناقشوا أهمية «دعم الحكومة في تنفيذ برنامجها التنموي والخدمي، وأهمية تكليف وزراء أكْفاء يمتازون بالنزاهة والكفاءة والقدرة على الإدارة، وأكدوا أهمية هذا الأمر». كما وجهوا «الدعوة إلى جميع الكتل السياسية لتحمل مسؤولياتها لإنهاء حالة الانسداد السياسي». كما أكدوا «أهمية انفتاح تحالف الإصلاح والإعمار على الساحة السياسية الوطنية لا سيما كتلة البناء، وكذلك أهمية توحيد الرؤى حول القضايا التي تصب في المصلحة الوطنية العليا».
من جهته، أكد قيادي في كتلة البناء لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن «هناك حواراً سياسياً بشأن الخروج من أزمة وزارة الداخلية لكن مخرجاته لا تزال غير مكتملة حتى الآن رغم استئناف البرلمان جلساته». وأضاف أن «الطرف الآخر (في إشارة إلى كتلة الإصلاح) لم يقدم بديلاً يقنع (البناء) بسحب مرشحها للداخلية فالح الفياض، سوى وجود موقف شخصي خصوصاً أن الرجل مكلف الآن بملفات مهمة عبر ثلاثة مناصب يتولاها (رئاسة الحشد الشعبي، رئيس جهاز الأمن الوطني، مستشار الأمن الوطني) منذ مدة طويلة ولم يؤشَّر عليه خلل في الأداء». وبيّن القيادي في «البناء» أن «كتلتنا تريد اتباع كل الخيارات التي من شأنها عدم توتير الجو السياسي وذلك من خلال عرضه على التصويت داخل البرلمان أسوة بسواه من المرشحين بحيث يتقرر مصيره من خلال قناعات النواب».
إلى ذلك، أكد برهان المعموري عضو البرلمان العراقي عن كتلة سائرون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «موقف كتلتنا لم يتغير حيال المرشحين لأننا لم ننطلق من مواقف شخصية مثلما يصوّر البعض بل نحن نتعامل مع معايير لا يمكن التنازل عنها». وأضاف المعموري أن «موقف (سائرون) لا يتعلق بشخوص المرشحين بقدر ما يتعلق بما تم الاتفاق عليه حين تم تشكيل الحكومة بدءاً من اختيار رئيس الوزراء ومن ثم التصويت على الدفعة الأولى من الكابينة الحكومية». ورداً على سؤال بشأن الموقف من وزيرة التربية شيماء الحيالي بشأن أدائها اليمين الدستورية من عدمه بعد ظهور الفيديو الخاص بشقيقها، يقول المعموري إنه «من الصعب تأديتها اليمين بعد الذي حصل، وهناك طرق قانونية تمنع ذلك، والأهم أنه بات من الصعب عليها قيادة الوزارة في ظل ما تم نشره والتعامل معه».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة تمدن أحمد الجبوري، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من المستبعد أن يتم عرض ما تبقى من وزراء خلال جلسة الثلاثاء (اليوم) بسبب استمرار الخلافات السياسية». وأضاف الجبوري أن «المحصلة النهائية هي أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فشل في إكمال كابينته الحكومية كما أن طريقة العمل بالتقسيط أمر أصبح مملاً وبات مؤشراً على ما هو أخطر من ذلك وهو تجاوز الكتلة الأكبر والتي تعد مخالفة دستورية واضحة ندفع ثمنها جميعاً اليوم».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».